إرباك التحالف الدولي بعد مقتل عشرات المدنيين بطائراته

«قوات سوريا الديمقراطية» تمهل «داعش» 48 ساعة للخروج من منبج

مقاتلو «قوات سوريا الديمقراطية» يراقبون خروج الشاحنات المحملة بالمدنيين من الضواحي الجنوبية لمنبج  (رويترز)
مقاتلو «قوات سوريا الديمقراطية» يراقبون خروج الشاحنات المحملة بالمدنيين من الضواحي الجنوبية لمنبج (رويترز)
TT

إرباك التحالف الدولي بعد مقتل عشرات المدنيين بطائراته

مقاتلو «قوات سوريا الديمقراطية» يراقبون خروج الشاحنات المحملة بالمدنيين من الضواحي الجنوبية لمنبج  (رويترز)
مقاتلو «قوات سوريا الديمقراطية» يراقبون خروج الشاحنات المحملة بالمدنيين من الضواحي الجنوبية لمنبج (رويترز)

حادثة مقتل عشرات المدنيين السوريين جراء قصف طائرات التحالف الدولي لشمال مدينة منبج، أربكت الأمم المتحدة والتحالف الدولي الذي سارع إلى فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، حيث أكد مصدر في التحالف لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق لم يتوصل إلى نتيجة تحدد المسؤول عن مقتل المدنيين، ولا جديد في هذا الأمر بعد».
وفي حين نفى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند علمه بأن تكون طائرات فرنسية هي التي قصفت تجمعات مدنية وتسببت بقتل 56 مدنيًا، طالب الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة بـ«وقف القصف الجوي على منبج»، في حين أشعل ناشطون سوريون مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات المنددة بالمجزرة، والدعوة إلى تنظيم مظاهرات في سوريا وتركيا تحت شعار «منبج تباد». بينما منحت «قوات سوريا الديمقراطية» مقاتلي تنظيم داعش فرصة أخيرة لمغادرة منبج مع أسلحتهم الفردية في مهلة أقصاها 48 ساعة، وإلا الاستمرار في الخيار العسكري لاجتثاثهم من المدينة.
وأكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في منبج وريفها شرفان درويش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحكى عن استهداف المدنيين فيه تضخيم وتشويه للحقائق». وقال: «ما حصل أن طائرات التحالف استهدفت تجمعات كبيرة لـ(داعش) وآلياته عند أطراف بلدة التوخار، أدت إلى مقتل 87 عنصرًا من التنظيم الإرهابي»، معتبرًا أن سبب «استشهاد عدد من المدنيين مردّه إلى أن التنظيم كان أخرج معه عشرات المدنيين من القرية واستخدمهم دروعا بشرية، نحن نعترف بسقوط ضحايا أبرياء ونأسف لاستشهادهم، ولكن عددهم ليس بالضخامة التي يحكى عنها».
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، إنه «ليست لديه معلومات عما إذا كانت طائرات فرنسية مسؤولة عن غارة جوية قتلت نحو 56 مدنيًا في المنطقة المحيطة بمدينة منبج في شمال سوريا». وردًا على مزاعم وزارة خارجية النظام السوري، بأن الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء واستهدف قرية طوخان شمال منبج نفذته قوات فرنسية. قال هولاند للصحافيين: «فيما يتعلق بأنشطة التحالف المناهض لتنظيم داعش ليس لدي معلومات محددة عما نفذته الطائرات الفرنسية»، مؤكدًا أن «الضربات توجه تحت مظلة التحالف ونتحلى بدرجة كبيرة من الحرص في ضرباتنا». أما وزارة الخارجية الفرنسية، فقالت في إفادة يومية إنها «لا تعطي أي مصداقية للتصريحات الصادرة عن نظام بشار الأسد». وتحدثت عن «تحقيق يجريه التحالف سيحدد ما إذا كانت الضربات ضد (داعش) تسببت في مقتل مدنيين».
