«فرقة كركلا» تقدم أجمل تحية لـ«مهرجانات بعلبك» في عيدها الستين

«ع طريق الحرير» قافلة لبنانية إلى الهند والصين وفارس من أجل السلام

تصل القافلة إلى شيراز وأصفهان ويفرش الجزء العلوي من خشبة المسرح بالسجاد العجمي كما تتدلى سجادتان جميلتان على جانبي الشاشة - 12 راقصة من الهند يرافقهن أربعة راقصين ومغنيان وثلاثة عازفين يؤدون لوحات متتالية على وقع ألحان وأغنيات بلادهم - المؤسس الثاني للفرقة عمر كركلا بوصلة من الدبكة منفردة خلابة - من فينيسيا استعار عبد الحليم كركلا للراقصين في هذه المحطة فساتينهم الكرنفالية وأقنعتهم وقبعاتهم ومراوحهم
تصل القافلة إلى شيراز وأصفهان ويفرش الجزء العلوي من خشبة المسرح بالسجاد العجمي كما تتدلى سجادتان جميلتان على جانبي الشاشة - 12 راقصة من الهند يرافقهن أربعة راقصين ومغنيان وثلاثة عازفين يؤدون لوحات متتالية على وقع ألحان وأغنيات بلادهم - المؤسس الثاني للفرقة عمر كركلا بوصلة من الدبكة منفردة خلابة - من فينيسيا استعار عبد الحليم كركلا للراقصين في هذه المحطة فساتينهم الكرنفالية وأقنعتهم وقبعاتهم ومراوحهم
TT

«فرقة كركلا» تقدم أجمل تحية لـ«مهرجانات بعلبك» في عيدها الستين

تصل القافلة إلى شيراز وأصفهان ويفرش الجزء العلوي من خشبة المسرح بالسجاد العجمي كما تتدلى سجادتان جميلتان على جانبي الشاشة - 12 راقصة من الهند يرافقهن أربعة راقصين ومغنيان وثلاثة عازفين يؤدون لوحات متتالية على وقع ألحان وأغنيات بلادهم - المؤسس الثاني للفرقة عمر كركلا بوصلة من الدبكة منفردة خلابة - من فينيسيا استعار عبد الحليم كركلا للراقصين في هذه المحطة فساتينهم الكرنفالية وأقنعتهم وقبعاتهم ومراوحهم
تصل القافلة إلى شيراز وأصفهان ويفرش الجزء العلوي من خشبة المسرح بالسجاد العجمي كما تتدلى سجادتان جميلتان على جانبي الشاشة - 12 راقصة من الهند يرافقهن أربعة راقصين ومغنيان وثلاثة عازفين يؤدون لوحات متتالية على وقع ألحان وأغنيات بلادهم - المؤسس الثاني للفرقة عمر كركلا بوصلة من الدبكة منفردة خلابة - من فينيسيا استعار عبد الحليم كركلا للراقصين في هذه المحطة فساتينهم الكرنفالية وأقنعتهم وقبعاتهم ومراوحهم

