لافروف وكيري يبحثان التسوية السورية.. ومصادر ترجح ظهور نتائج الاتفاق قريبًا

مصادر: ضعف القوات النظامية يدفع الروس إلى التعجيل في الحل السياسي

لافروف وكيري يبحثان التسوية السورية.. ومصادر ترجح ظهور نتائج الاتفاق قريبًا
TT

لافروف وكيري يبحثان التسوية السورية.. ومصادر ترجح ظهور نتائج الاتفاق قريبًا

لافروف وكيري يبحثان التسوية السورية.. ومصادر ترجح ظهور نتائج الاتفاق قريبًا

أكد مصدر مطلع من العاصمة الروسية موسكو لـ«لشرق الأوسط»، أن «روسيا جادة تماما في تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار»، دون أن يستبعد أن تبدأ نتائج اتفاق لافروف - كيري بالظهور على أرض الواقع ميدانيا في سوريا «الأيام القادمة».
وبحث وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري الوضع في سوريا، خلال اتصال هاتفي، أمس، بمبادرة من الجانب الأميركي. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن الوزيرين ركزا بصورة رئيسية على «الخطوات الأميركية - الروسية المحددة الرامية إلى دفع تسوية النزاع في سوريا، والقضاء على المجموعات الإرهابية النشطة هناك»، موضحة أن المحادثات بين الوزيرين «أتت استكمالا للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات لافروف وكيري في العاصمة الروسية مؤخرًا»، والمقصود بذلك محادث كيري في روسيا يومي الرابع عشر والخامس عشر هذا الشهر، التي أعلن الوزيران، عقبها، توصلهما لاتفاق حول خطوات محددة تهدف إلى إعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية، والتنسيق في التصدي للمجموعات الإرهابية وتحديدًا «داعش» و«جبهة النصرة»، والدفع لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت مع خلق الظروف المواتية لذلك.
ومنذ إعلانهما فجر السادس عشر من هذا الشهر، عن اتفاقهما، دون أن يعرضا تفاصيله بقصد النجاح في التنفيذ، حسب قول كيري، تبقى الأمور غامضة بشأن ذلك الاتفاق، الذي لم تظهر أي نتائج له في سوريا، حيث يشهد الوضع الميداني تصعيدًا غير مسبوق، لا سيما تكثيف قوات النظام السوري لهجماتها وقصفها لمواقع المعارضة في حلب، فضلا عن الاستهداف اليومي لمدينة داريا بعشرات البراميل المتفجرة، وصواريخ أرض - أرض ومئات قذائف المدفعية، هذا بينما تواصل قواته على الأرض محاولات اقتحام المدينة. سياسيا أبدت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر المعارضة السورية الواسع في الرياض، أول من أمس، انزعاجها واستياءها من الغموض في الاتفاق الأميركي - الروسي.
مصدر مطلع من العاصمة الروسية موسكو أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «روسيا جادة تماما وبكل وضوح في موضوع تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار»، دون أن يستبعد أن تبدأ نتائج اتفاق لافروف - كيري بالظهور على أرض الواقع ميدانيا في سوريا: «خلال الأيام القادمة، وربما الساعات القادمة»، مشددًا على أنه «لا مصلحة بالمطلق لروسيا باستمرار المواجهات في سوريا، وهي مهتمة باستئناف العملية السياسية وتسعى لتعاون أفضل مع الولايات المتحدة يضمن العودة لاتفاق إطلاق النار وجعله حالة مستدامة هناك، بما يهيئ الظروف للعملية السياسية ولخطوات أخرى قد تتطلبها تلك العملية»، ليعود المصدر ويذكر بثوابت الموقف الروسي، لا سيما فيما يخص مسألتين قال إنها لن تحيد عنهما «الأولى تخص التمسك بأن يحدد السوريون أنفسهم مصير بلدهم والبنية السياسية المستقبلية للدولة، أما الثانية فهي مواصلة الحرب على الإرهاب بلا هوادة حتى استئصال الجماعات الإرهابية نهائيًا».
ويرى مراقبون أن روسيا مهتمة بالفعل بوقف العنف في سوريا، لأسباب عدة، منها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ذلك أن استمرار العنف وعدم وضع آليات مشتركة بين روسيا والدول الأخرى للتصدي للإرهاب قد يثقل بنفقاته على الميزانية العسكرية الروسية، فضلا عن أن استمرار العنف يزيد من التهديدات بانتشار الفوضى العارمة في المنطقة وتوسع نشاط الإرهابيين وصولاً إلى آسيا الوسطى. من جانب آخر يشير المراقبون إلى ضعف القوات النظامية، الأمر الذي يدفع الروس أيضًا إلى العجلة في إطلاق الحل السياسي. في هذا السياق نقلت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن مصدر عسكري روسي قوله إن الوضع في عدد من المناطق في سوريا ما زال حرجًا للغاية، وعند مداخل تدمر تتمكن جماعة «داعش» الإرهابية من إعادة الانتشار والتجمع، وتأمين الإمداد الدائم لمقاتليها بالسلاح والآليات الحربية الثقيلة. وعمليا لم تبق لدى القوات الحكومية قوة للحفاظ على مواقعها هناك.
وتضيف الصحيفة أن هذا الوضع يوضح أسباب مساهمة القاذفات الاستراتيجية الروسية بعيدة المدى إلى العملية في سوريا، حيث كانت قد نفذت عمليات قصف يومي الثاني عشر والرابع عشر من الشهر الجاري على المناطق شرق مدينة تدمر والرقة، وكذلك في منطقة محطة ضخ النفط (ت - 3) في محافظة حمص. ويؤكد متحدث من قيادة أركان الجيش الروسي للصحيفة، أنه من المتوقع أن تستمر عمليات القصف هذه بواسطة القاذفات الاستراتيجية خلال الأسابيع القادمة، ما سيساعد على منح قوات الأسد متنفسًا (يخفف الضغط عنهم ويريحهم بعض الشيء)، إلا أن المصدر يقول إن «هذا الأمر (القصف الجوي بالقاذفات) لا يمكن أن يستمر على هذا النحو بصورة دائمة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.