الفنانة المغربية إكرام القباج تنجز منحوتة «السوانح» في أصيلة

استغرق العمل عليها شهورًا كثيرة.. ويبلغ طولها 3 أمتار

صورة تذكارية للفنانة إكرام القباج مع الفنانين المشاركين في موسم أصيلة
صورة تذكارية للفنانة إكرام القباج مع الفنانين المشاركين في موسم أصيلة
TT

الفنانة المغربية إكرام القباج تنجز منحوتة «السوانح» في أصيلة

صورة تذكارية للفنانة إكرام القباج مع الفنانين المشاركين في موسم أصيلة
صورة تذكارية للفنانة إكرام القباج مع الفنانين المشاركين في موسم أصيلة

جرى أخيرًا في مدينة أصيلة المغربية تدشين منحوتة ضخمة من إنجاز الفنانة إكرام القباج، التي سبق أن أنجزت كثيرًا من الأعمال الفنية الضخمة في فضاءات عمومية كثيرة.
وقالت القباج إن منحوتتها هذه، التي استغرق العمل عليها شهورا كثيرة، مصنوعة من مادة «إينوكس» ويبلغ طولها ثلاثة أمتار ويبلغ عرضها مترين ونصف المتر.
وأضافت القباج، التي تحظى أعمالها بصيت عالمي، أنها أطلقت على منحوتتها اسم «السوانح» تيمنًا بأسراب الطيور التي تحلق يمنة ويسرة حاملة بشائر الخير، حسب المعتقد الشعبي، وأنها أنجزت هذا العمل الفني خصيصًا لمدينة أصيلة.
وقالت الفنانة المغربية، المولودة سنة 1960 بالدار البيضاء، إن مدينة أصيلة تتوفر على تراث مهم من المنحوتات، معربة عن سعادتها لكون أحد أعمالها الفنية يُضاف إلى «المخزون التراثي لهذه المدينة التي تتطلع إلى الحرية والفنون».
وأشارت القباج، التي تلقت دراساتها الأكاديمية التأهيلية بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء قبل أن تلتحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس لدراسة النحت، إلى أن عملها الفني الجديد هذا نجم عن شراكة بينها وبين مدينة أصيلة ومؤسسة منتدى أصيلة والشركة التي جسدت مفهوم العمل الفني ونصبته في قلب المدينة.
وفسرت الفنانة تفضيلها الاشتغال على مادتي الحجر والرخام بكونهما يصمدان طويلا أمام تقلبات المناخ، خصوصا أن «المغرب لا يتوفر لحد الآن على وسائل حماية المنحوتات الفنية على مواد هشة»، مشيرة إلى أنها لا تصنف نفسها ضمن مدرسة فنية معينة، إلا أنها لم تنفِ كون مقاربتها تندرج ضمن الفن الحديث. وتعمل القباج، منذ عودتها من باريس سنة 1989، على تطويع الأشكال لتعرض منحوتاتها في كثير من أروقة الفنون الجميلة داخل المغرب وخارجه، وكذا في المحافل الدولية للنحت والبيناليات التي شاركت فيها. ويتميز المسار الإبداعي للقباج بكفاحها لدى صُنّاع القرار في مجالات الفنون والبيئة وإعداد التراب الوطني وسياسات تطوير مدن وأقاليم المملكة من أجل إدماج الفن في الفضاءات العمومية بالمغرب. وأثمر هذا النشاط إعدادها وتنظيمها خمسة محافل دولية للنحت على الصخر والمرمر في كل من مدن الجديدة (2000) وطنجة (2001) وفاس (2002) والصويرة (2003) وتارودانت (2011)، وهو ما أثرى المجال العمومي بخمسة متاحف مفتوحة على الهواء الطلق، وبما مجموعه 44 منحوتة من الحجمين المتوسط أو الكبير.
يُذكر أنه تم تدشين المعلمة الفنية (السوانح) بحضور محمد بن عيسى رئيس بلدية أصيلة والأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة ونخبة من الفنانين والمثقفين الذين يحضرون أشغال الدورة 38 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، 15 - 28 يوليو.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».