إذا كنت تقود سيارتك في إحدى المدن الصينية في المستقبل غير البعيد جدا، ووجدت سيارتك قد أصبحت محاطة بجوف جسم معدني أملس يصدر طنينا، فلا تدع الرعب يتملكك. قد يبدو الأمر وكأنك تتعرض للاختطاف من قبل كائنات فضائية، لكن ربما كان كل ما هنالك أن حافلة ضخمة تمر فوق جانبي الشارع.
كانت فكرة وجود حافلة ضخمة جدا، ومرتفعة وطويلة، يمكنها فعليا أن تمر فوق شارع مزدحم، تبدو كفكرة سريالية عند تقديمها في أحد المعارض في بكين، في مايو (أيار) الماضي. لكنها أضحت أقرب إلى الواقعية هذا الأسبوع، عندما دخل نموذج أولي منها طور التجريب في مدينة كينهوانغداو الساحلية، في شمال الصين.
فقد أعلن صانعو المركبة، المعروفة بـ«حافلة العبور المرفوعة»، عن نجاح إجراء تجربة تسيير للمركبة لبضع مئات من الياردات في أحد الشوارع يوم الثلاثاء، لكن من الصعب أن تعكس ظروف التجربة الخاضعة للسيطرة حالة التعقيد غير المتوقعة للمرور في الصين.
وقد أظهرت تقارير تلفزيونية الحافلة وهي تسير على قضيبين، بينما تمر سيارتان جبنا إلى جنب أسفلها.
وقال سونغ يوزاو، مصمم القطار المتداخل، في مقابلة هاتفية من «كينغوانغداو»: «أردت أن أظهر رسميا للناس أن هذا ممكن تماما، وأن الحافلة يمكن أن تكون مرتفعة وتسير مسرعة. كنا نتفقد ونختبر المركبة على مستوى عدد من الوظائف، مثل الانطلاق والتوقف، وغير ذلك من العمليات، لنرى إذا كانت كلها تعمل، ولم يكن هناك أي مشكلات».
غير أنه لن يتم إجراء تجربة كاملة للمركبة في إحدى مدن وسط الصين قبل منتصف العام المقبل، بحسب ما ذكره سونغ.
وبالنسبة إلى مؤيدي الفكرة، يوفر وجود حافلات طافية فوق الشوارع حلا لمشكلة المرور المزدحم الذي يخنق المدن الصينية. ويبلغ طول النموذج الأولي 72 قدما، وعرضه 26 قدما، لكن الأهم أن ارتفاعه يصل إلى 16 قدما، فيخلق فراغا مناسبا لنفق يرتفع لأكثر من 6 أقدام، بين العجلات، ليناسب حركة السيارات. وسيكون الركاب قادرين على العبور فوق حارتين مروريتين، من خلال الحافلة التي تتحرك، من إحدى المحطات المرتفعة، المبنية خصيصا لهذا الغرض، إلى الأخرى.
وتقول شركة «تي إي بي تكنولوجي»، المصنعة للحافلة، على موقعها الإلكتروني: «يعتبر اختراع حافلة العبور المرفوعة ثورة في مجال النقل العام الصديق للبيئة». وتضيف بقدر من التفاؤل: «لا اختناقات مرورية بعد الآن».
غير أن المشككين في الفكرة يقولون إن الحافلة تعد مثالا رائعا لحل إحدى المشكلات، لكن من المرجح أن تحدث إشكالا أكبر.
وبعد تجربة يوم الثلاثاء، شاعت كثير من التساؤلات عبر شبكة الإنترنت، مثل: كيف ستتعامل الحافلة مع المنعطفات؟ وماذا عن السائقين الذين يقفزون داخل وخارج الحارات المرورية؟ وماذا عن مركبات كالشاحنات ذات الحجم البالغ الضخامة بحيث لا تصلح للمرور أسفل الحافلة؟
وقالت صحيفة «بيجين ديلي» عن الفكرة، في يونيو (حزيران): «قد يكون ضربا من الخيال تشغيل (حافلة مرفوعة) على البنية التحتية القائمة للطرق في المدن.. إنها فكرة غير قابلة للتطبيق إلى حد بعيد».
ولفتت الصحيفة إلى أن الحافلات العملاقة لن تكون قادرة على استعمال الجسور والمعابر العلوية في العاصمة.
وقالت الصحيفة: «حتى لو تم تشغيل الحافلة المرفوعة على الطرق البسيطة في المدن، فستحتاج إلى عمل خاص على الأرض، وإلا فلن يمر وقت طويل قبل أن تتحول الطرق إلى قطع صغيرة».
وقال سونغ إن حافلة كاملة من هذا النوع ستتكون من 4 عربات متصلة، وستكون قادرة على حمل 1200 راكب، وهو ما يمكن أن يجعل من عملية الركوب والنزول مخاطرة في حد ذاتها. ويظهر فيديو تخيلي أصدرته الشركة المصنعة الركاب وهم يستخدمون مصاعد على شكل كبسولات، ويظهر كذلك تأثرا بأفلام الخيال العلمي.
*خدمة «نيويورك تايمز»