البدناء أم النحفاء.. أيهما يتمتع بصحة أفضل؟

خبيرة الرشاقة واللياقة البدنية الإيرانية مامك كنجوري: الإجابة تكمن في التوازن

البدناء أم النحفاء.. أيهما يتمتع بصحة أفضل؟
TT

البدناء أم النحفاء.. أيهما يتمتع بصحة أفضل؟

البدناء أم النحفاء.. أيهما يتمتع بصحة أفضل؟

لعارضة الأزياء الأسترالية المعروفة أندي روفي، عبارة تقول فيها: «في أي مكتبة لبيع الكتب تعد كتب الطبخ وكتب الحميات الغذائية من أكثر الكتب مبيعا! بعضها يقول لك كيف تعد أنواع الأطعمة، والأخرى تقول لك كيف تتجنب تناول هذه الأطعمة».
استغربت عندما كنت أتصفح مجلة «سبيد وسياه» (الأبيض والأسود) الإيرانية قبل سنوات وقرأت عبارة عن أحد الشخصيات الفنية المعروفة في تلك السنوات، صوفيا لورن، حيث لا أزال أتذكر تلك العبارة بعد مرور كل هذه السنوات. فقد سألوها: ما هو طموحك الأكبر؟ وقد ردت قائلة: «تناول طبق معكرونة دسمة جدا من دون أن أشعر بالذنب».
بعد ذلك وبينما كنت أحاول تخفيف وزني وفقا لمعايير العارضات اللواتي قدمن كالدمى النحيفة الخصر والظريفة الهندام والمحببة لدينا في عهد الطفولة، كنت أيضا أقرأ أشياء حول العارضات، وهي أليمة ومثيرة للأسئلة.
كريستي كلمانت المحررة السابقة في صحف الموضة والتي قضت أياما وأياما مع العارضات المعروفات من أجل كتابة مقالاتها، تكشف في كتابها أن بعض العارضات المعروفات جدا وللحيلولة دون السمنة لا يأكلن الطعام فحسب، بل يملأن أمعاءهن بأطعمة فاقدة لأي فائدة غذائية أيضا. وتقول حول العارضة المعروفة التي قضت معها ثلاثة أيام كاملة: «إنها لم تستطع حتى أن تفتح عينيها إثر شدة الجوع».
وبالتزامن مع صناعة نجوم السينما، اتسعت دائرة الإثارة الكبرى والخاصة بالتنحيف بشكل دفع بمؤسسات الموضة كـ«باسارلا سيبلز» وهي مؤسسة لعرض الألبسة الإسبانية أن تقرر عدم السماح للعارضات اللواتي يقل وزنهن عن المرتبة الـ18 بالمشاركة في العروض. وقالت الدكتورة سوزان مونرئو التي كانت هي وطبيبان آخران، مسؤولة لتقييم العارضات في مؤسسة «باسارلا سيبلز»، إن نسبة العارضات التي رسبن في امتحان هذه المؤسسة بلغت 16 في المائة، بناء على طول العارضة، 175 سنتيمترا، ووزنها 49 كيلوغراما. لكن هل هذه المقاييس في النحافة تعد معيارا صحيحا للجمال والصحة؟ وفي التقييم العلمي، هل متوسطات الوزن يتمتعن بشكل طبيعي أم النحيفات؟ وهل البدينات يتمتعن بصحة نفسية أكبر أم النحيفات؟ وإذا تعد القياسات المتوسطة أفضل، فكيف نقيم الرجال الأقوياء ذوي العضلات المفتولة والأطراف الكبيرة والنساء النحيفات والشبيهات لدمية باربي اللواتي يظهرن في القنوات التلفزيونية وهن يتمتعن بصحة وقوة ونجاح؟
في الوقت نفسه، إن القنوات التلفزيونية تفيد بأن البدناء الذين يعانون من مشاكل صحية كمرض السكري، وانسداد الشرايين، والجلطة، وأمراض المفاصل والعظام، فهم لا يتمتعون بالرشاقة البدنية، ويتعرضون لأنواع السرطان بل ومن الممكن أن يصابوا بالموت المبكر. هل هذه العوامل تساهم في تقبل عام للنحافة المفرطة؟
أظهرت الدراسات الحديثة أن تكدس الدهون في الجسم يؤدي إلى تصلب الشرايين، والجلطات، في حين أن الجهود التي تبذلها النساء لتحقيق النحافة المفرطة بشكل غير علمي قد تهدد صحتهن تهديدا كبيرا. تؤدي الرغبة الجارفة في النحافة واعتماد أنواع مختلفة من الحميات الغذائية إلى عارض البوليميا أو فقدان الشهية العصبي.
