الحوثيون يقطعون طريق المنظمات الحقوقية لتغطية «جرائم الانقلاب»

مؤسسات مدنية: الميليشيات تستخدم طرق تعذيب وحشية.. أبرزها الصعق الكهربائي

يزرع الحوثيون الهلع في أوساط المدنيين إثر التعذيب الذي يناله المعتقلون في سجون الميليشيات (إ.ب.أ)
يزرع الحوثيون الهلع في أوساط المدنيين إثر التعذيب الذي يناله المعتقلون في سجون الميليشيات (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يقطعون طريق المنظمات الحقوقية لتغطية «جرائم الانقلاب»

يزرع الحوثيون الهلع في أوساط المدنيين إثر التعذيب الذي يناله المعتقلون في سجون الميليشيات (إ.ب.أ)
يزرع الحوثيون الهلع في أوساط المدنيين إثر التعذيب الذي يناله المعتقلون في سجون الميليشيات (إ.ب.أ)

دعت منظمات حقوقية أهلية في اليمن إلى ضرورة التدخل السريع من قبل المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، للضغط على الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، للسماح لها بتوثيق الحالات المختطفة، وعمليات الاعتقال غير المبرر، وذلك بعد أن أغلقت الميليشيا جميع منافذ التواصل والالتقاء بالأسرى أو ذويهم.
وتعاني المنظمات والمؤسسات الأهلية في اليمن من الممارسات العدائية لتنفيذ أعمالها وتوثيق الحالات من قبل قيادات الحوثيين، التي فرضت طوقا على هذه المنظمات التي تواجه إشكالية في رصد جميع حالات الاختطاف، التي يتوقع بحسب المنظمات الأهلية ارتفاعها حتى منتصف هذا العام إلى أكثر من 17 ألف حالة اختطاف، منها 6 آلاف حالة لم يتسنَ للمؤسسات الأهلية رصدها وتوثيقها وأسباب اختطافها.
وتكشف بعض التقارير التي أعدتها المنظمات الأهلية تحديدا، التي تعمل في إقليمي «آزال، وتهامة» وبعض المحافظات التي تقبع تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين، تمهيدا لإرسالها إلى الأمم المتحدة، عن حجم المعاناة والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون منذ لحظة وصولهم إلى أحد السجون في تلك المحافظات، التي تصل إلى حد الموت في كثير من الحالات، في حين يفرض على كثير من ذوي المعتقلين دفع مبالغ مالية تحت ذريعة جلب أدوية لمعالجة أبنائهم من أمراض مزمنة، وهو ما نفاه أهالي المعتقلين في شهادتهم لهذه المنظمات، مؤكدين أن ذويهم لا يعانون من أمراض مزمنة.
ومن أبرز ما سجلته المنظمات الأهلية، في عمليات التعذيب استخدام الصعق بالتيار الكهربائي، وحرق أطراف الأصابع، إضافة إلى اقتلاع الأظافر، وهذه العملية تأتي تدريجا حسب كل شخص ومدى صموده قبل أن يوقع على اعتراف معد سلفا من المحققين التابعين لميليشيا الحوثيين في تلك السجون.
وبحسب اعترافات عدد من السجناء أطلق سراحهم من سجن «رادع» بأن الحوثيين جندوا أفرادا مختصين في عمليات التعذيب بأساليب متنوعة وأكثر وحشية، وذلك لتسجيل اعتراف بأنهم من ضمن الجنود المشاركين مع الحكومة الشرعية وأنهم يقاتلون مع ما وصفهم بالشيطان «الولايات المتحدة الأميركية»، والعدو «السعودية» وهو ما يدفع المدنيين للاعتراف لوقف عمليات التعذيب عنهم.
وهنا قال عبد الحفيظ الخطامي، ناشط حقوقي، إن ما يحدث في سجن القلعة، برادع، وحشية تدعو المجتمع الدولي لإنقاذ السجناء اليمنيين المحتجزين في سجون الميليشيات الحوثية، مع ضرورة سرعة الضغط على الانقلابيين للاطلاع على ما يحدث للسجناء في معتقلاتهم وتسجيل كل الوقائع لمحاكمة المتورطين في هذه الأعمال.
وأضاف الخطامي أن ما أدلى به السجناء المفرج عنهم يدل على حجم المعاناة التي يتعرض لها المدنيون في هذه السجون دون تدخل مباشر من المجتمع الدولي، خصوصا أن السبب الرئيسي في الإفراج عن هؤلاء كان لمعرفتهم بعدد من الأشخاص المتعاونين مع الحوثيين، موضحا أن هناك آلاف السجناء لا يجدون من يخرجهم من هذا العذاب.
وأشار الخطامي إلى أن الحوثيين يعمدون، بحسب ما أورده المفرج عنهم، في المرحلة الأولى للتعذيب إلى خلع الأظافر وإحراق أطراف أصابع اليد، حتى تحترق نتيجة لهذه العملية، وفي المرحلة الثانية يقومون بإلزام السجناء على شرب بولهم تحت تهديد السلاح، وإن رفض أحدهم يُرم في مياه حارة، مع حرمان جميع الأسرى من الطعام لفترات طويلة ومتفرقة.
واستطرد الخطامي بأن الأساليب التي تمارسها الميليشيا، تتمثل في استخدام الكهرباء في عمليات التعذيب، كذلك الضرب على الأماكن الحساسة من الجسد، مؤكدا أن ميليشيا الحوثي تفرز أبناء محافظة تعز في زنازين وغرف خاصة وأن معظم الصرخات التي كان يسمعها السجناء المفرج عنهم في غرف المختطفين تعود لأبناء تعز.
من جهته، قال عبد الله المنصوري، عضو مركز صنعاء الحقوقي، إن جميع الهيئات والمراكز الحقوقية التي تعمل في اليمن تقوم بالتواصل مع المنظمات الدولية، وذلك بهدف نقل الصورة الحقيقية لانتهاك الميليشيا لحقوق المدنيين، إلا أننا في الوقت الراهن نعد تقريرا موسعا يشمل ما تعانيه الهيئات المدنية من تضييق أثناء ممارسة أعمالها لرصد هذه الانتهاكات، ونعول عليه في التدخل السريع من قبل المجتمع الدولي للضغط على الميليشيا.
وحول أعداد المختطفين، قال المنصوري: «قد يكون العدد تضاعف عما كان مسجلا في وقت سابق، والمقدر بحسب آخر الإحصائيات بنحو 10 آلاف، إلا أن هذا العدد مرشح للزيادة بسبب التعتيم والحصار الذي تفرضه الميليشيا ومنعها أفراد الهيئات الحقوقية من التحقق وزيارة السجون، خصوصا أن هناك عمليات اختطاف كبيرة في (عمران، وصنعاء، والحديدة) وهي عمليات نفذتها الميليشيا في هذه المدن خلال فترة وجيزة ومعها قد يصل العدد إلى 15 ألف مختطف».
وأضاف المنصوري أن كثيرا من الحالات غير المسجلة في كشوفات المنظمات الحقوقية الأهلية التي رصدت من خلال الأعمال الميدانية أدرجت من خلال التواصل مع أسر وأهالي المختطفين، الذين تأكدوا من عدم وجود أسماء أبنائهم أو ذويهم ضمن هذه السجلات، التي أعدت في وقت سابق، وهذا يؤكد ما تواجهه هذه المؤسسات من صعوبة في رصد كل هذه العمليات جراء الممارسات التي تنفذها الميليشيا، التي تمنع التواصل أو أنها تقر بوجود ما يرفع لها من أسماء في سجونها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.