تونس على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة «مجهولة»

زيادة الضغوط المالية على «حكومة الشاهد»

مظاهرات فئوية في تونس أتت بحكومة الشاهد  (رويترز)
مظاهرات فئوية في تونس أتت بحكومة الشاهد (رويترز)
TT

تونس على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة «مجهولة»

مظاهرات فئوية في تونس أتت بحكومة الشاهد  (رويترز)
مظاهرات فئوية في تونس أتت بحكومة الشاهد (رويترز)

دخلت تونس مرحلة اقتصادية جديدة، هذا الأسبوع، ولكنها قد تكون «مجهولة» بعد أن صوت البرلمان في البلاد على سحب الثقة من الحكومة التي يتزعمها حبيب الصيد، الذي تولى منصبه بعد الانتخابات التشريعية في 2014. وأقر المشرعون، السبت الماضي، تصويتا لحجب الثقة في الصيد، مما ترك تونس في حالة من عدم الاستقرار النسبي، وهو شرط لازم لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد منذ انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011.
وكلف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وزير الشؤون المحلية يوسف الشاهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تسعى لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وفرض قوة القانون في مواجهة موجة الاعتصامات والإضرابات. ويعول على الحكومة الجديدة تحقيق التقدم الاقتصادي في البلاد حتى تهدأ الأوضاع السياسية والاجتماعية، التي تتزايد وسط سوء الأوضاع الاقتصادية، في ظل تباطؤ النمو وسط ارتفاع البطالة وارتفاع التضخم للشهر الثالث على التوالي، ليصل إلى مستوى 3.9 في المائة بنهاية يونيو (حزيران) الماضي، والمتوقع أن يواصل ارتفاعه إلى 4.3 في المائة خلال الربع الثالث، وفقا لتوقعات البنك المركزي التونسي.
وتونس هي الدولة الوحيدة في شمال أفريقيا التي سنت قانونا تقدميا جدا لإعطاء مواطنيها الحق في الحصول على المعلومات الحكومية، وبذلت تحسينات سريعة في الشفافية حول ميزانيتها الوطنية، وهذا رفع مرتبة البلاد من كونها واحدة من أقل دول العالم أداءً في مؤشر الموازنة المفتوحة عام 2012؛ كونها واحدة من أفضل الدول أداءً في العالم العربي في مؤشر الموازنة المفتوحة 2015.
وعلى الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، فإن هناك الفساد مستمر في القطاع العام، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة وضعف النمو الاقتصادي، ما نتج منه إحباط المواطن، الذي لا يرى الحريات السياسية الجديدة تترجم إلى تحسين مستويات المعيشة. ولم تعطِ الدولة الأولوية لتنفيذ الإصلاحات التي أوصى بها الخبراء الدوليون والمحليون، مثل بناء مؤسسات الرقابة المستقلة وتعزيز السياسات الضريبية والإدارة الضريبية. وبدلا من ذلك تفاقم إحباط المواطنين مع اقتراح الحكومة عددا من التدابير المثيرة للجدل، مثل عرض مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية والمالية» على البرلمان خلال العام الماضي.
وعلى مدار أكثر من خمس سنوات، تعثر النمو الاقتصادي في البلاد حتى أنه لم يتجاوز 1 في المائة خلال الربع الأول من عام 2016، وفي الوقت نفسه فقد الدينار التونسي القيمة أمام الدولار، وتجاوزت معدلات البطالة 15 في المائة، وساء الوضع الاقتصادي في البلاد إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث طال الكثير من القطاعات الاقتصادية المهمة، ومنها بالأساس قطاع الطاقة، وتواصل الاحتجاجات الاجتماعية في مناجم الفوسفات وهو ما يعيق الإنتاج. كذلك تضررت السياحة، وهي الدعامة التقليدية للاقتصاد التونسي، بشدة من سلسلة من الهجمات الإرهابية التي وقعت في عام 2015. ووفقا لوزارة السياحة التونسية، انخفضت عائدات السياحة بشكل عام بنسبة 38 في المائة في النصف الأول من عام 2016 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتطرق تقرير «المركزي» التونسي، الصادر خلال أغسطس (آب) الحالي، إلى أن الأوضاع الإقليمية المحيطة بتونس، إلى جانب الأوضاع المحلية (عدم الاستقرار السياسي، وتواصل الاحتجاجات وعدم الاستقرار الاجتماعي في مناطق الإنتاج، والتأخير في تنفيذ الإصلاحات الضرورية ومنها مجلة الاستثمار)، «من شأنها أن تزيد من الضغط على الوضع الاقتصادي في البلاد».
