خدمات «واي فاي» الهاتفية تلقى رواجًا في أميركا

هواتف تعتمد عليها بدل الاتصال بالأبراج الخليوية وتوفر الأموال للمشتركين

خدمات «واي فاي» الهاتفية تلقى رواجًا في أميركا
TT

خدمات «واي فاي» الهاتفية تلقى رواجًا في أميركا

خدمات «واي فاي» الهاتفية تلقى رواجًا في أميركا

يملك جهاز «موجه الإشارة» أو «راوتر» الخاص بـ«واي فاي» في منزلك قوة خفية، حيث يمكنه أيضًا توفير خدمة الهاتف الجوال. وفي الواقع، تنتقل معظم حركة مرور بيانات الهاتف الجوال عبر شبكات صغيرة مثل أجهزة «راوتر» «واي فاي»، وليس أبراج الهاتف الجوال الضخمة القائمة بالخارج.

«واي فاي» هاتفية

وقد سارعت شركتا الإنترنت «غوغل» و«باندويدث دوت كوم» إلى تحويل هذه الحقيقة التي يجهلها الكثيرون إلى فرصة تجارية. وتعتمد خدمات الهاتف الجوال التابعة للشركتين على شبكات خاصة بهذه النوعية من الهواتف تستأجرها من الشركات التقليدية العاملة بهذا المجال، لكن حال تمتع شبكة «واي فاي» بقدرة أكبر على الاتصال بالإنترنت، فإن الشركتين تحولان المحادثات الهاتفية عبر الهواتف الجوالة ونقل البيانات إلى الـ«واي فاي» بدلاً من ذلك.
اللافت أنه في معظم الأحوال تتمتع شبكات «واي فاي» بقدرة اتصال أقوى لنقل البيانات. وعليه، فإنه في إطار الصناعة التقنية، يطلق على هذه الخدمات الهاتفية أحيانًا «واي فاي أولاً «Wi - Fi first».
ونظرًا لأن القيام بأعمال أقل عبر أبراج الهاتف الجوال تؤدي بدورها لتقليص التكاليف للمستهلكين، فإن «غوغل» و«باندويدث» تعرضان أسعارا لخدمات الهاتف الجوال تقل عن نصف ما تعرضه الشركات التقليدية الموفرة لهذه الخدمات. تعرف خدمة الهاتف الجوال التابعة لـ«باندويدث» باسم «رببليك وايرليس»، وتوفر مجموعة من الأنظمة، بينها واحد مقابل 25 دولارًا شهريًا مقابل الحصول على عدد لا حدود له من الدقائق والرسائل وواحد غيغابايت من بيانات الهاتف الجوال. أما خدمة «غوغل» للهاتف الجوال والمعروفة باسم «بروجيكت فاي»، فتبلغ تكلفتها 30 دولارًا شهريًا على الأقل مقابل الحزمة ذاتها، ويجري تعويضك عن بيانات الهاتف الجوال التي لا تستخدمها.
في المقابل نجد أن أرخص أنظمة الهاتف الجوال التابعة لـ«إيه تي آند تي» تبدأ أسعارها من 45 دولارًا شهريًا مقابل حزمة تتضمن 300 ميغابايت من البيانات فقط، بينما تفرض «فيريزون» رسومًا بقيمة 50 دولارًا شهريًا مقابل حزمة تتضمن واحد غيغابايت من بيانات الهاتف الجوال.
وبالاعتماد على الأرقام فحسب، ربما يساورك التساؤل حول كيف يمكن للمرء اختيار عدم الاشتراك في خدمة هاتف جوال تعتمد على الـ«واي فاي أولاً»؟ بيد أن هناك الكثير من العوامل الأخرى التي ينبغي وضعها بعين الاعتبار في هذا الصدد، بينها إمكانية الاعتماد على استمرارية الخدمة وسهولة استخدامها ومستوى جودة خدمة العملاء والهواتف التي تعمل مع الشبكات.
وبعد اختبار «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» لمدة بضعة أسابيع ومقارنة أدائها بالخدمات التي توفرها شركات خدمة هاتف جوال تقليدية، خلصت نتيجة مفادها أنها مثالية للعملاء المهتمين بالتكاليف ممن ليسوا بحاجة إلى أحدث وأفضل الأجهزة.

