«الانقلاب» و«القاعدة» يستهدفان عدن بعمليات إرهابية

جهزوا سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة لاستهداف مطار وميناء ومعسكرات العاصمة المؤقتة

التقاء المصالح بين الانقلاب و«القاعدة» دفعهما إلى تشكيل حلف لاستهداف الشرعية والأمن في اليمن (رويترز)
التقاء المصالح بين الانقلاب و«القاعدة» دفعهما إلى تشكيل حلف لاستهداف الشرعية والأمن في اليمن (رويترز)
TT

«الانقلاب» و«القاعدة» يستهدفان عدن بعمليات إرهابية

التقاء المصالح بين الانقلاب و«القاعدة» دفعهما إلى تشكيل حلف لاستهداف الشرعية والأمن في اليمن (رويترز)
التقاء المصالح بين الانقلاب و«القاعدة» دفعهما إلى تشكيل حلف لاستهداف الشرعية والأمن في اليمن (رويترز)

كشفت مصادر قبلية وأخرى محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تجهيز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بمحافظة البيضاء الخاضعة لسلطة ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح لانتحاريين بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، أوكلت لهم مهمة تنفيذ عمليات إرهابية في عدن لاستهداف قيادات عدن ومرافق حيوية هامة، كالمطار والميناء والمعسكرات ومقار الشرطة وقيادات أمنية وعسكرية.
وأشارت المصادر ذاتها أن سيارات مفخخة وأحزمة معدة للتفجيرات الانتحارية نقلها التنظيم خلال الشهر الحالي إلى محافظة لحج، وهي في طريقها لدخول عدن وبانتظار تسليمها للانتحاريين، البعض منهم وصل عدن ومنهم من ينتظر الوصول قادمين إليها من البيضاء عبر طريق لبعوس يافع لحج عدن حد قولها ذلك.
وأوضحت المصادر أن التنظيمات الإرهابية التي تم فرارها من عدن ولحج وأبين وحضرموت تتخذ من محافظة البيضاء مقر لقيادة عملياتها الإرهابية في المدن والمحافظات الجنوبية حيث يتواجد أبرز وأخطر قيادات الإرهاب في مناطق قبلية متعاطفة معهم بمديريات الزاهر وذي ناعم وقفية رداع وفي بقية من المحافظة التي تخضع ثلثا مساحتها لميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
ورصد مراقبون استغلال التنظيمات الإرهابية للفراغ الأمني لمحافظة البيضاء التي تسيطر الميليشيات على أغلب مديرياتها ومناطقها في إعداد معسكرات لعناصرها الفارين من المحافظات الجنوبية عدن لحج أبين حضرموت جراء العمليات العسكرية واستمرار حملات الدهم التي نجحت فيها قوات التحالف وقيادات المحافظات من تطهير مدنهم من الجماعات الإرهابية.
وأرجع المختص الأمني العميد المتقاعد صالح اليافعي نفوذ التنظيم وفتح معسكراته التدريبية وإعادة تنظيم صفوفه من داخل محافظة البيضاء للتعاطف الكبير من قبل القبائل مع الإرهابيين وكذلك للمعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها قيادات «القاعدة» مع الميليشيات بعدم التعرض للآخر وما أعقب ذلك التفاهم من صفقات تبادل للأسرى بالمئات تمت بوساطة مشايخ قبليين بين ميليشيا الحوثيين وقيادات تنظيم القاعدة الذي تقوده أجهزة أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع صالح ذاته.
في حين ذهب المختص العسكري العميد ثابت حسين صالح في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى القول: «ما من شك أنه من المرجح اتفاقهم وتحالفهم مع الجماعات الإرهابية وخصوصا في محافظة البيضاء التي تعتبر معقلا رئيسيا إن لم يكن الرئيسي لـ(القاعدة) وأخواتها».
واستطرد العميد ثابت لدى حديثه بالقول: «أعتقد أن محافظ عدن عيدروس الزبيدي كان محقا وذكيا وصاحب بعد نظر عندما وجه أصابع الاتهام عن المحاولات المتكررة باغتياله هو ومدير الأمن علی وجه الخصوص إلی الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين، باعتبارهما المستفيد الأول من هذه المحاولات والمحرض والمخطط لها، وما (القاعدة) و(داعش) وأخواتهما إلا أدوات ووسائل يستخدمها هذا النظام حيث ما شاء ومتى ما شاء».
وأضاف العميد ثابت: يلاحظ المتابع أن العمليات الإرهابية تستهدف بالدرجة الأولى، بل ودون غيرهم قادة المقاومة وعلى رأسهما عيدروس وشلال ولم تتحرك هذه العناصر والجماعات الإرهابية عندما كان الحوثيون يسيطرون على عدن ولحج وأبين وغيرها من المحافظات الجنوب، مستدركا «لا ننسى الدور التحريضي وربما المشارك لحزب لإصلاح في استهداف قيادات قوات الشرعية دون كلل ولا ملل، ولا ننسى أيضا أن مسؤولية الأمن هي مسؤولية مجتمعية ينبغي أن يكون المواطن المخلص والحريص شريكا فاعلا فيها».
ولفت ثابت صالح إلى أنه يمكن ملاحظة الفشل الذريع لمعظم هذه المحاولات الإجرامية المتكررة والمتواصلة منذ هزيمة غزو 2015 والتحسن الملموس في الوضع الأمني وخاصة في عدن ولحج وحضرموت.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.