هل تدعم أموال الإغاثة والتحفيز الاقتصاد الياباني؟

طوكيو أبدت استعدادها للقيام بالإجراءات كافة لرفع التضخم

أحد المارة أمام لوحات تشير إلى أسعار الأسهم اليابانية في طوكيو (أ.ف.ب)
أحد المارة أمام لوحات تشير إلى أسعار الأسهم اليابانية في طوكيو (أ.ف.ب)
TT

هل تدعم أموال الإغاثة والتحفيز الاقتصاد الياباني؟

أحد المارة أمام لوحات تشير إلى أسعار الأسهم اليابانية في طوكيو (أ.ف.ب)
أحد المارة أمام لوحات تشير إلى أسعار الأسهم اليابانية في طوكيو (أ.ف.ب)

على مدى سنوات، ظلت البنوك المركزية تفعل كل ما بوسعها، وما يخطر ببالها للوصول لأعلى معدلات التضخم وأقوى حالات النمو، والخطوة التالية ربما تكون بمثابة طائرة مروحية «مجازية»، تحوم فوق سماء طوكيو، حيث اجتمع بنك اليابان المركزي أمس (الجمعة) لاتخاذ القرار بشأن الخطوات التالية في معركته الطويلة ضد الانكماش، أو الأسعار المنخفضة، وربما يسعى أيضا وراء بعض الجهود التنسيقية مع الحكومة اليابانية باستخدام فكرة ذات أثر تاريخي عميق.
وتعد أموال الإغاثة والتحفيز، هو المصطلح الذي يستخدمه خبراء الاقتصاد ومراقبو الأسواق للتعبير عن نمط صارم من التحفيزات النقدية - أو سلطة الحكومة في طباعة البنكنوت – في محاولة لتحفيز النمو ورفع معدلات التضخم. وانتشرت الأقاويل بأن بنك اليابان قد يمضي في هذا الاتجاه، على الرغم من أن محافظ البنك قد كذب تلك الفكرة الساخنة خلال مقابلة شخصية أجريت معه مؤخرا.
وتستند تلك الفكرة على مجاز مستخدم من قبل الاقتصادي البارز ميلتون فريدمان قبل خمسة عقود ماضية، تلك التي عادت إلى الوجود من جديد خلال هذا القرن على أيدي بن برنانكي. وهي أيضا السياسية التي تعكس أصداء بعض الكوارث الكبرى في التاريخ الاقتصادي العالمي.
وبصرف النظر عن قرارات بنك اليابان خلال هذا الأسبوع، فإذا ما استمرت حالة الركود والانكماش التي يشهدها الاقتصاد العالمي، فمن المتوقع أن تزداد حدة المناقشات حول تلك المروحيات المجازية، على غرار المقولة المأثورة التي تقول، إن «الأوقات العصيبة تستلزم تدابير يائسة»، وأموال الإغاثة والتحفيز هي التعبير الأمثل عن حالة اليأس التي تشهدها السياسة النقدية الحالية.
* ما هي أموال الإغاثة والتحفيز؟
في المعتاد عندما نقول: إن بنك الاحتياطي الفيدرالي أو البنك المركزي الأوروبي يخلق الأموال من الفراغ، فإنهم يفعلون ذلك عن طريق شراء السندات أو غيرها من الأصول من البنوك باستخدام الأموال التي ليست إلا مدخلات المحاسبة الإلكترونية، ثم تعمل البنوك بعد ذلك على نشر الأموال في مختلف أركان الاقتصاد.
ولكن كيف يكون الأمر إذا كانت تلك الآليات غير فاعلة بدرجة كافية لسبب من الأسباب (بأن يكون النظام المصرفي لا يعمل بشكل جيد، على سبيل المثال)، ويرغب البنك المركزي في نشر وتدوير الأموال في مختلف أجزاء الاقتصاد على أي حال؟
كانت تلك هي التجربة التي خبرها السيد فريدمان في الدراسة التي نشرت عام 1969 بعنوان «الكمية المثلى من الأموال». ثم عرض هذه الفرضية العبثية المتعمدة، حيث قال: «دعونا نفترض الآن أن إحدى المروحيات في يوم من الأيام تحوم في سماء هذا الحي وتلقي بالأموال من فئة ألف دولار من السماء، حيث يقوم سكان الحي بطبيعة الحال بجمعها والاحتفاظ بها وبمنتهى السرعة».
فالأموال، أو المزيد منها، التي تلقى من السماء، تستخدم في شراء الكميات نفسها من السلع والخدمات، ستؤدي وبصورة حتمية إلى ارتفاع الأسعار، وبعبارة أخرى، ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
* أسباب رفع معدلات التضخم
يمكن للانكماش، أو هبوط الأسعار، أن يسبب الأضرار البالغة على الاقتصاد، وركز تحليل السيد فريدمان المؤثر حول كيفية حدوث الكساد الكبير على هذه النقطة بالأساس، واعتبرها من الظواهر النقدية. وقال: إن البنوك المركزية فشلت في توفير إمدادات الأموال الكافية، وبالتالي سمحت بحدوث الانكماش المدمر في ربوع الاقتصاد.
عندما تنخفض الأسعار، فهي تؤدي إلى إحجام المستهلكين والشركات عن الإنفاق بسبب أن أي شيء يرغبون في شرائه سينخفض سعره في اليوم التالي. وهو الأمر الذي يجعل الديون أكثر إرهاقا بسبب اضطرارهم إلى سدادها بالأموال التي سترتفع قيمتها في اليوم التالي. وتلك الظروف يمكنها أن تكون حلقة مفرغة: حيث يخلق الضعف الاقتصادي المزيد من هبوط الأسعار، والذي يخلق بدوره المزيد من الضعف الاقتصادي، وهكذا.