تجربة أميركية

اللافت أن «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» يشتركان في الكثير من العناصر المشتركة، لكن تبقى بعض الاختلافات. كلاهما يعمل فقط مع الهواتف المعتمدة على نظام تشغيل «أندرويد» التابع لـ«غوغل». داخل الولايات المتحدة، يعتمد كلاهما بصورة أساسية على شبكتي «سبرينت» و«تي موبايل» لتغطية الهاتف الجوال. إلا أن خدمات «بروجيكت فاي» تتضمن كذلك تغطية الهاتف الجوال من «يو إس سليولار»، وهي شركة أصغر لخدمات الهاتف الجوال، بجانب شبكات أجنبية بأكثر من 120 دولة.
على خلاف الحال مع الشركات التقليدية بمجال خدمات الهاتف الجوال، والتي تبيع هواتف داخل متاجر تجزئة على أرض الواقع وعبر الإنترنت، فإن كلا من «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» يبيعان هواتفهما بصورة أساسية عبر موقعيهما الإلكترونيين، بجانب موقع «أمازون». إلا أنه بداية من الشهر المقبل، سيتمكن المستهلكون من ضم هواتفهم، بما في ذلك بعض هواتف «سامسونغ» و«موتورولا» و«نيكسس»، إلى هذه الخدمة.
عندما تحصل على هاتف «بروجيكت فاي»، تدمج به بطاقة «إس آي إم» وتفعله من خلال تطبيق «بروجيكت فاي». وبالمثل مع «رببليك وايرليس»، عندما تحصل على الهاتف، تتولى تفعيله من خلال تطبيق «رببليك» الذي من الممكن تنزيله عبر متجر تطبيقات «غوغل».
تعمل كلتا التقنيتين بانسيابية ـ فعندما تبدأ محادثة هاتفية عبر وصلة «واي فاي» ثم تتحرك لخارج النطاق، على سبيل المثال، فإن المحادثة يجري نقلها إلى برج خدمة هاتف جوال قريب.
من جانبي، توليت اختبار «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» داخل مدينتين تتسمان بقدر من الصعوبة بالنسبة للحصول على إشارة هاتف جوال جيد - سان فرانسيسكو وساوث ليك تاهو بكاليفورنيا - وقارنت بين أدائهما عبر هاتف ذكي يعتمد على شبكة «إيه تي آند تي». وقد عمل كل من «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» على نحو جيد وحققا نتائج مبهرة.
وقد أبدى كلاهما قدرة أفضل على التعامل مع الاتصالات الجارية عبر «واي فاي» عن «إيه تي آند تي». وقد حاولت بدء اتصال هاتفي داخل منطقة بها اتصال قوي لـ«واي فاي»، ثم خرجت بعيدًا عن نطاق «واي فاي»، ووجدت أن «إيه تي آند تي» أوقفت المحادثة عندما غادرت نطاق «واي فاي»، بينما استمرت المحادثة مع كل من «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس». وفيما يخص مستوى جودة الصوت، جاء مستوى «بروجيكت فاي» و«رببليك وايرليس» متشابهًا، ولم أستطع تحديد اختلاف واضح بين المكالمة الجارية عبر «واي فاي» أو خدمة هاتف جوال.

* خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات
TT

الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

في العام الدراسي الذي انتهى أخيراً، برزت فئة من المتعلمين مثل لغز ظاهر للعيان... فئة من «المجتهدين»، الذين يتحسنون، ويتحدثون بوضوح بشكل ملحوظ. ولكن من الغريب أن هؤلاء «المتعلمين» - روبوتات الدردشة الذكية - غالباً ما يجاهدون أنفسهم مع الرياضيات.