وأثار مقتل عشرات المدنيين عاصفة ردود غاضبة، حيث دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، التحالف الدولي إلى «التعليق الفوري لضرباته الجوية على تنظيم (داعش)». في حين قال ناشطون إن «عشرات المدنيين قتلوا هذا الأسبوع بفعل ضربات جوية للمدينة (منبج) وإلى الشمال منها». ودعوا إلى تنظيم مظاهرات على نطاق واسع، للتنديد بغارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في شمال سوريا. ووجه الناشطون دعوات عبر موقع «فيسبوك» إلى التظاهر يوم الأحد ضد الغارات تحت شعار «منبج تباد». وكُتِب على إحدى هذه الصفحات: «نطالب كل السوريين بجميع انتماءاتهم وطوائفهم وكل أحرار العالم، بالوقوف مع مدينتنا المنكوبة في تضامننا يوم الأحد 24 يوليو (تموز)». وأوضح النداء أن الدعوات «تأتي ردًا على ما يحدث من مجازر يرتكبها طيران التحالف». وطالب ناشطون آخرون بـ«تنظيم مظاهرات في مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب التركيتين، حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين».
بدورها نددت منظمة «يونيسيف» بالغارات التي أوقعت «أكثر من 20 قتيلا من الأطفال». وقالت ممثلة اليونيسف في سوريا، هناء سنجر، في بيان لها: «وردت تقارير هذا الأسبوع من سوريا حول مقتل ما يفوق العشرين طفلاً في قصف جوي في منبج، إلى جانب ذبح طفل يبلغ من العمر 12 عامًا بطريقة وحشية أمام عدسة الكاميرا في حلب، إن هذه الحوادث المروعة تضع أطراف هذا النزاع أمام مسؤوليتهم المشتركة لاحترام قوانين الحرب الدولية التي تنص على حماية الأطفال».
أضافت: «وفقًا لمعلومات وردت عن شركاء الأمم المتحدة الميدانيين في قرية التوخار قرب منبج الواقعة على بعد 80 كيلومترًا شرق حلب، فقد كانت العائلات تستعد للفرار من القرية عندما تعرضت لقصف جوي». وأشارت إلى أن «اليونيسف»، تقدر بأن هناك «نحو 35 ألف طفل محاصرين في منبج وضواحيها، يفتقرون إلى ملاذ آمن يلجأون إليه». ورأت أنه «مع تصاعد العنف في المنطقة خلال الأسابيع الستة الماضية، سقط أكثر من ألفين وثلاثمائة شخص، من بينهم العشرات من الأطفال».
إلى ذلك، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تقاتل من أجل إخراج تنظيم داعش من منبج، وتدعمها الولايات المتحدة الأميركية، أنها «أمهلت التنظيم 48 ساعة للانسحاب من هذه المدينة المحاصرة». وقال بيان للمجلس العسكري في منبج إن «مقاتلي تنظيم داعش سيتاح لهم مغادرة المدينة سالمين مع أسلحتهم الخفيفة، وهذه المغادرة يجب أن تتم خلال 48 ساعة، وهذه المبادرة هي الوحيدة الأخيرة المتاحة أمام عناصر (داعش) لمغادرة المدينة».
وأوضح الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري لمنبج، أن «المهلة التي منحت لمقاتلي التنظيم من المدينة، جاءت استجابة للفاعليات الشعبية والأهالي». وأكد أن «فاعليات منبج قدمت المبادرة ونحن وافقنا عليها، من أجل تجنيب المدينة الدمار وتلافي مرحلة جديدة من الحرب».
وقال شرفان درويش: «الفاعليات الشعبية هي التي ستبحث المبادرة مع التنظيم وتأتينا بالجواب، فإذا وافق على هذا الطرح، سنوفر لهم ممرًا آمنًا مع أسلحتهم الفردية، وإذا رفضوا المبادرة أو لم يأت جوابهم خلال الـ48 ساعة، تُلغى المبادرة حكمًا، وتستمر العملية العسكرية من أجل اجتثاته من المدينة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.