كان يجب أن ينطلق الافتتاح مميزًا، ولو أن الظروف صعبة وقاهرة. الجميع تواطأ كي لا تمر المناسبة عابرة. الافتتاح الكبير لـ«مهرجانات بعلبك الدولية» مع الاحتفالية بمرور ستين سنة جاءت عامرة. الآلاف ركبوا حافلاتهم وسياراتهم وتوجهوا إلى عاصمة الشمس ليكونوا على الموعد. الإجراءات الأمنية التي بدأت من بيروت والتفتيش قبل ركوب الحافلات أسعد بدلاً من أن يُزعِج. الجميع يريد أن يشعر بأن الأمن مستتب. أكثر من نقطة تفتيش يجب أن تمر بها قبل وصولك إلى القلعة. الطابور الطويل للداخلين، والانتظار لاستكمال الإجراءات، جاء على وقع الطبل والتصفيق البهيج.
دون تأخير كبير بدأ عرض «فرقة كركلا» الذي اجتذب كل هذه الحشود. ليس كل هؤلاء بحاجة لأن يعرفوا مدى جودة العمل الفني كي يزحفوا إلى هنا. بات للفرقة عشاقها ومن يمنحونها ثقتهم سلفًا، وهي لا تخيب الآمال. لمرة جديدة بعد أن كان طريق الحرير موضوعها في «بيت الدين» منذ سنوات تعود «كركلا» إلى هذا المسار الأثير بمقاربة فنية جديدة. «إبحار في الزمن: ع طريق الحرير» موضوع يفتح باب الخيال، يمنح لإيفان كركلا في الإخراج وشقيقته أليسار في تصميم الرقص مساحة فضفاضة للاجتهاد الخلاق.
من لبنان، من بعلبك، وتحديدًا من القلعة، تبدأ الرحلة. تقول الحكاية إن شعب لبنان يعاني من ضائقة وانحدار، ويريد أن ينتفض على وضعه الأليم، ولا يجد من وسيلة سوى الانطلاق نحو العالم، باحثًا عن التثاقف والتبادل والتعارف والمحبة التي يستطيع أن يوثق عراها مع الشعوب الأخرى. إنها مغامرة لا بد أن تُخاض. «لازم نتحدى المجهول. وهيك رحلة بالأخطار بدها رجال فعلا كبار»، يقول المجتمعون على المسرح.
في البدء، ينطلق العرض الغنائي الراقص بصوت الشاعر الراحل سعيد عقل يملأ المكان وهو يلقي قصيدة لعباس والد عبد الحليم كركلا كان قد كتبها لبعلبك. «ملك الآلهة جوبيتر» (رفعت طربيه) «تيمور» (مجد كركلا) «الرجل الحكيم» (غبريال يمين) معهم يبدأ حوار على المسرح، حول صعوبات الحال الذي يعيشونه. ثم سرعان ما نجد أنفسنا في ساحة القرية لحضور عرس يحضره الوالي (جوزف عازار) وأم تيمور (هدى حداد) ومستشار الوالي (إيلي شويري) حيث تصدح أغنيات الأفراح ورقصات الضيعة، قبل أن تسير الرحلة المنشودة.
عمان «أرض الكرامة والعزة والعلماء»، المحطة الأولى للقافلة اللبنانية، مناسبة ليعاود «كركلا» الاستفادة من المعرفة بالتراث الخليجي الذي حصدها خلال أعمال سابقة، قوارب الصيد، شباك البحارة، الألحان الخليجية والرقص الفاتن. يظهر الملاح والجغرافي العماني الشهير ابن ماجد، حيث يصل الوفد اللبناني حاملا رسالته إلى العالم، ليقود بهم الرحلة. وفي الهند «التي تشبه معبدًا للأرض» يحط الركبان بعد ذلك. وقد استعانت فرقة كركلا هذه المرة براقصين ومغنين من دول أخرى لتجعل طريق الحرير عامرًا بأهله.
12 راقصة من الهند يرافقهن أربعة راقصين ومغنين وثلاثة عازفين يؤدون لوحات متتالية، على وقع ألحان وأغنيات بلادهم، قبل أن يغلق الفصل الأول على محطة ثالثة هي الصين، منطلق طريق الحرير وعماده ونبعه.
كان لا بد من انتظار الفصل الثاني، كي يتفجر العرض بكل طاقاته وإبداعاته ولوحاته البصرية الخارقة، حيث العودة إلى الصين مرة أخرى. الحاكم يجلس على عرشه والوفد اللبناني الآتي من «بلاد الحرف» كما يقول يستقبل في البلاط بترحاب وهو يجود بجواريه الآتي بهن بهوادجهن إلى الصين. حوارات بالصينية والعربية وموسيقى من البلاد التي لا تغيب عنها الشمس، وما يقارب 30 راقصة وراقصًا من الصين يسهمون في أداء مشاهد يفترض أنها تدور بين مدينتي بيكين وكزايان.
