مهرجانات التسوق تجذب الخليجيين للشراء.. والاستجمام

تشهد زحامًا بعد أن تجاوزت الحرارة 50 درجة مئوية

وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في دول الخليج العربي أدى إلى التوجه للمراكز والمجمعات التجارية (تصوير: خالد الخميس)
وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في دول الخليج العربي أدى إلى التوجه للمراكز والمجمعات التجارية (تصوير: خالد الخميس)
TT

مهرجانات التسوق تجذب الخليجيين للشراء.. والاستجمام

وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في دول الخليج العربي أدى إلى التوجه للمراكز والمجمعات التجارية (تصوير: خالد الخميس)
وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في دول الخليج العربي أدى إلى التوجه للمراكز والمجمعات التجارية (تصوير: خالد الخميس)

مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في دول الخليج العربي خلال الأيام الأخيرة، يفضل غالبية الناس الاتجاه إلى المراكز والمجمعات التجارية «المولات» التي لا تقتصر فائدتها على التبضع والتسوق فقط، بل توجد فيها أيضا أماكن للترفيه والاستجمام في أجواء مكيفة تقيهم الأجواء الحارة التي لامست 50 درجة مئوية.
وفي غالبية دول الخليج توجد مراكز للسينما، ما يجعل قضاء جزء طويل من أيام الإجازات داخل المجمع التجاري أمرا اعتياديا لدى معظم الخليجيين.
وذكر محمد علوي، رئيس لجنة المراكز التجارية بمجلس الغرف بجدة، الرئيس التنفيذي لأسواق البحر الأحمر المالكة لـ«رد سي مول» بجدة، أن بعض المراكز التجارية في دول الخليج أصبحت توجد داخلها فنادق مرتبطة بهذه المراكز، وإيرادات وإشغالات هذه الفنادق أعلى من الفنادق الأخرى على مستوى الشرق الأوسط كله، ولهذا فإن بعض المولات يصل عدد الفنادق المرتبطة بها إلى 4 فنادق.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دول الخليج بدأت منذ سنوات في التنافس على إقامة مهرجانات صيفية للتسوق، وكانت دبي السباقة في ذلك، ثم تبعتها الدول الأخرى، والآن معظم المدن السعودية لديها مهرجانات للتسوق خلال الصيف.
ولفت إلى أن جزءا من الخليط التجاري للمولات هو الوجه الترفيهي، مثل: المطاعم، والمقاهي بأصنافها، وصالات الألعاب، لافتا إلى أن هذه الأنشطة الترفيهية كانت لا تزيد عن حدود 6 في المائة من مساحة المولات، لكنها وصلت في بعض المولات الآن إلى 20 في المائة من مجمل مساحة المجمع التجاري، وأصبحت كل المولات تتنافس حاليا في استقطاب المطاعم والمقاهي ومجالات الترفيه بأنواعها.
وتطرق إلى أن درجات الحرارة والرطوبة العالية والغبار أحيانًا جعلت الاستفادة من خدمات المتنزهات والمرافق المكشوفة محدودا مقارنة بالمجمعات التجارية، وهذا يدفع المراكز التجارية إلى استثمار هذه الفرصة في تنظيم الفعاليات والأنشطة والبرامج الترفيهية.
إلى ذلك، أوضح حسين القحطاني، المتحدث الرسمي للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية، أن موجة الحر تبدأ في الانكسار مساء اليوم (الجمعة)، ثم تعود درجات الحرارة إلى معدلاتها الطبيعية المعتادة في السعودية خلال فصل الصيف، ما بين 39 إلى 48 درجة مئوية.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مراصد المملكة سجلت أعلى درجة حرارة على الأحساء والظهران والدمام والخفجي وحفر الباطن والنعيرية والخرج، حيث لامست الحرارة فيها 50 درجة مئوية أمس (الخميس)، مشيرا إلى دراسة تشير لموجة حر قادمة تبدأ مع نهاية الأسبوع المقبل، وتكرار هذه الموجات يستمر حتى نهاية أغسطس (آب) المقبل.
ودفعت سخونة الأجواء جهات رسمية في السعودية إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات لحماية العمال، ومنها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، التي أعلنت الأسبوع الحالي عن ضبط 258 مخالفة لقرار منع العمل تحت أشعة الشمس، وذلك خلال 27 يوما منذ بدء سريان القرار في 15 من شهر يونيو (حزيران) الماضي.
ووفقا لبيان، فإن 241 منشأة من جميع مناطق السعودية خالفت قرار منع العمل تحت أشعة الشمس، مع الإشارة لكون الوزارة ملتزمة بمتابعة تنفيذ منع العمل تحت أشعة الشمس طوال الفترة المعلن عنها، وذلك حرصا منها على سلامة وصحة العاملين في القطاع الخاص، وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة لهم وفق اعتبارات السلامة والصحة المهنية، وما تقتضيه مصلحة العمل لضمان تجنب العمالة ما قد يسبب مخاطر صحية لهم.
وتحظر السعودية تشغيل العمال في الأماكن المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشر ظهرا إلى الساعة الثالثة مساء خلال الفترة الواقعة بين 15 يونيو (حزيران) إلى نهاية 15 سبتمبر (أيلول) من كل عام، ويستثني القرار العمال الذين يعملون في شركات النفط والغاز، وعمال الصيانة للحالات الطارئة، كما يستثني القرار عددا من المحافظات في بعض مناطق المملكة.
وألقت موجة الحر الشديدة التي تضرب دول الخليج هذه الأيام بظلالها على أحاديث مواطنيها، إذ ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة والصور الطريفة، ومنها من يطهو البيض في مكان مكشوف لينضج تحت حرارة الشمس، ومن ينام بين قوالب الثلج، إلى جانب التعليقات المتعلقة بسخونة المياه وشمس الظهيرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».