في المعرض الفردي الأول للفنان السعودي عبد الناصر الغارم.. دعوة للفكر والحوار

يقدم تصوراته حول الأفكار الجاهزة وتعطيل العنف المتخفي

عبد الناصر الغارم  وسط أعماله
عبد الناصر الغارم وسط أعماله
TT

في المعرض الفردي الأول للفنان السعودي عبد الناصر الغارم.. دعوة للفكر والحوار

عبد الناصر الغارم  وسط أعماله
عبد الناصر الغارم وسط أعماله

أعمال الفنان السعودي عبد الناصر الغارم تداعب الفكر دائما، تطرح أمامه تساؤلات بعضها مبطن وبعضها صريح ولكنها دائما تطرح أسئلة للنقاش وتدعو لاستخدام العقل أكثر. ومن خلال معرضه الفردي الأول في لندن يقدم الغارم عددا من أعماله الأولى وعددا من أعماله الحديثة، نلحظ منذ البداية الصلة التي تجمع بين تلك الأعمال. فهي حالة حوار مستمرة، تبدأ من نقطة وتستمر في طرحها، تتنقل من عمل لآخر برشاقة وجماليات بصرية تجذبك منذ اللحظة الأولى ولكنها تستغل ذلك بطرح نقاط للحوار وقضايا معاصرة.
من أشهر أعمال الفنان الكتل الخراسانية التي اشتهرت في بداياته، ما زالت تلك الكتل معنا تتغير في أشكالها وألوانها وقد تتغير الكلمات المحفورة عليها التي يطبعها الفنان باستخدام الأختام اليدوية، ولكن رسالتها تظل واحدة. الحدود والحواجز التي توضع أمام الفكر والأحلام الإنسانية، مدعومة بعقلية مقولبة جاهزة الأحكام لا تترك المجال للعقل للاختيار. وهذا جانب هام من عمل الفنان، فالأختام موجودة في أعماله بشكل كبير فهي إما ضخمة الحجم تراها أمامك في أركان المعرض وكل منها يحمل جملة ذائعة تحمل من المعاني أكثر من حروفها المحدودة. هناك أيضا الأختام الصغيرة التي نرى كلماتها وحروفها مطبوعة في أرضية اللوحات.
البداية في المعرض مع مشروع بدأه الفنان في عام 2007 يحمل اسم «منزوع»، يتعامل معه الغارم مع سكان إحدى القرى في جيزان بالسعودية التي تعرض لملحمة يعيشها سكان القرية منذ أن هدمت منازلهم بغرض التطوير وتم تعويضهم عنها، لكن السكان لم يستطيعوا نزع جذورهم من الأرض وظلوا في قريتهم يعيشون بين جدرانها المتهدمة. يقول لنا الغارم في حديث مع «الشرق الأوسط»: «هذا مشروع كبير بالنسبة لي وما زلت أطور فيه، هناك قصص كثيرة في انتظار أن تحكى، عشر سنوات منذ تهدمت قريتهم وما زالوا يعيشون بين أنقاضها»، ويضيف أنه تابع أحوال القرية منذ عشر سنوات وأخيرا بدأ السكان في الاطمئنان له وتولد لديهم شعور بالألفة والثقة «الآن وبعد مرور كل هذا الوقت بدأ السكان يبوحون لي بأسرارهم ويطمأنون لي».
«منزوع» يحمل أهمية خاصة للفنان على أكثر من مستوى، أحدها هو تجسيد «البيروقراطية» التي تحكم حياة الناس، هناك أيضا فكرة الانتماء للمكان الذي يصفه بأنه «نقطة السيادة في العمل»، ويشير إلى الصور «المكان أصبح بقايا مكان، حوائط مهدمة وبقايا أثاث قديم، في صورة أجهزة تلفزيون قديمة مكومة يعيش السكان في تآلف مع تلك الآثار». ماذا يمثل له هذا الوضع؟ يجيب بابتسامه حزينة «أي متلق عادي سيرى أن الصور قد ترمز إلى أي جزء من العالم العربي، الموضوع يناسب الفترة التي نعيشها الآن، فصور الدمار وبقايا المنازل في كل البلدان العربية الآن».