العرض الذي قدم على أدراج «معبد باخوس» لليلتين متتاليتين خلب الأبصار، رغم أن الفحوى والروح العامة، هي ذاتها التي نراها تتكرر في أعمال «كركلا» منذ سنوات. لكن المشهديات لها سحر آسر. وهيبة بعلبك ومعبد باخوس زاد المشهديات بهاء. الشاشة الخلفية بأعمدتها السبعة التي عرضت عليها أشرطة تكاملت مع العرض من البحر الهائج الذي نقل المسافرين إلى عمان مرورًا بصور معابد الهند إلى أن طوي بعضها واستبدل بها المخمل الأحمر لتصير ديكورًا لقصر الحاكم الصيني، لعبت دورًا في إعطاء أبعاد للمشهدية. وكذلك الأدراج التي توسطت الخشبة وقسمتها إلى جزأين، تدور بهما مشهديتان مختلفتان في وقت واحد؛ علوي خلفي وسفلي أمامي.
على أي حال، إن كان المسرح قد بدا فضفاضا في بعض لقطات الجزء الأول، فقد صار عيدًا للأزياء والألوان والنكهات في الجزء الثاني. كثافة على حيوية، وبراعة في الرقص والحركة، وتوزيع المشاركين في العمل، بحيث بدت المساحة موظفة، حد الإدهاش.
تارة ترتسم خريطة طريق الحرير على الشاشة، لترينا مسار الرحلة اللبنانية، وتارة أخرى تخرج من الخلفية الساعة الزرقاء التي تدور بعقاربها السريعة. في البندقية كانت المحطة الأخيرة. الأناقة الأرستقراطية لقصور فينيسيا، أبحر فيها عبد الحليم كركلا بكل أحاسيسه وذوقه الرفيع، هو الذي أسس هذه الفرقة، ولا يزال يضع التصور العام لأعمالها، ويرسم ببراعة دفاقة ملابس راقصيها.
ورغم أن ابنته أليسار التي حياها الجمهور وهتف لها حبًا في نهاية العرض تقوم بمهمة شاقة، وكذلك ابنه إيفان، فإن روعة الملابس والألوان والزهو الذي لا يمكن إلا أن يبهرك لا تزال هذه العناصر الخلابة هي التي تجعلك لا تقاوم لهذه الفرقة عرضًا، حتى ولو كان استكمالا لما سبقه.
من فينيسيا استعار عبد الحليم كركلا للراقصين، في هذه المحطة، فساتينهم الكرنفالية وأقنعتهم وقبعاتهم ومراوحهم واختارت لهم أليسار نقلاتهم وحركاتهم الرشيقة. ولا بد قبل أن تعود الرحلة اللبنانية المغامرة إلى أرضها أن نراها تنتقل برًا هذه المرة مجتازة الصحراء كما تبدو على الشاشة العملاقة، وعلى المسرح حيث جمل وجزء من القافلة يعبر أمامنا، لنصل إلى شيراز وأصفهان. يفرش الجزء العلوي من الخشبة بالسجاد العجمي كما تتدلى سجادتان جميلتان على جانبي الشاشة، وتنشدنا الفرقة الإيرانية التي تشارك في العرض بالعربية والفارسية أشعارًا لجلال الدين الرومي وعمر الخيام والشيرازي.
سينوغرافيا العرض وضعه الإيطالي كارلو شينتولافينيا. أما الموسيقى فهي توليفة من ألحان كل من مرسيل خليفة وتوفيق الباشا وزكي ناصيف وشربل روحانا وإيلي شويري. وشارك في الغناء كل من سيمون عبيد وهادي خليل.
بانتهاء المحطة الفارسية تعود القافلة اللبنانية إلى بعلبك وتستقبل في قلعتها بالترحاب والرقص و«الدلعونا» وأجمل الأغاني الشعبية. وتأتي تلك اللحظة التي لا تريد أن تفوتك أبدًا، والتي صارت تقليدًا في مسرح كركلا حيث يشارك المؤسس الثاني للفرقة عمر كركلا بوصلة من الدبكة منفردة خلابة. هذا رجل ربما لم تشاهد قطّ ما يمكن أن يوازي دبكته صلابة ورشاقة وفتنة. في كل عرض يهبك دقائق قليلة عليك أن تتحفز لتشاهدها بكل ما أوتيت من حوافز وحماسة، لتبقى تتذكرها بانتظار عرض آخر.
«ع طريق الحرير» عرض مُهدى إلى بعلبك المدينة، وإلى القلعة الخلابة، وإلى المهرجانات التي جعلت لكلمة «مهرجان» معنى في العالم العربي. لذا فإن المشاهد الأخيرة، تترافق مع مشاهد في الخلفية، أرشيفية من عمر هذا المهرجان. مقتطفات مأخوذة من أجمل لحظات مرت خلال ستين سنة انقضت، أم كلثوم، فيروز، شوشو، كبار نجوم العالم مروا من هنا، رؤساء جمهوريات تتالوا ليباركوا ما يقدم في هذه القلعة.
لحظة وطنية جامعة كان افتتاح «مهرجانات بعلبك الدولية» هذه السنة، حيث تواطأ أهل بعلبك مع اللجنة والجيش والقوى الأمنية، والمواطنين الذين زحفوا بمحبة للحضور، ومع أجانب كثيرين، وسياح لا تعرف من أين أتوا، ليقولوا إن على المهرجانات أن تبقى، وليس للبنان رغم كل الألم إلا أن يغني السلم والمحبة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».