تونس: «كرنفال بابا أوسو» يجوب مدينة سوسة السياحية

مشاركة فرق فنية من سوريا وليبيا والجزائر وفرنسا وروسيا والمغرب

ألوان زاهية تطوف شوارع سوسة
ألوان زاهية تطوف شوارع سوسة
TT

تونس: «كرنفال بابا أوسو» يجوب مدينة سوسة السياحية

ألوان زاهية تطوف شوارع سوسة
ألوان زاهية تطوف شوارع سوسة

شاركت 13 عربة كبيرة وأكثر من ألف و500 مبدع وراقص من سوريا وليبيا والجزائر وفرنسا وروسيا والمغرب، في كرنفال مدينة سوسة السياحية (وسط شرق تونس) الذي ينظم هذه السنة تحت شعار «تونس دائما تحتفل».
وتضمن البرنامج الترفيهي للدورة 57 من مهرجان «أوسو» فقرات موسيقية واستعراضية في نطاق «كرنفال أوسو»، وشاركت الفرق النحاسية والماجورات والعربات والمجسمات والدمى العملاقة في هذا الاحتفال، واتخذت أجهزة الأمن التونسي إجراءات أمنية صارمة، لتفادي أي مخاطر إرهابية خاصة، إثر ما عرفته مدينة نيس الفرنسية أثناء احتفال الفرنسيين بعيد الجمهورية الفرنسية.
وقال علي المرموري، أمين عام جمعية «كرنفال بابا أوسو»، إن هذا الاحتفال سجل غيابا تواصل لمدة أربع سنوات متتالية، وذلك من 2011 حتى 2015 لأسباب أمنية وتنظيمية في المقام الأول ومادية كذلك، لكنه عاد إلى سالف نشاطه ليبعث رسالة إخاء ومحبة وسلام إلى العالم.
وأضاف المرموري أن هذا الاحتفال السنوي يرتبط في الذاكرة الجماعية بجمع الصابة خلال أشهر الصيف وبحالة الرخاء التي تعم المدينة، مما يجعل الاحتفال بعد شقاء جمع المحاصيل مسألة ترفيه واعتراف بالجميل لله على ما أهداه لسكان مدينة سوسة من خير وفير.
وجاب «كرنفال بابا أوسو» بألوانه الزاهية وألحانه الشعبية العارمة أبرز الشوارع السياحية لمدينة سوسة، وانطلق من رصيف الفنون المحاذي للميناء التجاري، ومر عبر الساحة الرئيسية لمدينة سوسة وجاب شارع الحبيب بورقيبة الشارع الرئيسي للمدينة، ليصل إلى كورنيش «بوجعفر» على شاطئ البحر. وشهد هذا الاستعراض السنوي مشاركة مئات السائحين في هذا الاحتفال، خصوصا بعد إشارة المشرفين على القطاع السياحي إلى عودة الانتعاش السياحي إلى مدينة سوسة، واستقبالها خلال الآونة الأخيرة لنحو 200 ألف سائح منذ بداية الموسم السياحي الحالي.
وأمنت فرقة «سيف الشام الملكية»، وهي فرقة سورية استعراضية، جانبا من الاحتفالات، وتشهد هذه التظاهرة الاستعراضية عروضا فنية من بينها مسرحية «عائلة هايلة»، وعرض «ليالي لسهام بلخوجة»، وعرض موسيقي للفنان التونسي فرحات الجويني، بالإضافة إلى فقرة استعراضية قادمة إلى تونس من روسيا.
وبشأن هذه التظاهرة الثقافية ذات الأبعاد السياحية، قال جلال تفيفحة، مدير «كرنفال بابا أوسو»، إن هذه التظاهرة من أقدم الكرنفالات بالمنطقة المتوسطية، إذ يعود إلى جذور فينيقية، وقد حافظ سكان مدينة سوسة على طقوسهم الخاصة بفترة «أوسو»، وتتمثل في الحرص على السباحة طوال الفترة الممتدة من 24 يوليو (تموز) إلى 13 أغسطس (آب) من كل سنة، ويعتقدون أن السباحة خلال هذه الفترة من السنة تمثل شفاء للجسد وسكينة للروح وتجنبا للأمراض طوال أشهر الشتاء، وذلك وفق معتقدات تعود إلى آلاف السنين. وعبارة «أوسو» تعني إله البحر الذي يدعى كذلك «أغسطس»، وهو يزور المدينة في هذه الفترة من كل سنة لرعاية المصطافين الذين يؤمون بحر سوسة، وأساسا بحر «بوجعفر» نسبة إلى الولي الصالح «سيدي بوجعفر».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».