شيعت جموع المصلين في الرياض أمس، جثمان المؤرخ السعودي، عبد الله العسكر، الذي توفي في مصر أول من أمس على إثر حادث دهس تعرض له بعد خروجه من مكتبة الإسكندرية، بجمهورية مصر العربية.
ونعت الأوساط الثقافية في السعودية الفقيد العسكر، ودوّن الدكتور عادل الطريفي، وزير الثقافة والإعلام السعودي، في تغريدة نعي عبر «تويتر»: «أعزي الثقافة السعودية والأوساط الأكاديمية لوفاة المؤرخ الدكتور عبد الله العسكر، غفر الله له وأسكنه واسع رحمته»، كما بعث برقية تعزية إلى أسرة الفقيد العسكر.
وبوفاة الدكتور العسكر تكون السعودية خسرت عَلما من أعلامها المتميزين؛ إذ كان الفقيد رئيسا لقسم التاريخ في جامعة الملك سعود، إلى جانب عضويته في مجلس الشورى السعودي، وفي عدد من اللجان العلمية المعنية بدراسات التاريخ والثقافة في الشرق الأوسط والولايات المتحدة.
وعبر عدد من المثقفين والباحثين السعوديين، عن عميق حزنهم بوفاة الدكتور العسكر، مستذكرين مواقفه الأخلاقية والعلمية والأدبية والأكاديمية، وقال الدكتور عبد الله الوشمي، أمين عام مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية: «من أميز ما يلفتني في شخصية الراحل - رحمه الله - أنه صاحب موقف فكري متطور، فتخصصه في التاريخ ودراساته المتراكمة في مجاله لم تمنعه أن يشارك في مجالات أخرى ضمن اهتماماته أو هواياته أو تعاطيه مع أحداث مجتمعه، لقد اختار أن يكون حيا متفاعلا حتى في حسابه في «تويتر» مع أفكاره ورؤاه وعالمه».
وأضاف الدكتور الوشمي في حديث مع «الشرق الأوسط»: «لا زلت أتذكر حرصه ومتابعته أنشطة النادي الأدبي، وتواصله معي بالرأي والمشورة، وهو النهج الذي رأيته منه في عملي في مركز خدمة اللغة العربية؛ بل إنه يجمع الرأي الشخصي أو الرأي المحرر بالرسائل أو الرأي المسجل بالمقالات، وقد نتحدث عن موضوع عابر فيُنمِيه ويطرحه لاحقا بتوسع وإضافات في مقالة مستقلة، حيث يجمع بين العلم والرأي والمواقف الشخصية، ومثل ذلك ما نراه في حبه المبكر للصحافة وتعذر التحاقه فيها، وعودته إليها كاتبًا متابعًا بشكل مميز، ولعل من توابع تفاعله النشط تنوع مشاركاته في مناسبات وطنية ودولية». وعن الجانب الأخلاقي، قال الوشمي «هو طيب الخلق رفيع التهذيب نقي الصدر، ولقد سعدت به في لقاءات مشتركة متكررة في منزل صديقنا المشترك الدكتور محمد المشوح بحوارات يتميز فيها بوضوح الفكرة وتسلسل الرؤية وتماسك التعبير ويتألق إعلاميا وكأنه يتمسك بحبِه القديم، مستذكرا الوشمي بيت عمر أبو ريشة:
تقضي الرجولة أن نمدَ جسومنا
جسرًا فقل لرفاقنا أن يعبروا»
وقال الباحث السعودي، سعد الفهيد: «إن شخصية الدكتور عبد الله العسكر، هي سمة من سمات كبار المثقفين، يعيش بالإنسانية سلوكا وثقافة، ويتبع مصادر علمية دقيقة في تأصيلها التاريخي، ويربط تأثير ذلك في الواقع المعاش، ويتصدى بصفته أحد النخب لكل ما يشوه التاريخ الإسلامي، أو يلصق التهم بالدين الوسط».
وأضاف الفهيد لـ«الشرق الأوسط»: إن «الراحل أعطى للتاريخ بُعدًا إنسانيًا. وكتب في مقاربات عدة عن التوازن بين دور العامة ودور الأبطال في التاريخ. معززا من قيمة التاريخ الشفهي للتبصر العميق حول التداخل بين الخصوصية الفردية وبين مجرى الأحداث».
وقال سعيد الزهراني، مدير تحرير «المجلة العربية»: إن «العسكر، أحد أبرز عقول التأريخ الحديث، فلا يكاد يذكر التاريخ السعودي تحديدا إلا ويذكر المؤرخ العسكر، يرحمه الله»، وقال الزهراني لـ«الشرق الأوسط»: إن «ما يميز الراحل عمقه القرائي الحصيف بربط الأحداث وتفسير السياقات واستقراء المآلات، وفيه تكمن براعة التأريخي حين يتجاوز مجرد التتبع والتجميع إلى محاولة استنطاق الوقائع ومحاكمتها وفق أُطر علمية منهجية رصينة ودقيقة، وعلى هذا السياق كان عطاء الفقيد العسكر يرحمه الله. وعلى الجانب الإنساني يحضر وجه الراحل العسكر متزينًا بالصدق واللطف والخلق الرفيع الذي شهد به المشهد الثقافي السعودي والعربي حين عم نبأ رحيله الثقافي المفاجئ الفاجعة في اللحظة ذاتها».
المؤرخ السعودي عبد الله العسكر يوارى الثرى في الرياض
تعرض لحادث سيارة أثناء خروجه من مكتبة الإسكندرية
المؤرخ السعودي عبد الله العسكر يوارى الثرى في الرياض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة