هذا ولا تقتصر استثمار واستفادة السياحة النمساوية من التاريخ الذي يرتبط بحكامهم مباشرة فحسب، بل يعتبر حادث اعتقال ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد وسجنه بقلعة بمدينة دورن شتاين 1192 - 1193 بولاية النمسا السفلى سببا رئيسيا من أسباب ازدهار السياحة بتلك المنطقة المعروفة بالفخاو، التي لا تكتفي بجمالها الطبيعي كمورد سياحي، بل تدعو لزيارتها للتعرف على موقع اعتقال أشهر ملوك الإنجليز.
ورغم أن القلعة التي سُجِن فيها قلب الأسد قد دُمِّرت نتيجة أكثر من حرب، إلا أن أفواج السياح البريطانيين وغيرهم لم تنقطع سواء بطرق برية أو سفن تنقلهم عبر نهر الدانوب يوميا من فيينا إلى دورن شتاين، حيث يشرع المرشدون السياحيون في تكرار حادثة اعتقال الملك الإنجليزي الذي أساء للعلم النمساوي، ومرغه في الوحل مانعًا الجنود النمساويين من أخذ نصيبهم من الغنائم بعد معركة عكا 1191 التي دار رحاها إبان الحروب الصليبية الثالثة كخطوة لاستعادة بيت المقدس ودحر جيوش القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، التي خاضها النمساويون جنبا لجنب مع قوات أوروبية بقيادة القوات الإنجليزية والفرنسية.
ووفق الرواية النمساوية التي يرونها بكل فخر وإعزاز فإن قلب الأسد اعتقل بمقهى بالعاصمة النمساوية فيينا التي وصل إليها برا في طريق عودته لبلاده، وذلك رغم تنكره خوفًا من أخيه جون، الذي كان قد احتل موقعه ونصب نفسه ملكًا لإنجلترا.
ورغم أن ريتشارد كان متنكرا في ملابس رثة وشعر متهدل منكوش ولا يحمل سيفه، فإنه أثار الشكوك بسلوكه وبما كان يزين معصميه وأصابعه من جواهر وخواتم ثمينة، فوصل الخبر لدوق النمسا ليوبولد الخامس الذي أمر بحبسه وإبعاده عن فيينا، وحسب رواية، فإنه قام بتسليمه للإمبراطور هنري السادس إمبراطور الدولة الرومانية الذي طلب فدية ضخمة مقابل الإفراج عنه.
وفي رواية أخرى يقولون إن صديقًا وفيًا للملك الإنجليزي ظل يدور حول معظم القلاع بالمنطقة دون كلل أو ملل بحثًا عنه وهو يردد بصوت جهوري مقطع أغنية كان وريتشارد يهويانها، وفي ذات يوم، وعند اقترابه من قلعة دورن اشتاين رد عليه ريتشارد بالمقطع الثاني للأغنية، فعرفه وعرف موقعه وبدأت المفاوضات لفك أسره، وإن إيلينور دي اكويتان أم قلب الأسد هي التي جمعت الفدية التي قدرت بـ60 ألف جنيه فضة، وسلمتها، فتم تحريره عام 1194، وإن مبلغ الفدية استُغَلّ خير استغلال في إنعاش المنطقة حينذاك.
على كل، ومهما اختلفت الروايات فإن اعتقال ريتشارد قلب الأسد بدورن اشتاين لا يزال يعود عليها بثروة تزيد يوما بعد يوم، ما دام الحس النمساوي السياحي عالي المهارة يحلب التاريخ حلبًا.
ريتشارد قلب الأسد يستقطب البريطانيين

ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد
ريتشارد قلب الأسد يستقطب البريطانيين

ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة