دعوة لبنان لنقل اللاجئين السوريين إلى داخل بلادهم لا تلقى حماسة دولية

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: لا مناطق آمنة في سوريا

دعوة لبنان لنقل اللاجئين السوريين إلى داخل بلادهم لا تلقى حماسة دولية
TT

دعوة لبنان لنقل اللاجئين السوريين إلى داخل بلادهم لا تلقى حماسة دولية

دعوة لبنان لنقل اللاجئين السوريين إلى داخل بلادهم لا تلقى حماسة دولية

تتفهم الدول الغربية إصرار لبنان على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم تبعا للتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها؛ نتيجة استضافة أكثر من مليون ونصف لاجئ منذ العام 2011 بغياب أي أفق حقيقي لحل الأزمة السورية وتعدد الطروحات التي قد توحي بوجود نية لدى أطراف دوليين بتوطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم. وقد فاقم إعلان الرئيس التركي مطلع الشهر الحالي أن حكومته تعمل على مشروع من شأنه السماح للراغبين من اللاجئين السوريين الحصول على الجنسية التركية، من مخاوف اللبنانيين وبالتحديد الجهات الرسمية من وجود خطة دولية للتوطين تصبح أمرا واقعا مع مرور الوقت.
وحثَّ رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، خلال الكلمة التي ألقاها أمام القمة العربية السابعة والعشرين التي انعقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط، على تشكيل هيئة عربية تعمل على بلورة فكرة إنشاء مناطق إقامة للنازحين السوريين داخل الأراضي السورية، «وإقناع المجتمع الدولي بها لأن رعاية السوريين في أرضهم أقل كلفة على دول الجوار وعلى الجهات المانحة وأفضل طريقة لوقف جريمة تشتيت الشعب السوري». ودعا في انتظار ذلك إلى إنشاء صندوق عربي «لتعزيز قدرة المضيفين على الصمود وتحسين شروط إقامة النازحين المؤقتة»، مشددا على أن «لبنان ليس بلد لجوء دائم وليس وطنا نهائيا إلا لأهله».
ولا تبدي الدول الغربية التي فاتحها لبنان الرسمي أكثر من مرة بالموضوع أي حماسة لنقل اللاجئين إلى مناطق آمنة داخل سوريا. فهذه الدول لم تتجاوب أصلا مع طلبات المعارضة السورية المتكررة لإنشاء مناطق مماثلة وخاصة على الحدود مع تركيا. وتقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» إنها لا ترحب بالفكرة من منطلق أن «لا أماكن آمنة داخل سوريا، وبالتالي لا يجوز نقل عشرات آلاف السوريين إلى مقرات قد نظنها آمنة في مرحلة من المراحل فتتحول بلحظة إلى منطقة حرب». وأشارت المصادر إلى أن «التجاوب مع طرح مماثل ممكن فقط مع ضمان التوصل لحل نهائي للأزمة السورية يضع حدا لوقف إطلاق النار، عندها يمكن نقل مئات الآلاف من اللاجئين إلى مناطق داخل سوريا بانتظار إعادة أعمار منازلهم، لأنه بحينها فقط يمكن ضمان أمنهم».
وينسجم الموقف الذي عبرت عنه المصادر الدبلوماسية مع موقف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إذ قالت الناطقة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ«الشرق الأوسط» إن «التاريخ علمنا أن إنشاء مراكز إقامة في دول لا تزال بحالة حرب، لم يكن يوما آمنا»، مشددة على عدم جواز السير بطرح مماثل «قبل توافر كل بنود القانون الدولي - الإنساني ومنها موافقة الحكومة السورية والجهات المعنية بالحرب». وأضافت أبو خالد: «أي منطقة يمكن أن ننقل إليها اللاجئين داخل سوريا يجب أن تكون منطقة مدنية بامتياز لضمان عدم تعريض حياتهم للخطر ... وحتى الساعة لا وجود لمنطقة مماثلة كما أن البنود التي تحدثنا عنها لم تكتمل».
وتولى حزب «البعث العربي الاشتراكي» في لبنان في العام 2014 تنظيم عودة العشرات من العائلات السورية التي نزحت إلى مناطق لبنانية حدودية بعد سيطرة جيش النظام السوري بوقتها على منطقة القلمون في ريف دمشق، واهتم الحزب المذكور بحينها بتسوية أوضاع نحو 350 لاجئا سوريا من مؤيدي النظام، وأمَّن لهم وسائل النقل، ورتَّب الإجراءات الأمنية بالتنسيق مع السفارة السورية في بيروت، كذلك مع القيادة القطرية للحزب ومحافظ ريف دمشق. لكن هذه الإجراءات عادت وتراجعت مع اشتداد المعارك في معظم المناطق السورية. ويرى عاصم قانصو، النائب اللبناني عن الحزب المذكور، أن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام «تأخر كثيرا بطرح موضوع معالجة أزمة اللاجئين السوريين، فقد أنهكنا النأي بالنفس، وحان الوقت لتنظيم عملية رجوع السوريين إلى بلادهم بالإمكانات والظروف المتاحة»، داعيا إلى إنشاء «مراكز استيعاب على الحدود اللبنانية لتهيئة عودة اللاجئين بعد تقسيمهم إلى مجموعات حسب المناطق التي ينتمون إليها». وقال قانصو لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب تنسيق وزارت الشؤون الاجتماعية والدفاع والأجهزة الأمنية المختصة اللبنانية - السورية لضمان الشروع بالعمليات التطبيقية»، مشددا على وجوب أن يتم كل ذلك «بعيدا عن التشنج والأحكام المسبقة».
وتلقفت معظم الكتل النيابية في اجتماعاتها، يوم أمس، الموقف الذي أطلقه سلام، ففيما شددت كتلة «المستقبل» التي يرأسها النائب سعد الحريري على «أهمية ومحورية التمسك بنقاط الإجماع اللبناني الواردة في الدستور والميثاق التي أساسها رفض التوطين في لبنان، سواء كان توطين اللاجئين الفلسطينيين أو توطين النازحين السوريين، باعتباره أهم عامل في حماية لبنان واللبنانيين من المخاطر التي يحملها معه هذا العدد الكبير من اللاجئين، الذي أسهم ولا شك تورط (حزب الله) في الحرب الدائرة في سوريا في توسع دائرة النزوح إلى لبنان»، وشدد تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون على ضرورة العودة الطوعية للنازحين السوريين، مشيرا إلى أن «رئيس الحكومة تمام سلام في قمة نواكشوط أشار إلى الأماكن الآمنة في سوريا، ونحن ننتظر بلورة الموقف المتقدم»، لافتا إلى أن «المطلوب التنسيق مع سلطات سوريا بالتعاون مع الأمم المتحدة لا سيما في ضوء ما يتيحه بيان رئاسة الأمم المتحدة الأخير».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.