الكشف عن أسر جندي إسرائيلي لدى حماس يثير ضجة في تل أبيب

عرب إسرائيل يردون على ليبرمان بإطلاق اسم محمود درويش على شوارع ومرافق ثقافية

الكشف عن أسر جندي إسرائيلي لدى حماس يثير ضجة في تل أبيب
TT

الكشف عن أسر جندي إسرائيلي لدى حماس يثير ضجة في تل أبيب

الكشف عن أسر جندي إسرائيلي لدى حماس يثير ضجة في تل أبيب

في تصريح أحدث ضجة كبيرة في إسرائيل وأحرج حكومة بنيامين نتنياهو، أعلنت والدة أورون شاؤول، الجندي الأسير لدى حماس، أمس، أن لديها معلومات مؤكدة تفيد بأن ابنها لم يمت، كما تدعي الحكومة، وأنه على قيد الحياة، وهو التصريح الذي أثار زلزالا في المشهد السياسي والشارع الإسرائيلي، لأن الحكومة ظلت تدعي طول الوقت أنه ميت وترفض إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، يتم بموجبها إطلاق سراحه مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين.
ومعلوم أن شاؤول وقع في أسر حماس خلال الحرب الأخيرة على غزة قبل سنتين في صيف 2014. ومنذ ذلك الحين تتخذ الحكومة الإسرائيلية موقفا صارما ضد إبرام صفقة مع الفلسطينيين لكي لا تقدم على خطوات كانت قد تعهدت بعدم تكرارها مثل صفقة شاليط، مستخدمة في ذلك حرب أعصاب مع «حماس»، ومستغلة صمت عائلات الجنديين وثلاثة مواطنين آخرين (أحدهما من أصل إثيوبي واثنان عربيان من النقب)، على أمل رضوخ حماس.
وقالت زهافا شاؤول، خلال حديث خاص مع موقع «nrg»، التابع لصحيفة «معريب»، أمس، إن إحساسها بصفتها أما يخبرها أن ابنها حي يرزق، ولكن ليس من هذا الباب قررت الخروج بهذه الحملة، بل بالاعتماد على إثباتات دامغة، حيث كشفت أن حركة حماس أوفدت إليها رسالة واضحة تؤكد فيها أن ابنها حي يرزق، كما أنها تمتلك معلومات واضحة تثبت ذلك.
وأضافت الأم أنها حاولت أن تصدق رواية الحكومة أن ابنها قتل. ولكنها لم تقتنع، وقالت بهذا الخصوص: «كل ما أظهروه لي من براهين لم تكن مقنعة. وبالمقابل أنا لم أقف مكتوفة الأيدي خلال السنتين الماضيتين، بل أجريت عدة تحريات بطرقي الخاصة، أكدت لي بشكل قاطع أن ابني حي يرزق لدى حماس في قطاع غزة... وعندما تم أسر ابني كان ما يزال حيا».
ويرى مراقبون أن موقف هذه الأم سيقلب المعادلات رأسا على عقب، وقد يكون بداية لـ«شرارة حارقة» ستحدث شرخا في المجتمع الإسرائيلي، ولم يستبعدوا خروج الناس بالآلاف للضغط على الحكومة، كما حصل في قضية شاليط.
ويذكر أن الساحة الإسرائيلية تشهد منذ أيام صراعات ونقاشات حادة حول طريقة إدارة الحرب المذكورة على قطاع غزة، إذ يعتبرها أنصار المعارضة فشلا هائلا للحكومة يستدعي تشكيل لجنة تحقيق رسمية، ويرون أن وقوع جنديين حيين أو ميتين في الأسر، واحد من هذه الإخفاقات. لكن نتنياهو يرفض تشكيل لجنة كهذه، ويقول إن الجيش أجرى ما يلزم من فحص ولم يكتشف ما يستحق التحقيق.
وشاركت والدة الجندي شاؤول في هذا النقاش وقالت إن «فشلاً كبيرًا حصل هناك، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يريد البوح بذلك على العلن، ولكنني لن أسكت، وأرغب في كشف الحقيقة»، مؤكدة أنها رفضت وضع نصب تذكاري لابنها، لأنها ترفض قبول فكرة أنه ميت.
من جهة ثانية، أكدت مصادر إسرائيلية، أمس، أن توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث الرباعية الدولية السابق، استأنف جهودا للوساطة بين إسرائيل وحماس في هذه القضية. وقال مقرب من الحكومة إن أي حديث في هذا الموضوع سيخرب على جهود الحكومة لإعادة الجثتين والمواطنين الثلاثة المحتجزين لدى حماس. لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت أي تعليق في هذا الموضوع.
من جهة ثانية، رد المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) على حملة التحريض التي أطلقها وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وغيره من المسؤولين، بإطلاق اسم الشاعر العربي الكبير، الراحل محمود درويش، على أسماء شوارع مركزية ومرافق ثقافية كثيرة. وقد احتفلت مدينة الطيبة، مساء أول من أمس، بتكريم الشاعر الراحل بإطلاق اسمه على أحد أبرز وأهم الشوارع الحيوية في المدينة، وتم إسدال الستار عن اسم الشارع خلال فعالية تكريمه، نظمتها بلدية الطيبة، بحضور رئيسها المحامي، شعاع منصور مصاروة، وأعضاء وموظفي البلدية، ورئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، والنائبين د. أحمد طيبي، وأسامة السعدي، وعدد كبير من أبناء مدينة الطيبة.
وقال الطيبي إن هذه الفعالية أفضل رد على الهجوم العنصري، الذي وجهه ليبرمان تجاه شاعر فلسطين محمود درويش وقال إنه «مهم جدًا لنا أن نخلد ذكرى شاعر بارز وهو محمود درويش، وهذه رسالة لكل العنصريين الذين يحاولون طمس تاريخنا ومعالمنا وشعرائنا».
وكان ليبرمان وزميلته في الحكومة، ميري ريجف وزيرة الثقافة، قد هاجما إذاعة الجيش الإسرائيلي على بث درس جامعي تضمن فقرة عن محمود درويش وقصيدته «سجل أنا عربي»، واعتبره ليبرمان شاعرا من أكلة لحوم البشر، تراثه شبيه بتراث هتلر».
وأطلق اسم درويش على مزارات ثقافية في الناصرة وحيفا والمكر وكفر ياسيف وعرابة وغيرها من المدن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم