المقاومة تغير استراتيجيتها العسكرية وتستند إلى معلومات استخباراتية

استهدفت 8 قادة عسكريين بارزين للحوثيين

المقاومة تغير استراتيجيتها العسكرية وتستند إلى معلومات استخباراتية
TT

المقاومة تغير استراتيجيتها العسكرية وتستند إلى معلومات استخباراتية

المقاومة تغير استراتيجيتها العسكرية وتستند إلى معلومات استخباراتية

غيرت المقاومة الشعبية من استراتيجيتها العسكرية في المواجهات المباشرة ضد الانقلابيين، من خلال اعتمادها على المعلومات الاستخباراتية في تنفيذ عملياتها التي تستهدف قيادات عسكرية تابعة لما يعرف بـ«أنصار الله» والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح الحليف الاستراتيجي للحوثيين.
وتعتمد المقاومة الشعبية، وفقا لمصادر عسكرية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على جمع معلومات ميدانية دقيقة عن تحركات بعض القيادات البارزة في عدد من المواقع التي تسيطر عليها الميليشيات، ومقار سكنهم، ومن ثم تتعامل مع هذه المعلومات بتحديد الأفراد والزمان والمكان التي ستنفذ فيها العملية.
ونجحت المقاومة الشعبية خلال الفترة الماضية من استهداف أكثر من 8 قيادات عسكرية بارزة من الحوثيين، التي كان آخرها مهاجمة منزل قيادي حوثي في «ذمار» بإقليم أزال بالقنابل اليدوية، وذلك بعد أن توفرت معلومات تفيد بأن منزل القيادي يعد مركزا لتجمع عناصر بارزة في الميليشيات مع قائدهم الميداني في ساعات متأخرة من الليل.
وليس ببعيد إقليم تهامة عن هذا التغيير في تنفيذ العمليات؛ إذ قامت المقاومة الشعبية بعد توفر المعلومات الرئيسية التي رصدت قبل 10 أيام، بتنفيذ الهجوم على أحد أهم المراكز لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في شارع الخمسين بالقرب من فندق قصر الاتحاد بمدينة الحديدة، قتل فيه عدد من العناصر وأصيب القائد الميداني. واستعانت المقاومة بمخبرين لتوفير المعلومات لتنفيذ العملية بالقنابل اليدوية، حول موقع القيادي الذي حول المنزل إلى غرفة عمليات لتنفيذ الأعمال الإجرامية بحق المدنيين.
وامتد هذا التحول ليصل إلى محافظة حجة، وفقا لمصدر عسكري آخر، الذي أكد أن المقاومة الشعبية في كل الإقليم والمدن غيرت في الاستراتيجية العسكرية، معتمدة على محاور رئيسية، أبرزها التحرك وفق معلومات مؤكدة لضرب الأهداف، وتحديد الأفراد المدربين لتنفيذ عملية التسلل وتنفيذ العملية، إضافة إلى التركيز على القيادات العسكرية، وذلك بهدف أحداث خرق وبلبلة في صفوف الانقلابيين بشكل عام.
ففي حجة، ضربت المقاومة الشعبية، موقعا لقيادات وأفراد الحوثيين بصاروخ «لو» في منطقة أبو دوار، وهو من أهم المواقع، إذ يعد الواجهة الأولى لحماية أبرز نقطة من الجهة الشرقية في مديرية مستباء. ولم يحدد عدد المصابين والقتلى، لكنَّ مصادر أكدت أن استخدام هذا النوع من الصواريخ وبشكل مركز لها نتائج قوية وفاعلة في إصابة الهدف. كما اعترضت المقاومة الشعبية مركبتين تقلان 8 عناصر من الميليشيات وقائدا ميدانيا، وذلك بعد أن توفرت معلومات مفادها أن قائدا ميدانيا للميليشيات وبرفقته 8 من العناصر يسلكون طريق «البودي - شفر» بشكل دائم وفي أوقات محددة. وعلى إثر ذلك، حددت المقاومة موعدا للهجوم الذي أسفر عن مقتل عدد من العناصر.
ميدانيا، دكَّ الجيش الوطني بدعم من المقاومة الشعبية آخر معاقل الحوثيين وصالح في منطقة الغيل بالمدفعية الثقيلة، وتقدم الجيش على عدة محاور بهدف استكمال تحرير ما تبقى من مديرية الغيل بغطاء من طيران التحالف العربي، الذي استهدف المراكز الرئيسية للميليشيات.
ونجح التحالف في تدمير آليات وتعزيزات عسكرية كانت في طريقها للميليشيات بمديرية حرض الحدودية التابعة لمحافظة حجة، شمال غربي اليمن. كما استهدفت مقاتلات التحالف، فجر أمس، تعزيزات عسكرية تابعة للميليشيا بمنطقة المزرق، شملت آليات عسكرية وقتل وأصاب عددا من عناصر الميليشيا الذين كانوا برفقة تلك التعزيزات. وتمكن عدد من منتسبي الجيش الوطني من التسلل إلى مواقع للميليشيات والحرس الجمهوري، وتمكنوا خلال العملية من قتل 7 من الانقلابيين، وتدمير عدد من الآليات التي وصلت للحوثيين، فيما شن الجيش هجوما ضد الانقلابيين بجبهة حرض الحدودية، وأوقفت محاولات الحوثيين باستعادة تلك المناطق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.