وتبلغ الديون الخارجية للبلاد حاليا 27 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 50 مليار دينار تونسي، بما يوازي 69 في المائة من الناتج القومي الإجمالي. وفي الآونة الأخيرة، وافق الاتحاد الأوروبي على قرض بقيمة 500 مليون يورو لمساعدة البلاد على سداد مدفوعات الديون القائمة، وخلق فرص عمل جديدة في الاقتصاد. وفي مايو (أيار)، وافق صندوق النقد الدولي، على قرض بقيمة 2.88 مليار دولار لمدة أربع سنوات بهدف دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في تونس.
ويتفاقم الوضعان الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وسط مزيد من ضغوط صندوق النقد الدولي لرؤية الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها تونس في مقابل القروض، حتى أصبحت الإصلاحات الاقتصادية مصدر القلق الرئيسي للمستثمرين، الذين يرغبون أيضًا في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وأعلنت أنها ستعيد النظر في نظام دعم أسعار المنتجات المستهلكة من أجل التوفير في الدعم وتوجيهه إلى القطاعات المستحقة؛ ذلك للوفاء بأحد بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي (IMF). ويعتبر نظام دعم أسعار المنتجات المستهلكة في تونس واحدا من الأسباب الرئيسية وراء العجز في الميزانية في تونس، بعد ارتفاعه من 950 مليون دينار في عام 2010 إلى 6 ملايين دينار في الوقت الحالي، بزيادة قدرها 530 في المائة في ست سنوات.
وخلال السنوات الأخيرة، تحول موضع الاستثمار الخاص، المحرك الرئيسي للصادرات، من تونس إلى المغرب المجاورة؛ مما أدى إلى انخفاض لاحق في صادرات تونس، وبالتالي تراجعت العملة المحلية في ظل تزايد الطلب على العملة الأجنبية اللازمة للحصول على الواردات، في ظل تفضيل التونسيين للمنتجات المستوردة؛ مما خلق طلبا كبيرا على العملة الأجنبية.
وتراجعت الصادرات التونسية إلى ليبيا، التي تمثل رقما مهما في الاقتصاد التونسي؛ نظرا للسيولة التي يوفرها السياح الليبيون من ناحية، ولأن ليبيا تمثل سوقا ضخمة للصناعات التونسية، وقابل ذلك ارتفاع مطرد في وتيرة الاضطرابات الأمنية والسياسية في البلاد. ويذهب تقرير المركزي التونسي إلى أن الهجمات الإرهابية المتكررة في تونس وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد أدت إلى تراجع الطلب الخارجي على تونس، التي باتت بعض مناطقها تُخيف المستثمرين.
وأمام تونس طريق طويل من أجل جذب الاستثمار الخاص مرة أخرى، حيث مستقبل الحياة السياسية في البلاد غير مؤكد. وكانت الثقة في قدرة الحكومة على تطبيق القوانين أيضا عقبة في جذب الاستثمارات، ويظل هناك انعدام من قبل المستثمر في قدرة الحكومة على السيطرة على الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد بما يفاقم من المشكلات التي يمكن أن يواجهها المستثمر. كذلك لم تفلح الإجراءات الحكومية في دفع المستهلكين للإنفاق في الوقت الحالي من أجل إنعاش الاقتصاد، رغم إطلاق موسم التخفيضات الصيفية وما أتاحته وزارة الشؤون الاجتماعية للمتاجر من إمكانية العمل ليلا إلى ساعات متأخرة، وذلك حتى منتصف أغسطس الحالي، وصدر القرار الاستثنائي بمد فترة عمل المتاجر استجابة لمطلب وزارة التجارة، التي تعمل على تنشيط الحركة الاقتصادية بالعاصمة والمدن الكبرى ليلا.
وتقف تونس عند مفترق طرق. من ناحية، حققت البلاد تقدما كبيرا في تحقيق الرغبة في الحرية السياسية التي دفعت عشرات الآلاف من التونسيين يعرّضون حياتهم للخطر ويخرجون إلى الشوارع خلال الانتفاضة في عام 2011، لكن من ناحية أخرى، فإن المكاسب التي تحققت حتى الآن هي مجرد بداية، ولم تحقق البلاد تقدما اقتصاديا يذكر حتى يتمكن الموطن من الارتقاء بمستوى معيشته.
ويتوقع أن تقابل حكومة الشاهد الجديدة الضغوط ذاتها التي واجهتها الحكومة السابقة، فعلى الرغم من أن حكومة الصيد فشلت في ملف البطالة والتشغيل، فإن الأزمة الحالية في تونس هي سياسية في معظمها، والتي تنسحب بصورة كبيرة على الوضع الاقتصادي في البلاد. فتونس لا تنقصها الإمكانات البشرية والمادية اللازمة لتطوير البلاد وتحسين مستوى معيشة المواطن. ولكن تتمثل المشكلة في أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في وضع حل لقضايا الفساد، بل تصر على إجبار المواطن بتحمل سياسات التقشف التي تزيد من معاناة المواطن. ويتوقع البنك الدولي، في تقريره الأخير عن الآفاق الاقتصادية في تونس، استمرار تنامي ضغوط المالية العامة مع زيادة الإنفاق الجاري المتفاقم بسبب الزيادة المعلنة في الأجور بداية من عام 2016 والتعيينات الجديدة في قوات الأمن والدفاع.



