كاظم الساهر يأسر الجمهور بأغانيه في مهرجان قرطاج

غنى في مهرجان قرطاج أمام شبابيك مغلقة

كاظم الساهر يأسر الجمهور بأغانيه في مهرجان قرطاج
TT

كاظم الساهر يأسر الجمهور بأغانيه في مهرجان قرطاج

كاظم الساهر يأسر الجمهور بأغانيه في مهرجان قرطاج

كان الفنان العراقي كاظم الساهر في أجمل حالاته النفسية والمعنوية، وهو يصعد فوق ركح المسرح الأثري بقرطاج، بعد غياب دام نحو 3 سنوات.
أسر الجمهور بحضوره الجذاب وصوته الرقيق وإحساسه المرهف، ولم يبخل عليه الجمهور بالتفاعل الإيجابي كعادته، فغنى ورقص بلا توقف لمدة فاقت الساعتين.
عاد كاظم إلى تونس ليجد نفس الجمهور بنفس الحماس والحب والتفاني في الاستماع إلى أغانيه الرومانسية الجميلة. كاظم الساهر صعد الليلة قبل الماضية على ركح مسرح قرطاج الدولي في دورته 52 أمام شبابيك مغلقة، وأهدى الجمهور الحاضر أغانيه التي يحبها، ولم يحدد برنامجا فنيا محددا، بل ترك زمام الأمور للجمهور المتعطش لرؤيته.
الجمهور ردد بعض أغانيه وهتف باسمه قبل ساعات من انطلاق السهرة، وانتظر بصبر كبير لحظة ظهور «القيصر» كما يسميه النقاد على مسرح قرطاج بخطوات ثابتة، وبدلة سوداء أنيقة مع قميص أبيض مفتوح على مستوى أعلى الصدر، في مظهر الشاب على الدوام.
كاظم أطل مبتسما منبهرا بجمهوره الكبير، وخاطبه بقوله: «إنتو فتنتوني»، وجهز للسهرة 14 أغنية، وترك الاختيار للجمهور، ولم يبخل عليه بأغان قديمة وأخرى جديدة، فمنذ أن اكتشفته المهرجانات التونسية بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، حافظ كاظم الساهر على شعبية قياسية وتفاعل مع الجمهور بذكاء وحرفية.
وهذا النجاح الجماهيري الكبير جعل محمد زين العابدين مدير مهرجان قرطاج يقول: «إنه لم يكن يتوقّع أن تكون شعبية الفنان العراقي كاظم الساهر بهذا الحجم، وأكد أنّ الحضور بلغ 15 ألف متفرج، للمرة الأولى منذ انطلاق المهرجان. وكشف أنّ كاظم الساهر الأغلى أجرا بين الفنانين العرب الذين سيشاركون في مهرجان قرطاج في هذه الدورة.
كاظم انطلق في السهرة بجديده «لجسمك عطر»، وفوجئ بمشاركة الجمهور للأغنية وحفظها، ثم أدى مجموعة من أنجح أغانيه مثل «هل عندك شك» و«يضرب الحب»، و«زيديني عشقا»، و«أجمل ما في الكون»، و«أحبيني»، واختتم سهرته بأغنية «يا حلوة انت يا تونس» التي اهتزت لها مدارج قرطاج، وتفاعلت معها الجماهير التي تتغير ولكنها تتفق على حب الأغاني الرومانسية.
وكانت المفاجأة خلال هذه السهرة، حينما استقبل كاظم الساهر على المسرح نور قمر الطفلة التونسية صاحبة الموهبة الخارقة، والتي كانت ضمن فريقه في برنامج «ذا فويس كيدز»، وغنت نور بكثير من التفاعل الإيجابي أغنية «مالي خلق» التي أداها كاظم الساهر رفقة عدد من أبناء فريقه في البرنامج التلفزيوني، وبدت في وضعية تلميذ يثأر من أستاذه الذي تخلى عنها في مرحلة المواجهة، مما أثار كثيرا من ردود الفعل المنتقدة لموقف كاظم، وبخاصة بعد أن اقتنع كثير من التونسيين والعرب بأن «نور» كانت في البداية من بين أبرز الأصوات المرشحة لنيل اللقب.
وفي النهاية صفق لها كاظم إعجابا وفخرا بإمكاناتها الصوتية العريضة، في مشاركة هي الثانية لها فوق مسرح قرطاج. فقد غنت أيضا مع الفنانة المغربية سميرة سعيد في سهرة 15 يوليو (تموز)، وأبدعت في أغنية «قال جاني بعد يومين».
سهرة كاظم الساهر كانت ناجحة بكل المقاييس، وهي تثبت من جديد أن السنين الثلاثين التي مرت من عمره الفني لم تؤثر على صوته، بل زادته تألقا وحبا في صفوف الجمهور.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».