الإرهاب.. تعددت الأوصاف والجريمة واحدة

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: مختلون عقليًا أو راغبون في الانتحار.. كلهم نماذج لـ«التطرف»

ضباط شرطة ألمان يجمعون الأدلة الجنائية من موقع الهجوم الانتحاري في مدينة أنسباخ (إ.ب.أ)
ضباط شرطة ألمان يجمعون الأدلة الجنائية من موقع الهجوم الانتحاري في مدينة أنسباخ (إ.ب.أ)
TT

الإرهاب.. تعددت الأوصاف والجريمة واحدة

ضباط شرطة ألمان يجمعون الأدلة الجنائية من موقع الهجوم الانتحاري في مدينة أنسباخ (إ.ب.أ)
ضباط شرطة ألمان يجمعون الأدلة الجنائية من موقع الهجوم الانتحاري في مدينة أنسباخ (إ.ب.أ)

كثيرًا ما يقال إن الإرهابي في عين رجل ما يبدو بطلاً في عين رجل آخر، لكن هذا القول صحيح في جزء منه فحسب. بالنسبة لأي خبير، من السهل تعريف الإرهاب: إنه استخدام العنف أو التهديد بالعنف لخلق الخوف داخل مجموعة مستهدفة من السكان المدنيين في محاولة لتعزيز أجندة سياسية أو دينية.
بوجه عام، من الواجب توافر عدة عناصر في عمل كي يعد عملاً إرهابيًا، حيث ينبغي أن يشمل استخدام العنف، واستهداف مدنيين، ويسعى لبث الخوف في النفوس، وقبل كل ما سبق، ينبغي أن يكون العمل نابع عن حافز يرتبط بهدف أو مشروع أوسع، كما نرى في أفعال الدم والإرهاب التي انتقلت من فرنسا وبلجيكا إلى ألمانيا في غضون أيام.
من الناحية الفنية، لا تحمل مسألة ما إذا كانت هذه الأجندة مبررة، حيث يبقى الإرهاب تكتيكًا، لكن مدى صحة استخدام التكتيك لا تحمل أهمية في حد ذاتها. وعليه، نجد أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة وهجمات 7 يوليو (تموز) في لندن تمثل أعمالاً إرهابية بوضوح.
يقول جيسون بيرك - خبير مكافحة الإرهاب من صحيفة «الغارديان» وله أكثر من كتاب عن التطرف والمتشددين منذ هجمات سبتمبر حتى اليوم منها «القاعدة: القصة الحقيقية للإسلام الراديكالي»، و«في الطريق إلى قندهار» ينطبق القول ذاته على التفجيرات الكثيرة التي ضربت على مر السنوات العراق ونفذها تنظيم داعش أو الجماعات السابقة لها. وكذلك الحال مع التفجيرات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصا من طائفة الهزارة في كابل، السبت الماضي.
ويتساءل الكاتب الصحافي بيرك مؤلف «حروب 9/11» الذي أصدره في الذكرى العاشرة للهجمات: هل كان الهجوم الذي ضرب نيس في وقت سابق من الشهر عملاً إرهابيًا؟ على نحو متزايد، يتضح أمامنا أن منفذ الهجوم له تاريخ مع الاكتئاب، تبعًا لما ذكرته أسرته، لكن لا يبدو في الوقت ذاته أنه عانى من خلل ذهني خطير، في حدود علمنا. وتبعًا للمدعي العام بباريس فرنسوا مولين، فإنه على ما يبدو عمد هذا الشخص إلى التخطيط لهذا الهجوم منذ أكثر من عام. وهناك أدلة أيضًا تشير إلى أن محمد لحويج بوهلال استوحى إلهامه من دعايات «داعش»، لكن لا تتوافر دلائل توحي بأن التنظيم أمر بتنفيذ الهجوم أو تولى المشاركة في تنسيقه حتى وإن ادعى مسؤوليته عنه. وقد استهدف الهجوم مدنيين في فرنسا كانوا يحتفلون بيوم الباستيل الذي يحمل قيمة كبرى للفرنسيين، الأمر الذي يعكس سمات الهدف المعتاد بالنسبة للمتطرفين.
ويقول بيرك إن العمل الذي ارتكب في نيس الفرنسية كان متوافقًا مع غالبية التعريفات للعمل الإرهابي. يقع خلف الهجوم مشروع آيديولوجي أكبر - بل وهناك ادعاء للمسؤولية من قبل تنظيم إرهابي هو «داعش». كما أن الهدف يعد كلاسيكيًا بالنسبة للإرهابيين - ذلك أنه يحمل قيمة رمزية، إضافة إلى ترويع العمل لسكان مدنيين. أما مسألة أن بوهلال لم يكن مسلمًا مواظبًا على أداء شعائر الدين فلا تخلق اختلافًا كبيرًا في التحليل الفني لهذا العمل الدموي.
