المجالس البلدية في إنجلترا تحذر من وقف دعم برامج السمنة

تستخدم لقياس وزن أطفال المدارس الابتدائية ومساعدة الناس على إنقاص أوزانهم

معدلات السمنة في بريطانيا في تزايد
معدلات السمنة في بريطانيا في تزايد
TT

المجالس البلدية في إنجلترا تحذر من وقف دعم برامج السمنة

معدلات السمنة في بريطانيا في تزايد
معدلات السمنة في بريطانيا في تزايد

تستخدم المجالس البلدية في بريطانيا الأموال لقياس وزن أطفال المدارس الابتدائية، ومساعدة الناس على إنقاص أوزانهم، وتوفير منشآت رياضية مجانية أو بمقابل زهيد. وكانت المجالس البلدية قد حذرت من أن خفض الحكومة لميزانية الصحة العامة سيعيق الجهود الرامية لمعالجة السمنة.
وأظهرت أرقام اتحاد المجالس المحلية أنها كانت بصدد إنفاق 505 ملايين جنيه إسترليني على مكافحة السمنة بحلول عام 2017.
يذكر أن الصحة العامة أصبحت مسؤولية المجالس المحلية منذ أبريل (نيسان) عام 2013. وقبل ذلك كانت مسؤولية خدمة الرعاية الصحية الوطنية.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت التزامها بمعالجة السمنة، وأعلنت الحكومة في وقت سابق من هذا العام فرض ضريبة سكر على مصانع المشروبات الغازية. ويتلقى اتحاد المجالس المحلية أموالاً من الحكومة للإنفاق على الصحة العامة، وتقرر تخفيض المبلغ المدفوع من 3.38 مليار جنيه إسترليني في 2016 - 2017، إلى 3.13 مليار جنيه إسترليني في 2020 - 2021.
وقال الاتحاد، الذي يمثل 370 مجلسًا محليًا أغلبها في إنجلترا وعدد قليل في ويلز، إنه خصص نصف مليار جنيه إسترليني للوقاية من السمنة لدى البالغين والأطفال في 4 سنوات. وقال الاتحاد إن الأرقام تكشف حجم العمل الذي بذلته المجالس للوقاية، كما تظهر مدى أزمة السمنة.
وتشمل النفقات قيام برنامج «ذي ناشيونال تشايلد ميجرمنت» الحكومي بقياس وزن الأطفال عند التحاقهم بالمدرسة الابتدائية، ثم قياس الوزن ثانية لدى مغادرتهم في العام الدراسي السادس.
وأظهرت الأرقام في إنجلترا في 2014 - 2015 أن واحدًا من بين كل 10 أطفال عمرهم 4 و5 سنوات يعاني السمنة، وواحدًا من بين كل 10 أطفال عمرهم 10 و11 سنة يعاني السمنة. وقال اتحاد المجالس المحلية إنه من المتوقع ارتفاع فاتورة السمنة أكثر من ذلك.
وكان الاتحاد قد دعا الحكومة من قبل إلى تقليل السكر في المشروبات الغازية وجعل حجم المحتوى من السكر واضحًا على المنتج وتوفير مزيد من صنابير المياه في المدارس والمطاعم. كما طالبت المدارس بسلطة حظر إعلانات الأغذية السريعة قرب المدارس.
وقال إيري سيكومبي، المسؤول عن الرفاهية المجتمعية في الاتحاد، إن المجالس تسعى لمعالجة السمنة قبل أن تتحول إلى مشكلة، ولكنها بحاجة إلى مزيد من الدعم. وأضاف قائلاً: «إننا بحاجة إلى ضمانات من الحكومة الجديدة بأن استراتيجية مكافحة السمنة لدى الأطفال التي طال انتظارها ما زالت سارية، فالأطفال الذين يعانون السمنة اليوم هم بالغون يعانون السمنة غدًا، وسيكون ذلك أمرًا مكلفًا للصحة العامة».
وتعد معدلات السمنة في بريطانيا من بين أعلى المعدلات في أوروبا على مدى العقد الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 50 في المائة. ويعاني نحو ربع المواطنين البالغين من السمنة المفرطة. وتعتبر البلاد أن أخطر مشكلة صحية تواجهها حاليًا هي انتشار السمنة.
لكن البرنامج الجديد لا يلقى تفاؤلاً بين عدد من البريطانيين، ويقولون إن الحكومة بحاجة إلى نشر محاربة السمنة انطلاقًا من تثقيف الأطفال من الروضة، لأن كثيرًا من البالغين لا يريدون تغيير نظامهم الغذائي.
وألقى هؤلاء باللوم على مطاعم الوجبات السريعة المنتشرة بكثرة، وانخفاض الطبخ المنزلي، والاستهلاك على نطاق واسع من جانب الشباب للمشروبات الغازية والأغذية المشبعة بالدهون وفقدان أساليب الحياة النشطة، في انتشار البدانة. من جهتهم أعرب خبراء الصحة العامة عن قناعتهم بالحاجة إلى التدخل بعد تقرير للحكومة البريطانية للأبحاث الذي اعتبر أن «السمنة قنبلة موقوتة». وتوقع التقرير أن 60 في المائة من الذكور و50 في المائة من الإناث سيعانون من السمنة المفرطة بحلول عام 2050.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».