في تطور طبي لافت لعلاج مشكلات الإنجاب، قال خبراء بريطانيون أمس إن نحو نصف الأزواج الذين يواجهون صعوبة في إنجاب الأطفال بمقدورهم تحسين فرص الإنجاب باستخدام عقار متوافر ورخيص لعلاج الذبحة الصدرية.
* جين رجالي مشوه
وأكد خبراء في مؤسسة «كاير فيرتليتي»CARE Fertility وهي واحدة من كبريات المؤسسات الخاصة المتخصصة في علاج العقم، في الدراسة التي نشرت في مجلة «لانسيت: بايوميديسن أونلاين»، أنهم رصدوا ولأول مرة مسؤولية الرجل عن عمليات حدوث حالات إسقاط الجنين لدى زوجته، بسبب وجود تشوه جيني لديه ينتقل منه إلى الجنين ويهدد النمو الطبيعي للمشيمة.
وكان الباحثون قد اكتشفوا منذ عامين، أن 44 في المائة من الأزواج الذين يلجأون إلى عمليات الإخصاب الصناعي في الأوعية المختبرية (أطفال الأنابيب) يحملون تشوهات جينية تؤدي إلى فقدان الحمل، وإلى تكون جلطات الدم، وظهور مشكلات في نمو الأجنة.
وقال الخبراء إن حقنة من عقار الهيبارين المسيل للدم يمكنها أن تساعد في الإنجاب لدى أزواج لم يتمكنوا من تحقيق حلمهم هذا على مدى عقد من السنين.
وأضافوا أن العقار يزيد من احتمال حصول الحمل لدى النساء من مستوى الصفر إلى مستوى 40 في المائة، خلال خضوعها لدورة العلاج. وأورد الباحثون حالة زوجين هما مايك أبيرلي (53 عامًا، ونيكولا، 41 عاما من تشيسترفيلد حاولا إنجاب طفل على مدى 16 عامًا، وبعد توجههما لعمليات الإخصاب الصناعي تم الحمل، إلا أن الأم فقدت جنينها بعد 16 أسبوعا من الحمل.
وبعد فحصهما رصد الأطباء في مؤسسة «كاير» أن كلا الزوجين يحمل التشوه الجيني. وبعد وصف عقار الهيبارين للزوجة، ولد لهما توأم من بنت وولد. ويحدث التشوه الجيني الذي يؤدي إلى إسقاط الجنين في الجين C4M2 في مجموعة من البروتينات الخلوية المسماة Annexin 5 التي تعمل على تسييل الدم أثناء الحمل لتسهيل الحمل. وعندما يحدث التشوه في هذا الجين، فإنه يتسبب في حدوث الجلطات الدموية التي تؤدي إلى الإجهاض.
* نجاح الإنجاب
وقال الدكتور سايمون فيشيل من مؤسسة «كاير» الذي أشرف على البحث: «أظهرنا ولأول مرة، أن العلاج ممكن عند وجود هذه العلامة الجينية» المميزة. ونقلت عنه صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية، إن «حقن عقار الهيبارين مبكرا عند وجود هذه العلامة يمكنه المساعدة في إعادة مستويات الولادة الحية لدى الأشخاص الذين خضعوا طويلا لعمليات الإخصاب الصناعي».
وقد عرض على الأزواج الذين يعانون من مشكلات في العقم مبهمة الأسباب، اختبار للدم لرصد هذه العلامة الجينية. ودرس الباحثون البريطانيون 103 من الأزواج من الذين حمل أحدهما أو كلاهما التشوه الجيني، من الذين أخفقوا في الإنجاب رغم محاولتهم المتكررة في عمليات الإخصاب الصناعي.
وقد خضعت هذه المجموعة للعلاج الجديد في دورة علاجية لاحقة، وقورنت نتائجها مع نتائج مجموعة ضابطة من 103 أزواج أيضًا أصغر سنًا لديهم حظوظ أقوى في نجاح الإنجاب. ونجحت نسبة 37.9 من المجموعة الخاضعة للعلاج الجديد في إتمام ولادة حية مقارنة مع 33 في المائة من المجموعة الضابطة. وعندما قورنت النتائج للرجال الذين رصد لديهم التشوه الجيني كانت نسبة النجاح لدى النساء اللواتي خضعن للعلاج بالعقار 47.7 في المائة.
ولا يحبذ الأطباء عادة استعمال عقار الأسبرين المميع للدم خلال الأوقات الأولى من الحمل، كما أنه لا يتغلغل نحو المشيمة، ولذا فإن حقن عقار الهيبارين الرخيص الثمن (8 دولارات تقريبًا) مباشرة في وسط الجسم يسمح له بالوصول إلى موقعها بسرعة.
وقال الدكتور فيشيل الذي كان قد شارك في أول عملية لأطفال الأنابيب عام 1978: «أعتقد أن النتائج مهمة جدا، إذ إن النساء المشاركات في الدراسة لم يتمكنّ من الإنجاب البتّة بسبب حدوث الإسقاط لديهن، والآن لديهن أمل أكبر بالإنجاب».
وأضاف أننا نعلم أن العيوب في الكروموسومات هي أهم أسباب العقم، ولكن حتى وعند إجراء عمليات الإخصاب الصناعي وزرع الأجنة في الرحم فإننا نجد عمليات الإسقاط شائعة. وتمنح هذه الدراسة النساء اللواتي يحملن أولاً ثم يسقط لديهن الجنين لاحقًا، وسيلة بسيطة ورخيصة للإنجاب.