العلماء يكشفون النقاب عن شجرة عائلة الطائر الطنان

أصغر أنواعه حجما لا يزيد عن 1.9 غرام

الطائر الطنان
الطائر الطنان
TT

العلماء يكشفون النقاب عن شجرة عائلة الطائر الطنان

الطائر الطنان
الطائر الطنان

قال العلماء إن طائر الطنان الذي يشتهر بأنه أصغر الطيور حجما على الإطلاق بل إنه أصغر الحيوانات ذات الدم الحار على وجه الأرض.. ذو تاريخ معقد في عالم النشوء والارتقاء.
ومن بين الصفات الفريدة التي يتميز بها طائر الطنان أيضا أنه صاحب أسرع دقات قلب وأسرع عمليات تمثيل غذائي بين الفقاريات، كما أنه الطائر الوحيد الذي يمكنه الطيران إلى الخلف.
ونجح الباحثون في رسم شجرة العائلة لهذا الطائر الذي يتغذى أساسا على رحيق الأزهار، وذلك بالاستعانة بمعلومات وراثية مستقاة من معظم أنواع هذا الطائر - وعددها إجمالا في العالم 338 نوعا - ومن أقرب الأقارب للطائر. وأضاف العلماء أن بالإمكان تقسيم أنواع الطائر إلى تسع مجموعات تختلف حسب الحجم وأماكن المعيشة وطرق التغذية وشكل الجسم.
وعاش الجد المشترك لجميع أنواع الطائر الموجودة الآن قبل 22 مليون عام في أميركا اللاتينية، فيما كان أسلاف طائر الطنان يعيشون في أوروبا أيضا. ولا توجد أنواع الطائر في وقتنا هذا إلا في الأميركتين.
وقال كريستوفر ويت، خبير علم الطيور بجامعة نيو مكسيكو، وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية (كارانت بيولوجي) إن طائر الطنان ينعم بقدرات فذة لا ينازعه فيها أي كائن.
وقال ويت: «بوسعه أن يحلق بجناحيه وهو في وضع السكون كما يمكنه الحركة في أي اتجاه بدقة متناهية حتى في حالة هبوب الرياح الشديدة. ولديه أيضا أعلى معدل لاستهلاك الطاقة بالنسبة للغرام الواحد من وزنه إذا ما قورن بأي حيوان».
ومضى يقول: «يتميز بألوانه الزاهية البراقة التي تخطف الأبصار عند النظر إليها في إضاءة جيدة. إن هذه الخصائص مجتمعة من السرعة والرشاقة والإبداع ليس لها أي نظير في الطبيعة».
وتتفاوت الألوان الخلابة لطائر الطنان، إذ تبدو الذكور غنية بالألوان النابضة بالحيوية أكثر من الإناث. ويقول جيمي مكجواير عالم الأحياء بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، الذي أشرف على الدراسة: «غالبا ما تتميز الذكور باللون الأخضر للريش على الجسم، في حين تختلف ألوان الرأس (على نحو يضم جميع الألوان التي يمكن تخيلها من الذهبي إلى الأحمر والأزرق والأرجواني والأحمر الضارب للزرقة إلى جانب جميع ألوان الطيف».
وقال ويت إن اسم الطائر اشتق من صوت الطنين الذي يحدثه جراء رفرفة الأجنحة بسرعة. وتبلغ أكبر سرعة لرفرفة الأجنحة للطائر 15 مرة تقريبا في الثانية الواحدة.
ويتغذى طائر الطنان على رحيق الأزهار أساسا وله منقار طويل مدبب ولسان مستدق لجمع عصارة الزهور. ونظرا لخلو الرحيق من البروتين تقريبا فبوسع الطائر أن يتغذى على الحشرات أيضا.
وقال مكجواير: «يتعين على الطائر أن يتغذى باستمرار حتى يتسنى له توفير احتياجاته من الطاقة اللازمة له. كثير من طيور الطنان تلجأ إلى فترة الكمون ليلا حتى لا تجوع وتصل إلى مرحلة النفوق ليلا، وهو أمر طيب».
وفي حين تعيش طيور الطنان الآن في العالم الجديد أي أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية ومنطقة الكاريبي إلا أن أقدم حفريات لها عثر عليها في أوروبا. وقال الباحثون إن هذا يوضح أن الطائر كان يزدهر بأعداد كبيرة في العالم القديم ثم اندثر لأسباب غير معلومة.
وأعلن عام 2004 عن اكتشاف حفريات في ألمانيا لأقدم أنواع من طائر الطنان ترجع إلى 30 مليون عام. وقال ويت: «السجل الحفري لطيور الطنان وطيور صغيرة مثله نادر للغاية على نحو يجعلنا لا نعرف متى انقرض الطائر في أوروبا. ربما منذ 30 مليون عام أو قد يكون منذ بضعة آلاف عام».
ويقول الباحثون إن سجل النشوء والارتقاء لطائر الطنان تشتت بين أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية. وأضافوا أن هذه الطيور قد تكون وجدت طريقها إلى أميركا الجنوبية بعد عبورها جسرا بريا كان يربط بين سيبيريا وألاسكا ثم توسعت أنواع الطائر إلى مواقع بيئية ونشأت أنواع أخرى في أميركا الشمالية والكاريبي.
وأصغر أنواع طائر الطنان اليوم، بل وأصغر طائر في الوجود هو طائر الطنان النحلة الموجود في كوبا وطوله نحو خمسة سنتيمترات ويزن نحو 1.9 غرام فيما يعيش أكبرها في أميركا الجنوبية وطوله 20 سنتيمترا ويزن نحو 20 جراما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».