«القوات الكردية الخاصة» تستعد لاقتحام حي السرب في منبج

150 مقاتلاً من «داعش» يحتجزون ألفي مدني في المدينة.. ويعيقون تقدم «سوريا الديمقراطية»

مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينادي على رفاقه في الدورية التي تجوب شوارع منبج بريف حلب حيث تدور معارك مع «داعش» منذ مايو الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينادي على رفاقه في الدورية التي تجوب شوارع منبج بريف حلب حيث تدور معارك مع «داعش» منذ مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«القوات الكردية الخاصة» تستعد لاقتحام حي السرب في منبج

مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينادي على رفاقه في الدورية التي تجوب شوارع منبج بريف حلب حيث تدور معارك مع «داعش» منذ مايو الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينادي على رفاقه في الدورية التي تجوب شوارع منبج بريف حلب حيث تدور معارك مع «داعش» منذ مايو الماضي (أ.ف.ب)

ينشغل مقاتلو «مجلس منبج العسكري» منذ أيام بعمليات خاصة ينفذونها بمسعى لتحرير أكبر عدد من المدنيين الذين يحاصرهم تنظيم داعش في حي السرب في مدينة منبج، وهو آخر جيب من المنتظر أن تقتحمه القوات الكردية الخاصة بمكافحة الإرهاب YAT قبل منتصف الشهر الحالي للإعلان عندها عن السيطرة على كامل المدينة.
وكشفت نوروز كوباني، من المكتب الإعلامي لوحدات حماية المرأة YPJ عن احتجاز 150 عنصرا من التنظيم المتطرف نحو 2000 مدني في حي السرب الواقع على طريق جرابلس داخل منبج، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وصول «قوات الاقتحام الخاصة بمكافحة الإرهاب» يوم الاثنين والتي ستعمد بدعم من التحالف الدولي إلى اقتحام الحي لوضع حد نهائي لآخر جيب للتنظيم داخل المدينة.
وتضم هذه القوات «نخبة من وحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية المدربة على يد التحالف الدولي»، بحسب نوروز التي اعتبرت أنّه لن يكون أمام عناصر التنظيم إلا «الموت قتلا أو الوقوع بالأسر»، مرجحة أن «يتم تحرير منبج بالكامل قبل منتصف الشهر الحالي».
وتتحدث نوروز عن وجود «كتيبة خاصة من الأجانب الذين يلتحقون بقواتنا ومنهم أميركيين وفرنسيين ومن جنسيات أخرى شاركوا بحملة الشدادي وتل أبيض والخأبور واستشهد عدد منهم، أسترالي وأميركي ومصري»، لافتة إلى أن هؤلاء يشاركون كذلك بحملة منبج التي انطلقت في 31 مايو (أيار) الماضي.
بدوره، لفت مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ناصر الحاج منصور إلى وجود جيوب لـ«داعش» في مركز المدينة وشمالها على مساحة لا تتعدى الـ10 في المائة من مجمل مساحة منبج، مشيرا إلى أن التنظيم «يتخذ من المدنيين دروعا بشرية وهو يقتل كل من يحاول الفرار، وقد قتل حتى الساعة نحو 10 أشخاص». وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»: «عمليات إنقاذ المدنيين مستمرة وهي عمليات نوعية نقوم بها نسعى من خلالها لفتح فجوات وممرات آمنة تسمح بفرارهم بعدما لم تلق المبادرة التي تقدمنا بها أخيرا لجهة السماح بخروج عناصر التنظيم مقابل السماح بإجلاء المدنيين والإفراج عن السجناء آذانا صاغية لديه».
واعتبر منصور أنه «لا إمكانية لتحديد موعد انتهاء العمليات العسكرية في منبج بالكامل وإعلانها محررة»، لافتا إلى أن ذلك «مرتبط تماما بالقدرة على تأمين حماية المدنيين. وعن مرحلة ما بعد السيطرة على المدينة، أوضح منصور أن قوات مجلس منبج العسكري ستتولى حماية المدنيين والدفاع عنها، فيما يتولى مجلس منبج المدني إدارتها، على أن يتم إنشاء مجلس جديد يضم الفعاليات الاجتماعية والسياسية للمدينة.
ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن مصدر عسكري من «قوات سوريا الديمقراطية» أن «عناصر تنظيم داعش باتوا يسيطرون فقط على أجزاء المربع الأمني الذي يوجد فيه مركز الحسبة ومعهد البنات الشرعي والمركز الثقافي ومشفى الأمل، إضافة إلى حيين فقط في الجهة الشمالية وهما السرب والجورة ومدرسة الزراعة التي تقع على طريق جرابلس»، لافتة إلى أن «الاشتباكات حاليا تتمركز على أطراف حيي الجورة والسرب، مع تحلق لطيران التحالف الدولي».
وأشار أحد مقاتلي مجلس منبج العسكري إلى أنه «لا يزال هناك عدد كبير من المدنيين محاصرين لدى تنظيم داعش في حي السرب، ويحاول مجلس منبج العسكري تحريرهم»، موضحًا أن التنظيم المتطرف «منع الغذاء عنهم، والمدنيين الباقين في المنطقة يعتمدون على غذاء سبق أن أمنوه قبل حصار المدينة».
وفي تقرير عرضته قناة «سي إن إن» الأميركية من داخل منبج، ظهر داميان، وهو مقاتل فرنسي في «قوات سوريا الديمقراطية» يقول إنه جاء ليقاتل عناصر «داعش»، «لأنهم موجودون في فرنسا أيضًا، ولأنهم عدو مشترك. إنهم عدو لنا في فرنسا أيضا». كما تحدث مراسل القناة إلى مقاتل آخر من «سوريا الديمقراطية» عرض أمام الكاميرا عددا من القنابل والألغام، وقال إن عناصر «داعش» كانوا يستخدمون في الغالب «ألغامًا مصنوعة يدويًا، ولأننا حاصرناهم لم تتبق أي مواد صناعية. لم يبق عندهم شيء. حتى إنهم استخدموا أباريق الشاي لصناعة الألغام. وهذا أيضًا حزام من أجل المواد المتفجرة.. يضعون الحزام المليء بالمتفجرات حول أنفسهم».
وتُعد منبج مركزًا استراتيجيًا ولوجيستيًا لـ«داعش»، فهي تقع تقريبًا في المنتصف بين الحدود التركية ومدينة الرقة التي أعلنها التنظيم عاصمة له. لذلك تعني السيطرة على البلدة تضييق الخناق على الإمدادات من الأسلحة والمقاتلين إلى التنظيم المتطرف.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.