تحولت الحميات الغذائية المتعددة إلى أحد مظاهر الحياة اليومية للنساء وحتى إلى مصدر لتحقيق مكاسب مادية لمتخصصي التغذية. إن الرهبة من البدانة، وزيادة الوزن إلى جانب كرهنا أو التصور الخاطئ من الجسم، والرغبة في تطبيق معايير الجمال المعاصرة، تؤدي إلى اعتماد حميات غذائية قاسية لا تطابق المعايير العلمية. قد لا يجري الانتباه إلى هذا الأمر بأن النحافة المفرطة قد تهدد الصحة، وتؤدي إلى مرض هشاشة العظام، والضعف العمومي. هناك فتيات أو نساء يعانين من النحافة المفرطة ولكنهن ما زلن مصرات على اعتماد الحميات الغذائية.
وتثير هذه الدعايات المزدوجة حيرة البشر، فهل يتناولون الوجبات السريعة أم يعتمدون الحميات الغذائية القاسية؟
وتقول خبيرة الرشاقة واللياقة البدنية مامك كنجوري بهذا الشأن «تحض شركات المواد الغذائية، ومطاعم الوجبات السريعة من خلال وجبات دسمة ولذيذة، الناس إلى تناول الطعام أكثر فأكثر، في الوقت الذي يشجع فيه الأطباء، ومتخصصو التغذية، ومؤسسات تخفيف الوزن، والقنوات التلفزيونية والفضائية المختلفة، والمواقع الإلكترونية، وكافة وسائل الإعلام، إلى جانب دور الخياطة الراقية، ومصممي الأزياء، وشركات منتجات تخفيف الوزن، على إنقاص الوزن للتمتع بالرشاقة وصحة أفضل»، فهل التمتع بالرشاقة البدنية والنحافة يضمن صحة أفضل وحياة أطول؟ إن الإجابة عن هذا السؤال في مثل هذه الظروف لا تبدو سهلة. وتضيف كنجوري أن «الإجابة تكمن في التوازن. فأنا أؤكد اعتماد التعادل علميا». وتقول «يجب أولا التعرف على كل أنواع الأجسام ومدى استعدادها لكسب الوزن. ويجب أن يعلم كل فرد أن جسمه يجري تصنيفه في إطار أي نوع من الأجسام». وأشارت كنجوري إلى «ثلاثة أنواع من الأجسام وهي ظاهري البنية، وباطني البنية، ودائري البنية. يكون عموما لظاهري البنية هيئة هشة وطويلة».
وأضافت: «يتمتع باطنو البنية بجسم معروف، إذ يفوق عدد الذين يتمتعون بهذا النوع من الجسم عدد ظاهري البنية، ودائري البنية. يتمتع هؤلاء بأكتاف عريضة، وصدر عريض، وعضلات أكبر، في حين أن دائري البنية لديهم أيد وأرجل قصيرة نسبيا، وملامح وجوههم دائرية على هيئة الكمثرى».
وتابعت كنجوري أن «عملية الاستقلاب أو الأيض في ظاهري البنية عالية مما يؤدي إلى صعوبة في زيادة الوزن، في حين أن عملية الأيض في باطني البنية متوسطة وهم يقدرون على زيادة الوزن بسهولة. ولكن دائري البنية قد يكسبون وزنا زائدا ببساطة، مما يسفر عن بدانة مفرطة لديهم».
وترى كنجوري أن «باطني البنية يشعرون بسعادة أكبر من سائر الفئات، لأنهم يستطيعون خسارة الوزن بسهولة، في حين أن دائري البنية يحتاجون إلى جهد أكبر وأقسى لتخفيف الوزن». وتؤكد الخبيرة الإيرانية التي تدرس في جامعة كندا على أنه «يجب على كل فرد التعرف على نوع جسمه للتمتع بصحة أفضل وحياة أطول، واجتناب ممارسة الضغوط الشديدة على جسمه مثل اتباع الحميات القاسية والسريعة إلى جانب ممارسة الرياضة بشكل مكثف. كما أنه لا يمكن تجاهل العوامل الوراثية في ازدياد الوزن أو تخفيفه».
ويعتقد متخصصو التغذية أن عوامل عديدة مثل الوراثة، والجينات، والعادات الغذائية اليومية، والثقافة، وموقف العائلة من الحميات الغذائية، وعملية الاستقلاب في الجسم، والخصوصيات الفردية، ودهون الجسم، وجنس الأفراد.. تساهم في زيادة الوزن أو خسارته.
* «إعداد {الشرق الأوسط} بالفارسية - شرق بارسي»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».