«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
TT

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

علا التصفيق في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29»، في باكو، بعد إعلان الاتفاق على تمويل عالمي جديد بقيمة 300 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الأكثر فقراً على التعامل مع آثار تغيُّر المناخ، رغم انتقادات الدول النامية التي رأت أنه غير كافٍ. وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق «التاريخي» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهِّداً بأن تواصل بلاده عملها، رغم موقف خلفه، دونالد ترمب، المشكك في تغيّر المناخ.

وعندما قرعت مطرقة رئيس مؤتمر المناخ، مختار باباييف، للاتفاق الجديد، امتلأت القاعة بالتصفيق. وقام بعض المندوبين بتحية الاتفاق وقوفاً في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29».

رئيس مؤتمر «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

الاتفاق الذي جاء بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة يهدف إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقَّع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. ومن شأنه توفير 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، مما يعزِّز التزام الدول الغنية السابق بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020. وسوف تذهب هذه المبالغ إلى البلدان النامية التي تحتاج إلى الأموال اللازمة للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري في المستقبل، ودفع ثمن الأضرار الناجمة عن الطقس المتطرف الناتج عن تغيُّر المناخ.

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

ورغم أن هذا المبلغ لا يقترب من المبلغ الكامل الذي طالبت به البلدان النامية (1.3 تريليون دولار)، فإنه يعادل 3 أمثال قيمة صفقة قيمتها 100 مليار دولار سنوياً من عام 2009، التي شارفت على الانتهاء.

ودعا الاتفاق الدول غير المتقدِّمة إلى تقديم مساهمات مالية لكن على أساس «طوعي»، وفق النص.

كذلك، يتضمن الاتفاق أمراً جديداً؛ إذ أصبح يمكن الآن احتساب التمويل المناخي الذي تساهم فيه البلدان غير المتقدمة عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، ضمن هدف الـ300 مليار دولار، وهو أمر لقي ترحيباً من الأوروبيين.

ضوء أخضر لائتمانات الكربون

توصَّلت الدول إلى اتفاق نهائي بشأن القواعد العامة لإطلاق أسواق تجارة الكربون، وذلك بعد ما يقرب من عقد من الزمان على اقتراحها لأول مرة. وسيسمح الاتفاق للدول والشركات بتداول أرصدة خفض انبعاثات الكربون لتعويض آثار الكربون.

وقال كيفن كونراد، رئيس وفد مجموعة من البلدان ذات الغابات الكثيفة، بما في ذلك بوليفيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية: «يمكن للأسواق المنظمة بشكل صحيح أن تصبح قوة من أجل الخير، وتبدأ في عكس إخفاقات السوق التي تسبب الدمار البيئي والجوي».

وقد أثارت ولادة السوق هتافات وتصفيقاً حاراً من قِبَل مفاوضي الأمم المتحدة في الجلسة الأولى من الجلسة العامة الأخيرة.

وستتمكن الدول والشركات من تداول الأرصدة التي من المفترَض أن تمثل طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي تم توفيره أو إزالته من الغلاف الجوي، وذلك بموجب آليات تخضع لرقابة فضفاضة من قبل الأمم المتحدة ومصمَّمة لتجنب الحساب المزدوج لخفض الانبعاثات.

وجعل البلد المضيف أذربيجان من مسألة تجارة انبعاثات الكربون أولوية؛ حيث ضغطت بنجاح في اليوم الأول من القمة التي استمرَّت أسبوعين من أجل أن تتبنى الدول عنصراً أولياً من عناصر السوق العالمية.

ويضع الاتفاق الأساس لقمة المناخ العام المقبل، التي ستُعقَد في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل؛ حيث من المفترض أن ترسم البلدان خريطة العقد المقبل من العمل المناخي.