ويمكننا القول، أن الكثير من الدول المتقدمة، وخصوصا في اليابان ومنطقة اليورو، يشهدون الآن نسخة مخففة من هذه الحلقة المفرغة، وشرع بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي في تنفيذ سلسلة من الأدوات الصارمة بشكل متزايد في محاولة لعكس الاتجاه الراهن.
تعهد بنك اليابان، على سبيل المثال، بفعل كل ما يلزم للوصول بالتضخم إلى نسبة 2 في المائة المستهدفة. ولقد اشترى البنك ما يقرب من تريليون ين من الأصول في محاولة لتحقيق هذا الهدف، ولكن بدلا من ذلك هبط السعر الأساسي بواقع 0.4 نقطة مئوية في السنة المالية التي انتهت في مايو (أيار).
والسؤال الحالي هو، ما إذا كان شكل من أشكال أموال الإغاثة والتحفيز هو الخطوة التالية في محاولة البنك تحقيق هذا الهدف، فهل يقوم البنك المركزي فعليا بإسقاط الأموال من المروحيات التي تحوم في السماء؟
كلا! إنه مجرد تعبير مجازي ليس إلا. فكما قال بن برنانكي في خطاب ألقاه عام 2002 عندما كان يشغل منصب رئيس نبك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إذا ما خلق البنك المركزي الأموال من الفراغ ومنحها إلى الحكومة، ثم عملت الحكومة على تخفيض معدلات الضرائب، أو أرسلت شيكا نقديا إلى كل مواطن، فسيصل الأمر، وعلى أسس موضوعية، إلى الغاية نفسها على غرار المثال المجازي الذي يطرحه السيد برنانكي.
(تجاهل السيد برنانكي توصيات السكرتير الصحافي لبنك الاحتياطي الفيدرالي بعدم استخدام لفظة «مروحية» في خطابه، وفقا لمذكراته الشخصية، خشية أن يبدو الأمر سخيفا للغاية لدى الناس. ومن المؤكد، أن استخدام هذه الكلمة منحه لدى الجمهور والنقاد اسمه المستعار الجديد «مروحية بن». وهذا من الأمثلة البارزة على ندرة استخدام البنوك المركزية للإشارات اللفظية الدارجة).
* سياسات التيسير الكمي
ولكن كيف يختلف هذا الأمر عما كانت البنوك المركزية تفعله على مدى سنوات باستخدام سياسات التخفيف ال كمي؟
هناك فارق كبير، حيث تتألف سياسات التخفيف الكمية بالأساس من استخدام البنوك المركزية للأموال التي تستخرجها من الفراغ في شراء السندات الحكومية. وهو ما يعني في الواقع طباعة المزيد من الأموال لتمويل العجز الحكومي.
ولكن مع سياسة التخفيف الكمي، فإن البنوك المركزية تشتري الأصول التي يتعين على الحكومة سدادها فيما بعد. وبنك الاحتياطي الفيدرالي، على سبيل المثال، يمتلك 2.5 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية في الميزانية العمومية، ولكن يتعين على الحكومة، بمرور الوقت، أن تسدد تلك الأموال. ويمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي بالطبع إعادة ضخ الأموال من جديد في صورة سندات جديدة، ولكن ذلك يتوقف على تقديره ما إذا كان الوقت مناسبا لسحب الأموال من الاقتصاد من عدمه.
على النقيض من ذلك، فإن نسخ أموال الإغاثة والتحفيز التي ظل المحللون يناقشونها بالنسبة لليابان وغيرها من الدول المتقدمة ترتبط بالأساس بفخ الانكماش الاقتصادي، وتنطوي على نوع مختلف من المعاملات المالية. والاحتمال الرئيسي في هذا الصدد: أن تقوم الحكومة بإصدار «سندات دائمة» بسعر فائدة صفري، تلك التي يشتريها البنك المركزي ويتعهد بالاحتفاظ بها للأبد.
قد يبدو الأمر فنيا بدرجة ما. ولنفكر في الأمر من هذه الزاوية: فإن التخفيف الكمي هو أقرب ما يكون من عمك الثري الذي يمنحك قرضا بشروط مُرضية، ولكنه يوضح لك إنه يتعين عليك سداد الفوائد، ثم سداد أصل الأموال بعد ذلك في يوم من الأيام. وأموال الإغاثة والتحفيز هي ما يحدث عندما يقرضك عمك الثري قرضا، ولكنه يقول لك إنه لا يتعين عليك سداد أي فوائد على الأموال، وليس عليك أيضا سداد أصل الأموال في يوم من الأيام. ومن الناحية العملية، فإنها تعتبر بمثابة هدية أكثر من كونها قرضا، بصرف النظر عما تقوله مصطلحات الدفاتر المحاسبية حول الأمر.
وحيث إنه من المرجح تماما بالنسبة لك إنفاقك الأموال التي منحك عمك الثري إياها مع التخلي عن الموقف الثاني مما كان عليه الأمر في البداية، فإنه من المرجح للحكومة كذلك أن تنشر الأموال في مختلف أنحاء الاقتصاد.
وفي واقع الأمر، إذا ما أردت أن تكون أكثر ليبرالية في تعريفاتك، يمكنك القول: إن الولايات المتحدة جربت شكلا من أشكال أموال الإغاثة والتحفيز في عام 2009 عندما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي ينفذ سياسة التخفيف الكمي ثم مرر الكونغرس حزمة التحفيز المالي التي، من بين أشياء أخرى، ساهمت في تخفيض الضرائب على المرتبات بصورة مؤقتة. غير أن ذلك الوضع لا يتسق مع التعريفات الكلاسيكية.
*خدمة «نيويورك تايمز»



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.