ويضيف: ليس ثمة ما يدعو للاعتقاد أيضًا بأن عمر متين، الذي قتل 49 شخصًا داخل أورلاندو في فلوريدا داخل الولايات المتحدة، كان مريضًا نفسيًا. مثل بوهلال، استخدم متين العنف ضد زوجته، لكن ليس لديه تاريخ يتعلق بمرض نفسي خطير. وقد أعلن متين ولاءه لتنظيم داعش، ورغم أن دوافعه ربما ما تزال مبهمة، فإن ما فعله يتوافق بالتأكيد مع التعريف الفني للإرهاب.
إلا أن ما فعله علي سنبلي، مثلما الحال مع الكثير من مطلقي النار في الولايات المتحدة وأقل منهم كثيرًا في العدد داخل المملكة المتحدة، لا يتماشى مع تعريف الإرهاب.
ويقول بيرك: «كان سنبلي قضى بعض الوقت في البحث عبر الإنترنت عن عمليات إطلاق النار العشوائي الواسعة، بما في ذلك ما وقع في مدينة فينيندين، بل وزار الموقع بالفعل والتقط صورًا له. كانت المدينة قد شهدت عام 2009، قتل تيم كريتشمر، 17 عامًا، 15 داخل مدرسته السابقة قبل أن يهرب من المكان ويقتل نفسه». وأعلن رئيس شرطة ميونيخ أن المراهق كان «مهووسًا بأعمال القتل العشوائية».
كما عثر المحققون في الكومبيوتر الخاص بسنبلي على صور لأنديرز بريفيك الذي قتل 77 شخصًا في النرويج عام 2011، وقد خطط مسلح ميونيخ هجومه في الذكرى الخامسة لحادث إطلاق النار الذي نفذه بريفيك واستخدم السلاح ذاته - مسدس «غلوك 17». وقد كتب سنبلي بيانًا لم يكشف النقاب عنه بعد بخصوص الهجوم. هل كان لديه مشروع سياسي؟ ربما، وإن كان من غير الواضح ما إذا كان سنبلي سعى لإرهاب الناس. المؤكد أننا سنعلم المزيد عن حقيقة الهجوم خلال الأسابيع والشهور المقبلة. وعليه، فإن هذه الحالة أقل وضوحًا عما حدث في أورلاندو ونيس. وربما يتضح نهاية الأمر أنه عمل إرهابي - وإن كان نمطًا نادرًا من الأعمال الإرهابية. بطبيعة الحال تكمن المشكلة في أن تعريفات الإرهاب لا تتوافق دومًا بصورة كاملة مع الحقائق على أرض الواقع، وبالتالي يترك مساحة للأحكام الشخصية. بعد 15 عامًا أو أكثر على الإرهاب العنيف على أيدي جماعات وأفراد تزعم أنها تستوحي إلهامها من الإسلام، أو تعمل باسمه، أصبح الكثيرون داخل الغرب يربطون بين الإرهاب والتطرف الإسلامي. كما يربط عدد أقل بين المسلمين والإرهابيين. وبذلك نجد أن مصطلح الإرهاب انتقل من المجالين الأكاديمي والفني ودخل إلى مجال التحامل والتحيز.
بوجه عام، اتسم الجدال دومًا حول ما يشكل الإرهاب بطابع سياسي قوي، لدرجة أن الأمم المتحدة استغرقت ثلاثة عقود حتى تتمكن أخيرًا من الاتفاق على تعريف للإرهاب، وحتى هذا التعريف ما يزال محل خلاف كبير.
من بين النتائج التي ترتبت على ذلك أن التعريف الفني والأكاديمي للإرهاب عادة ما يتجاهله المعلقون والمسؤولون بمناصب عامة. والملاحظ أن الخبراء والسياسيين يتورطون على نحو متزايد في إصدار أحكام رديئة وسلبية النتائج وسابقة لأوانها بخصوص أي عمل عنيف متورط به أشخاصًا قد يكونون مسلمين، حتى ولو كان العمل غير إرهابي والجناة غير مسلمين.
ويعد هذا الأمر من أكثر التوجهات المثيرة للقلق في يومنا الحالي، ويعكس ما يعتقده الملايين من أبناء أوروبا والولايات المتحدة، وكذلك المزاج العام السائد والتحاملات القائمة داخل العالم الإسلامي تجاه الغرب. ويعتبر هذا النمط من الاستقطاب ما يسعى «داعش» لتحقيقه، وسيعود عليها بمزيد من المجندين والتعاطف، لتتفاقم بذلك دائرة مفرغة من العنف.