الأشعار وليس الحساب

يمكن لروبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي» من شركة «أوبن إيه آي» كتابة الشعر، وتلخيص الكتب والإجابة عن الأسئلة، غالباً بطلاقة على مستوى الإنسان.

كما يمكن لهذه الأنظمة إجراء العمليات في الرياضيات، بناءً على ما تعلمته. ولكن النتائج يمكن أن تختلف وتكون خاطئة، إذ يتم ضبط الأنظمة الذكية بدقة لتحديد الاحتمالات، وليس لإجراء حسابات قائمة على القواعد. إن الاحتمال ليس دقيقاً، كما أن اللغة أكثر مرونة وتسامحاً من الرياضيات.

متخصص فنون حرة لا في عبقرية الأرقام

قال كريستيان هاموند، أستاذ علوم الكومبيوتر وباحث الذكاء الاصطناعي في جامعة نورث وسترن: «تواجه روبوتات الدردشة الذكية صعوبة في الرياضيات لأنها لم تُصمم قط للقيام بذلك». يبدو أن أذكى علماء الكومبيوتر في العالم قد ابتكروا ذكاءً اصطناعياً أكثر تخصصاً في الفنون الحرة من عبقرية الأرقام.

في ظاهر الأمر، يبدو هذا بمثابة قطيعة حادة مع ماضي الحوسبة. فمنذ ظهور أجهزة الكومبيوتر المبكرة في أربعينات القرن العشرين، كان التعريف المختصر الجيد للحوسبة هو «الرياضيات القائمة على المنشطات». كانت أجهزة الكومبيوتر آلات حسابية لا تعرف الكلل وسريعة ودقيقة.

وكان تحليل الأرقام لفترة طويلة هو ما تجيده أجهزة الكومبيوتر حقاً، متجاوزة الأداء البشري بكثير. وتقليدياً، كانت أجهزة الكومبيوتر مبرمجة لاتباع قواعد خطوة بخطوة واسترجاع المعلومات في قواعد بيانات منظمة... كانت قوية ولكنها هشة. لذا، اصطدمت الجهود السابقة في مجال الذكاء الاصطناعي بحائط.

الشبكات العصبية

ومع ذلك، قبل أكثر من عقد من الزمان، اخترق نهج مختلف وبدأ في تحقيق مكاسب مذهلة.

التكنولوجيا الأساسية، التي تسمى الشبكة العصبية، مصممة بشكل فضفاض على غرار الدماغ البشري. إذ لا تتم برمجة هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بقواعد صارمة، ولكنه يتعلم من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات. إنه يولد اللغة، بناءً على كل المعلومات التي استوعبها، من خلال التنبؤ بالكلمة أو العبارة الأكثر احتمالاً أن تأتي بعد ذلك - تماماً كما يفعل البشر.

«هذه التكنولوجيا تقوم بأعمال رائعة، لكنها لا تفعل كل شيء»، كما قال هاموند. في بعض الأحيان، تعثرت روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي في حل مسائل حسابية وكلمات رياضية بسيطة تتطلب خطوات متعددة للوصول إلى حل، وهو أمر وثقه أخيراً بعض مراجعي التكنولوجيا.

وبينما تتحسن كفاءة الذكاء الاصطناعي، لكنها تظل تحمل العيوب. في حديثها في ندوة عقدت أخيراً، قدمت كريستين دي سيربو، كبيرة مسؤولي التعليم في أكاديمية خان، وهي مؤسسة تعليمية غير ربحية تجري تجارب على مدرس روبوت دردشة ومساعد تدريس بالذكاء الاصطناعي، موضوع دقة الرياضيات. قالت دي سيربو للمعلمين: «إنها مشكلة، كما يعلم الكثير منكم».

