الأمم المتحدة والشرعية اليمنية تضعان الانقلابيين أمام خيارات حاسمة

إما التوقيع أو الرفض بعيدًا عن المراوغة.. وقبل 7 أغسطس

الأمم المتحدة والشرعية اليمنية تضعان الانقلابيين أمام خيارات حاسمة
TT

الأمم المتحدة والشرعية اليمنية تضعان الانقلابيين أمام خيارات حاسمة

الأمم المتحدة والشرعية اليمنية تضعان الانقلابيين أمام خيارات حاسمة

وضعت الأمم المتحدة وفد الانقلابيين ومراوغاتهم في الكويت في وضع حرج، بعد تسليمهم ورقة عمل، أول من أمس، تحمل تصورًا للمرحلة القادمة من أجل التوصل إلى حل سياسي في اليمن.
كما ضاعف إحراج الانقلابيين، إعلان الرئاسة اليمنية والحكومة الشرعية موافقتها على مقترحات إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة لليمن حول حل الأزمة اليمنية، الأمر الذي عده مراقبون أن يضع الانقلابيين أمام خيارين: إما التوقيع على الاتفاق أو الرفض، وبالتالي يحرمهم هامش المراوغة الذي يحاولون من خلاله كسب الوقت.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي فوّض الوفد الحكومي بالتوقيع على الاتفاق شرط توقيع الطرف الآخر عليه قبل 7 أغسطس (آب)، وهو نهاية المهلة الإضافية التي وافقت عليها الكويت للمتفاوضين اليمنيين.
أمام كل هذه التطورات، يصر الوفد الانقلابي على موقفه المتعنت من المقترحات الأممية للحل. ورفض محمد عبد السلام رئيس الوفد الحوثي المقترحات الأممية بالمطلق، متهمًا المبعوث الأممي بتقديم أفكار سابقة وغير جديدة.
وقال عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «لم يسلمنا (مبعوث الأمم المتحدة) أي رؤية للحل، بل ناقش معنا بعض الأفكار كالنقاش السابق، (طرح الأفكار السابقة)، لم يكن هناك رؤية أو مشروع اتفاق».
وبحسب الدكتور حسين بن لقور الأكاديمي والسياسي اليمني لـ«الشرق الأوسط»، فإن مشروع الاتفاق الأممي الأخير يضع الانقلابيين أمام خيارين: إما أن يرفضوا التوقيع، وهذا يضع المجتمع الدولي ومجلس الأمن وقراراته على المحك، ويستوجب من الشرعية والتحالف البحث عن خيارات أخرى لإسقاط الانقلاب بما فيها الخيار العسكري. وإما أن يوقع الانقلابيون على مشروع الاتفاق وهو احتمال وارد جدًا، وهذا سيتطلب ضغطًا سياسيًا يلزمهم بتنفيذه حرفيًا حتى لا يتم الالتفاف عليه.
إلى ذلك، يرى العميد ركن ناصر حويدر قائد جبهة الواحدي بمحافظة شبوة، أن إعلان الشرعية الموافقة على المقترحات الأممية في هذا التوقيت تصرف عقلاني يضع الانقلابيين في زاوية لا يحسدون عليها.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «قد تقتنع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والإقليمي أن هؤلاء لا خير فيهم ولا يلتزمون بالعهود، فالرئيس والحكومة الشرعية فضّلوا السلام والخروج من الأزمة عبر موافقتهم على مقترحات المبعوث الأممي لليمن وتفويض وفد الشرعية في الكويت بالتوقيع». وبالعودة لمحمد عبد السلام، الذي أكد أنهم أبلغوا مبعوث الأمم المتحدة ولد الشيخ أحمد رفضهم للمقترحات الأخيرة، قائلاً: «ما زلنا نتمسك بنفس الأفكار، لأنها تمثل حلاً عادلاً بحسب وجهة نظرنا لمواجهة التحديات الراهنة، وخلال هذا الأسبوع الذي أعلنت عنه الكويت مشكورة نتمنى أن ندخل كما اتفقنا مع المبعوث إلى مناقشة الاتفاق الشامل والكامل».
وعن الاتفاق الأخير بين الحوثيين والمخلوع صالح واعتبار الأمم المتحدة أنه ينتهك قرار مجلس الأمن 2216، استغرب المتحدث الحوثي ذلك، وقال: «إذا كنا نقدم الأفكار التي في الكويت ونطبقها على الأرض يفترض أن يشجعونا على هذه الخطوة».
واعترف عبد السلام أن هذا الاتفاق لا يمثل كل اليمنيين ولا كل الأطراف اليمنية، وتابع: «لم ندعِ أن هذا يمثل كل اليمنيين، بل قلنا إنه يمثل أطرافًا معنية بنوعها ومكوناتها».
وفي تعليقه على هذا الاتفاق، يؤكد الدكتور حسين بن لقور على أن البيان المشترك بين طرفي الانقلاب لا يستند إلى أي مرجعية قانونية أو سياسية تعطيه غطاء شرعيًا.
ويضيف: «في اعتقادي أنه لا قيمة له إلا من زاوية أنه يكشف للعالم والدول المهادنة والمتسترة عن كل ممارسات الانقلابيين، وفي جانب آخر يهدف إلى إرباك المشاورات، ودفع الشرعية للانسحاب من تلك المشاورات».
أما العميد ركن ناصر حويدر، فيرى أن هذه الخطوة تمثل إفلاسًا كاملًا للانقلابيين، وتبين أنهم وصلوا إلى حد العجز وقاموا بهذه الخطوة لرفع معنويات أتباعهم ليس إلا.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.