وفي منتصف الشهر الحالي أعقاب حادث الدهس الذي نتج عنه مقتل 84 في مدينة نيس، وما سبقه من حادث إطلاق مراهق شاذ النار في نادي للشواذ في أورلاندو الأميركية، طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» سؤالا في عنوان تقريرها حول ماذا إذا كان من ينفذون الهجمات إرهابيين أم مختلين عقليا؟
فقد تكررت هذه الحوادث مؤخرا ولكن ظل التركيز علي وصفها بأنها إرهابية بينما هي ببساطة «محاولات انتحار» من مختلين عقليا، يستهويهم نمط «داعش» في تفجير أنفسهم أو إطلاق النار عشوائيا، أو دهس المواطنين فيقدمون على طرق الانتحار الجديدة هذه. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2014، قام رجل في منتصف عمره بدهس ما يزيد عن اثني عشر من المشاة خلال ثلاثين دقيقة، بشوارع ديجون في فرنسا، ووصف المُدعي العام الحادث بأنه «بفعل شخصٍ غير متزن عقليًا، ذي دوافع غامضة وغير متماسكة».
يقول د. هاني السباعي خبير الجماعات المتطرفة مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن لـ«الشرق الأوسط»: «إرهاب أم اعتداء.. تباينت الأوصاف إلا أن الجريمة واحدة»، ويشير إلى أن الإعلام الغربي يضع المسلم في صورة نمطية ترسخ في ذهن الرأي العام الغربي هي شيطنة الإسلام والمسلمين، وتحسين صورة الغربي غير المسلم مهما ارتكب من جرائم، لذلك يركز على دين مرتكب الجريمة عندما يكون الفاعل مسلما.
ويضيف السباعي: على الطرف الآخر لا يوصم مرتكب الجريمة بالإرهاب ولا يذكر دينه إذا كان غير مسلم، وقد شاهدنا ذلك في النرويج في عملية إرهابيه إجرامية حصلت في أوسلو، ورغم ذلك استبعد الادعاء في محاكمة انديرس بيهرينج بريفيك 2011 تهمة الإرهاب واكتفى بتوجيه جريمة القتل إليه، وحكم عليه بالسجن 21 عامًا فقط، ومكنته إدارة السجن من التحضير لرسالة الدكتوراه.
وقد مرت الذكرى الخامسة لجريمة بريفيك أول من أمس، وراح ضحيتها 85 شابا وشابة في مقتبل العمر من اتحاد شبيبة حزب العمال النرويجي، الذين كانوا موجودين في مخيم صيفي بالجزيرة، وقبل تنفيذ مذبحته في الجزيرة الصغيرة بساعات قام بريفيك بقتل ثمانية أشخاص آخرين في تفجير استهدف مبنى حكوميا وسط العاصمة أوسلو.
ويقول السباعي إن توماس ماير قاتل النائبة البريطانية «جو كوكس» رغم أنه عضو في جماعة النازيين الجدد وتاريخه معروف لدى الشرطة البريطانية، فهل وصفه الإعلام البريطاني بالإرهابي؟ ولم يذكروا ديانته؟ بل قالوا إنه مجرد يميني متعصب.
ويوضح السباعي أن الإعلام الغربي يركز على الإسلام والمسلمين في الحوادث الإرهابية، لأن المسألة عندهم أن الإسلام هو مصدر الإرهاب، حتى لو كان الشخص مرتكب الفعل الإجرامي ليس ملتزما دينيا، إلا أن الأحكام مسبقة ضد الإسلام والمسلمين، لكنهم في الوقت ذاته يؤكدون أن الحضارة الغربية حضارة نقية متسامحة خالية من الشوائب أما النصرانية فليست مصدرا للإرهاب كالإسلام، لذلك تجد المبررات جاهزة إذا كان المجرم غير مسلم، فلا يذكرون ديانته ولا يوصم بالإرهاب يقولون مصاب «بخلل عقلي» أو يعاني من مشاكل نفسية، كما حدث في ميونيخ وقبلها في مواقع أخرى، وآخرها أمس في انسباخ بألمانيا.



واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
TT

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد القوات الأوكرانية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودين في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.

وذكر أوستن أنه «لم ير أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.