نظام «خانميغو» الذكي التعليمي

ذكاء اصطناعي يستعين بالآلة الحاسبة

قبل بضعة أشهر، أجرت أكاديمية خان تغييراً كبيراً على مدرسها المدعوم بالذكاء الاصطناعي، المسمى «خانميغو (Khanmigo)». يرسل العديد من المسائل الحسابية إلى برنامج الآلة الحاسبة بدلاً من مطالبة الذكاء الاصطناعي بحل مسائل الرياضيات. أثناء انتظار انتهاء برنامج الآلة الحاسبة، يرى الطلاب عبارة «إجراء العمليات الحسابية» على شاشاتهم وأيقونة «خانميغو» تهز رأسها.

قالت دي سيربو، التي تظل متفائلة بأن روبوتات الدردشة التفاعلية ستلعب دوراً مهماً في التعليم: «نحن في الواقع نستخدم أدوات مخصصة لإجراء العمليات الحسابية».

ولأكثر من عام، استخدم «تشات جي بي تي» حلًا مشابهاً لبعض مشاكل الرياضيات. إذ إنه يطلب المساعدة من برنامج الآلة الحاسبة لمهام مثل قسمة الأعداد الكبيرة والضرب.

قالت شركة «أوبن إيه آي»، في بيان، إن الرياضيات «مجال بحثي مستمر مهم»، وهو مجال أحرز فيه علماؤها تقدماً ثابتاً. وأضافت أن نسختها الجديدة من GPT حققت دقة تقرب من 64 في المائة على قاعدة بيانات عامة تضم آلاف المشكلات التي تتطلب الإدراك البصري والمنطق الرياضي. وهذا أعلى من 58 في المائة للإصدار السابق.

غالباً ما تتفوق روبوتات الدردشة التفاعلية عندما تستهلك كميات هائلة من بيانات التدريب ذات الصلة - الكتب المدرسية والتدريبات والاختبارات المعيارية. وقالت الشركة إن نسخة حديثة من التكنولوجيا التي تقوم عليها سجلت المرتبة 89 في اختبار SAT للرياضيات لطلاب المدارس الثانوية.

مناقشات حول توجهات المستقبل

يضيف الأداء غير المنتظم للتكنولوجيا في الرياضيات زخماً إلى نقاش حاد في مجتمع الذكاء الاصطناعي حول أفضل السبل للمضي قدماً في هذا المجال.

وعلى نطاق واسع، هناك معسكران. على الجانب الأول، هناك أولئك الذين يعتقدون أن الشبكات العصبية المتقدمة، المعروفة باسم نماذج اللغة الكبيرة، التي تدعم روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي، تشكل مساراً واحداً تقريباً للتقدم المطرد وفي نهاية المطاف إلى نظم «الذكاء الاصطناعي العام»، artificial general intelligence, AGI، وهو جهاز كومبيوتر يمكنه القيام بأي شيء يمكن للدماغ البشري القيام به. وهذه هي النظرة السائدة في كثير من أنحاء وادي السيليكون.

ولكنّ هناك متشككين يتساءلون عما إذا كان إضافة المزيد من البيانات وقوة الحوسبة إلى نماذج اللغة الكبيرة كافياً. ومن أبرز هؤلاء يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في «ميتا». يقول ليكون إن نماذج اللغة الكبيرة تفتقر إلى المنطق وتفتقر إلى التفكير السليم. ويصر على أن المطلوب هو نهج أوسع، يسميه «نمذجة العالم (world modeling)»، أو أنظمة يمكنها تعلم كيفية عمل العالم مثلما يفعل البشر. وقد يستغرق الأمر عقداً من الزمان أو نحو ذلك لتحقيق ذلك.

قد تكون النماذج الحالية معيبة، لكنها لا تزال تفعل الكثير.

* خدمة «نيويورك تايمز».