إلى جانب الصور الفوتوغرافية توجد لوحة تتكون من مجموعة من الأرقام العربية، هي مجموعة أرقام صفت جنبا إلى جنب، نقف أمامها ونحاول فك ألغازها ولكنها لا تستجيب بسهولة. يشير الفنان إليها قائلا «هي جزء من مشروع (منزوع). هذه الأرقام هي أرقام البيوت المتهدمة في القرية، قمت بجمعها، بشكل ما أرى أن هذا هو ما بقي منهم، عناوين فقط، وأرى أن ذلك أيضا يرتبط بمفهوم الوطن».
من الأعمال المعروضة أيضا الأختام، ولعل فكرة الختم من الأفكار المألوفة لدى الغارم، ولكن في رمزيتها البسيطة قوة جمالية ومعنوية. عرف الغارم بأختام تحمل عبارات مثل «آمين» و«إن شاء الله.. مزيد من الالتزام». هي رسائل عالية الصوت يطبعها بأحرف ضخمة ليبرز رسالته.
وهنا نرى ختما جديدا يحمل جملة «مجاز من الهيئة الشرعية»، الأختام أيضا مصنوعة بشكل جمالي متميز بعضها يحمل النقوش الإسلامية البديعة ولكنها تحمل رسالة تختلف كلية عن الشكل، فهي تعبر عن حالة من الجمود والتكاسل. الكتل الخرسانية أيضا تبرز في المعرض وهي أيضا من التيمات المفضلة عند الفنان. يقول: «ترمز بالنسبة لي لتعطيل الفكر والنقاش، كأنها شخص يحذرك ويقطع الطريق أمامك، لا تتكلم ولا تتحدى».
بقية اللوحات تحمل كلمات طبعت باستخدام أختام صغيرة تحمل كلمات بعضها مقروء وآخر غير مفهوم، منها نقرأ كلمات مثل «مدفوع»، «واصل»، «هام جدا»، «عاجل جدا». يعلق «حياة الإنسان محكومة بتلك البيروقراطية».
من الأعمال الحديثة في المعرض لوحة تجذب الناظر إليها بشدة فهي في النظرة الأولى تصور لنا ما يشبه محراب المسجد بنقوشه البديعة ولكننا نلاحظ أيضا وجود دبابة وفي فوهة المدفع زهرة صفراء اللون. عمل محير؟ ليس كذلك تماما، فهناك رسالة محددة نلمحها من بين ثنايا اللوحة التي تحمل اسم «كموفلاج» (تمويه). يتخفى العنف تحت واجهات براقة جميلة قريبة إلى النفوس والقلوب. الموتيفات عموما كما يشرح لنا الغارم تضم أيضا اسمي «محمد» و«علي»، يقول «الموتيفات ترمز للشحن الطائفي الحاصل الآن، هذا واقع مرحلة ما بعد الربيع العربي، تعبر عن الفكر الذي ظهر بعدها، وتحديدا التيار الذي استخدم اللغة الدينية، اسم اللوحة (كاموفلاج)، فن التمويه، الدبابة تتخفى في ثنايا الفن الإسلامي الجميل، هذا مستقبلنا، أيضا دور الجيوش عندنا، ليبيا، مصر، هذا الدور مراحل ترجع بنا للخلف، لهذا الشيء الذي نتعلق به، ويخفي وراءه الكثير». هناك عمل مشابه ولكنه لم يعرض لنقص المساحة ونرى من خلاله قبة مسجد مقسومة إلى نصفين، نصفها أخضر اللون والنصف الآخر أزرق، قد نتخيلها خوذة محارب من جيوش المسلمين الأوائل، وهو ظن صحيح «هذا العمل يرمز أيضا للشحن الطائفي فالنصف سني والنصف شيعي، وبالتالي فعلى المسلم الانحياز إلى أي من الفريقين، فبأي فكر مطلوب أن يحارب المسلم؟».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.