ناشطو الغوطة الشرقية يضغطون على الفصائل للتوحد أمام تمدد النظام

الخلافات بين الفصائل معقدة.. والتوتر الأمني يصل إلى محاولة اغتيال قيادي

ناشطو الغوطة الشرقية يضغطون على الفصائل للتوحد أمام تمدد النظام
TT

ناشطو الغوطة الشرقية يضغطون على الفصائل للتوحد أمام تمدد النظام

ناشطو الغوطة الشرقية يضغطون على الفصائل للتوحد أمام تمدد النظام

يضغط ناشطو وإعلاميو الغوطة الشرقية لدمشق على فصائلها للتوحد، بهدف وضع حدّ للانقسام الذي أدى إلى خسارة مناطق واسعة في جنوب الغوطة، أثر تقدم قوات النظام إليها قبل ثلاثة أشهر، ويتواصل مع محاولات النظام قضم مناطق أخرى في الغوطة، كان آخرها السيطرة على منطقة حوش الفأرة أمس في الغوطة، ومحاولة اقتحام دوما، معقل المعارضة في الغوطة، أمس.
وقال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلاميين في الغوطة الشرقية، تقدموا قبل ثلاثة أيام بمبادرة جديدة للضغط على الفصائل العسكرية الموجودة فيها، للتوحد، موضحًا أن المبادرة «تضمنت التواصل مع قادة الفصائل في الغوطة، ومطالبتهم بالتوحد تلبية للمطلب الشعبي الذي تمثل بمظاهرات خرجت لحثهم على التوحد». وأشار إلى أن المبادرة «لم تحقق شيئا حتى الآن، بالنظر إلى أن الشروخ بين الفصائل كبيرة، وتتخطى ربما المساعي لتجاوزها بسهولة، لكن المطالب مستمرة للضغط عليهم بهدف التوحد، وتوحيد الجهود لقتال قوات النظام التي تقتحم مناطق الغوطة شيئا فشيئًا». وأضاف: «لا يبدو الأمر سهلاً. فحين خسرنا الجهة الجنوبية من الغوطة، لم يضغط الحدث على الفصائل للتوحد، أما الآن فإن الخلافات تتعقد أكثر، لكن المحاولات مستمرة».
ونظمت رابطة الإعلاميين في الغوطة الشرقية مؤتمرا الأسبوع الماضي، للتعريف بمبادرة «الجيش الواحد» بحضور عدد من المؤسسات والفعاليات المدنية وقائد «جيش الإسلام»، وتدعو الرابطة لتشكيل جيش موحد ليكون قادرا على تخطيط وقيادة وتنفيذ الأعمال القتالية المسندة وتحقيق النصر وحسم المعركة بدخول دمشق وتحقيق هدف الثورة في إسقاط نظام الأسد. وهدف المؤتمر التعريف بمبادرة الجيش الواحد والوقوف على أهداف هذا المشروع وآليات تشكيله، وحضر في المؤتمرين المجلس العسكري لدمشق وريفها.
غير أن التوحد يبدو معقدًا في هذه الظروف، في ظل توترات أمنية تلف الغوطة التي توجد فيها أربع فصائل رئيسية هي «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«جيش الفسطاط» و«جبهة النصرة» التي بات اسمها «جبهة فتح الشام» بعد إعلانها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة. وشهدت الغوطة ليل السبت - الأحد خلافًا في عربين بين فصائل الجيش السوري الحر والمدنيين الموجودين في المدينة، وصلت إلى حد إطلاق النار بين الطرفين، أعقبتها مظاهرة خرجت في وقت متأخر من ليل السبت، وتخللها هجوم على المجلس المحلي في المنطقة.
وتشهد غوطة دمشق الشرقية توترًا منذ نحو 4 أشهر، بين جيش الإسلام من طرف، وفيلق الرحمن وجبهة فتح الشام وفصائل بجيش الفسطاط من طرف آخر، وتصاعد هذا التوتر خلال الأيام الفائتة بين فيلق الرحمن ومواطنين في مدن وبلدات يسيطر عليها فيلق الرحمن بغوطة دمشق الشرقية.
ويتفاقم الوضع الأمني في الغوطة، مع توترات أمنية تتنقل في بلداتها. فقد نجا القيادي في فيلق الرحمن ‏عبد الناصر شمير المعروف باسم «أبو النصر» أمس، من محاولة اغتيال عبر استهداف مسلحين ملثمين اجتماع أمني كان يضم قادة الفيلق في الغوطة الشرقية. وقال وائل علوان المتحدث باسم «فيلق الرحمن» في تصريح لقناة «أورينت» نشرته على موقعها الإلكتروني، إن مجموعة مسلحة استهدفت اجتماعًا لقادة فيلق الرحمن يرأسه أبو النصر في مدينة حمورية، وبعد اشتباكات مع المجموعة المسلحة تعرض أحد قادة الفليق لإصابة بجروح طفيفة وتم إلقاء القبض على عدد من منفذي الهجوم.
في السياق ذاته، أشار ناشطون إلى أن الاجتماع كان يضم مجموعة من قادة فيلق الرحمن وجيش الإسلام بخصوص تشكيل «الجيش الواحد»، وبعد خروج قادة جيش الإسلام بدقائق هاجم مسلحون مكان الاجتماع، ما تسبب بوقوع جرحى.
وتتزامن تلك المحاولات مع مساعي النظام السوري للسيطرة على بلدات ومناطق في الغوطة الشرقية. وقال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «حاول تنفيذ اقتحام على المحور الشمالي الغربي، حيث شهد معارك طاحنة بين النظام وقوات المعارضة»، في حين «حاول النظام اقتحام مدينة دوما حيث تصدت له الفصائل العسكرية في المنطقة».
بالتزامن، ذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية أن قوات النظام سيطرت على بلدة حوش فارة في الغوطة الشرقية بريف دمشق بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة المسلحة، والتقدم إلى أطراف بلدة حوش نصري في الغوطة الشرقية، حيث تم الاستيلاء على عدة نقاط في محيط بلدة حوش نصري.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد صباح أمس، باندلاع معارك عنيفة بين قوات النظام وما يسمى «حزب الله» اللبناني والمسلحين الموالين لها من طرفن ومقاتلي جيش الإسلام من طرف آخر، في أطراف بلدة حوش فارة وأطراف منطقة حوش نصري بغوطة دمشق الشرقية، بالتزامن مع قصف متبادل بين الجانبين على نقاط الاشتباك.
هذا، وشهد محيط منطقة مطار مرج السلطان وصولاً إلى منطقة البحوث الزراعية في منطقة المرج بغوطة دمشق الشرقية، معارك عنيفة بين الطرفين، إثر هجوم عنيف لجيش الإسلام بعد إعلانه عن معارك لاسترداد المناطق التي خسرتها الفصائل في وقت سابق من الأشهر الفائتة على يد قوات النظام.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.