صفقة في الاتجاه الصحيح

وقال بعض الوفود إن هذه الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح، مع الأمل في تدفق المزيد من الأموال في المستقبل.

وأشاد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، بالنتيجة باعتبارها بوليصة تأمين للإنسانية رغم المفاوضات الشاقة.

وقال: «كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. وسوف يعمل هذا الاتفاق على استمرار نمو طفرة الطاقة النظيفة وحماية مليارات الأرواح. ولكن مثل أي بوليصة تأمين، فإنها لن تنجح إلا إذا تم دفع الأقساط بالكامل وفي الوقت المحدد».

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل مصفقاً (أ.ب)

كما أشاد المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ، فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح، وأنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من ناحيته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الاتفاق يشكل «أساساً» يمكن البناء عليه. وقال في بيان: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً من أجل التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء عليه».

ورحَّب وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، بدوره في الاتفاق، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ»، وقال: «ليس هذا كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

أما وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، فقد أعربت عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

«المجموعة العربية»

أما ممثل السعودية (متحدثاً نيابة عن المجموعة العربية) توفيق البراء، فقال: «ترى (المجموعة العربية) أننا بحاجة إلى مزيد من التأكيد على المبادئ الأساسية في جهود التخفيف، كجزء من عملنا في إطار اتفاقية باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ».

أضاف: «تشمل هذه المبادئ المساواة والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، فضلاً عن الإصرار على أهمية أن تقود الدول النامية هذه الجهود على الصعيد العالمي». وتابع: «يتضمن هذا أيضاً الاعتراف بالمسارات المختلفة التي تعكس الظروف والقدرات المختلفة لكل دولة، فضلاً عن أهمية احترام سيادة كل دولة، وكذلك الطموح في المساهمات المحدَّدة على المستوى الوطني، التي تشكل المحور والعمود الفقري لـ(اتفاقية باريس)، لأنها تعكس طموحات وتطلعات وظروف كل دولة... نحن بحاجة إلى تمكين البلدان من تحديد مساراتها الخاصة».

وختم قائلاً: «يجب علينا أيضاً أن ندرك أن حلاً واحداً لا يمكن أن يحل جميع التحديات المختلفة التي نواجهها بشكل جماعي أثناء تقدمنا في رحلة التنمية الخاصة بنا».

بايدن: الاتفاق تاريخي

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، اتفاق «كوب 29» بأنه «نتيجة تاريخية أخرى»، مضيفاً أنه لا يمكن لأي أحد عكس التحول الجاري إلى الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. وقال، في بيان أصدره الأحد، إن الاتفاق يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. وأضاف أن هذا الاتفاق سيساعد في جمع مستويات مختلفة من التمويل، وخلق أسواق للسيارات الكهربائية الأميركية ومنتجات أخرى صديقة للمناخ. وفي إشارة غير مباشرة إلى الرئيس المنتخَب دونالد ترمب، الذي تعهَّد بزيادة التنقيب عن النفط بمجرد توليه المنصب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، قال بايدن: «بينما قد يسعى البعض إلى إنكار أو تأجيل ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم، فإنه لا أحد يمكنه عكسها - لا أحد».

الدول النامية تنتقد

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية المستفيدة منه، ووصفته بأنه غير كافٍ على الإطلاق؛ فقد أعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية، علي محمد، عن أسفه على الالتزام المالي «الضعيف جداً والمتأخر جداً» في هذا الاتفاق، وقال إن «الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جداً ومتأخر جداً وغامض جداً لناحية تنفيذه».

وأضاف: «نغادر باكو، ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدماً في بعض المجالات، ولكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله».

أحد الحضور يتفاعل خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

كما قال إيفانز نجيوا من ملاوي (الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نمواً) إن الاتفاق بشأن تمويل المناخ في باكو «ليس طموحاً بما فيه الكفاية». وأضاف في الجلسة العامة: «هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات».

وقالت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق: «يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعاً».

تشارك شاندني راينا من الهند في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وكان من المقرَّر أن تنتهي مفاوضات «كوب 29» يوم الجمعة، لكنها استغرقت وقتاً إضافياً حيث كافح ممثلو ما يقرب من 200 دولة للتوصل إلى توافق في الآراء.

وانقطعت المحادثات، يوم السبت، حيث انسحبت بعض البلدان النامية والدول الجزرية في إحباط. وقالت تينا ستيغ، مبعوثة المناخ في جزر مارشال: «نغادر بجزء صغير من التمويل الذي تحتاج إليه البلدان المعرضة لتغير المناخ بشكل عاجل. إنه ليس كافياً على الإطلاق، لكنه بداية».