تحرير مواقع في صرواح تعز وظبي الأعبوس تعود إلى الواجهة

الميليشيات تصعد من قصفها العشوائي

تحرير مواقع في صرواح تعز وظبي الأعبوس تعود إلى الواجهة
TT

تحرير مواقع في صرواح تعز وظبي الأعبوس تعود إلى الواجهة

تحرير مواقع في صرواح تعز وظبي الأعبوس تعود إلى الواجهة

مع بدء استئناف مشاورات السلام اليمنية في دولة الكويت الشقيقة، صعدت الميليشيات الانقلابية قصفها العشوائي على مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة، إضافة إلى استمرارها في الحصار المطبق على جميع منافذ المدينة منذ نحو عام.
وكثفت الميليشيات قصفها على تعز بعد مطالبة أهالي المحافظة الوفد الحكومي المشارك في مشاورات السلام بعدم المشاركة والجلوس على طاولة واحدة مع الانقلابيين قاتلي الأطفال والنساء، الذين يواصلون استخدام القوة ولا يفهمون غير لغة القوة، مؤكدين أن تحرير تعز واليمن كافة لن يكون إلا «بالحسم العسكري؛ لأن الميليشيات الانقلابية ستستمر في المراوغة تحت مسمى الحوار من أجل كسب الوقت وإعادة ترتيب صفوفها، وهذا هو ما يجري في تعز من خلال استمرار الميليشيات الانقلابية في الحشد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها في محيط مدينة تعز». وبينما احتدمت جبهات القتال المختلفة في محافظة تعز، ارتفعت وتيرة الاشتباكات بجبهة حيفان، جنوب تعز، وبخاصة في جبهة ظبي الأعبوس، حيث حققت قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني تقدما نوعية وكبدت الميليشيات الانقلابية أكثر من 30 بين قتيل وجريح، خلال هجوم شنته قوات الشرعية على مواقع الميليشيات الانقلابية في تبة المنشارة وتبة الكولة، ما أدى إلى فرار ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح إلى جبل الهتاري الذي لا يزالون يسيطرون عليه، وذلك بمساندة طيران التحالف الذي تقوده السعودية.
وردا على خسائرهم، قصفت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، وبشكل عنيف، قرية حارات وبعض قرى الأعبوس بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا.
وقال القيادي في مقاومة جبهة حيفان، سهيل الخرباش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المواجهات مستمرة في ظبي الأعبوس، بين أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، والميليشيات الانقلابية من جهة أخرى، في ظل تقدم الأبطال بشكل كبير في جبهة ظبي وفرار جماعي للميليشيات الانقلابية من الجبهة وتبة المنشارة بعد تكبدهم الخسائر الكبيرة في الأرواح خلال المواجهات».
وأضاف: «على الرغم من أن المواجهات عنيفة الآن بظبي، فإنها أصبحت معارك كر وفر بين أبطال الجيش الوطني والمقاومة من جهة والميليشيات من جهة أخرى، الأمر الذي جعل الميليشيات الانقلابية تدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الأعبوس بشكل متواصل».
وطلب الخرباش من «الشرعية وقوات التحالف المساعدة في تحرير جبهة حيفان وتوفير الاحتياجات الكاملة لقوات الجيش الوطني في الجبهة، من أجل التمكن من تطهير المحافظة من الميليشيات الانقلابية».
في المقابل، احتشد العشرات من أبناء محافظة تعز في شارع جمال، وسط المدينة، ليعبروا عن ابتهاجهم بفشل محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا.
ورفع المشاركون في الوقفة التضامنية التي نظمها شباب وشابات تعز، الأعلام التركية وصور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ولافتات كتب عليها «نحيي صمود الشعب التركي وانتصاره الديمقراطي»، إضافة إلى ترديدهم هتافات التضامن مع الشعب التركي، ليوصلوا بذلك رسالة للشعب التركي من إخوانهم اليمنيين، بأنهم يحيونهم في تصديهم لمحاولة الانقلاب الفاشلة، والإيمان بالإرادة الديمقراطية.
وعلى الجانب الميداني، كثف طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية تحليقه في سماء محافظتي تعز ولحج الجنوبية، بعد فشل الميليشيات الانقلابية في استهداف معسكر التحالف شرق مضيق باب المندب بصاروخ باليستي في منطقة السقياء المضاربة.
وتحاول الميليشيات الانقلابية استهداف المعسكر في السقياء بعد يوم من تطهير جبال كهبوب من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، وفرار من تبقى منهم إلى معسكر العمري في باب المندب.
وبينما شهد عدد من جبهات القتال مواجهات عنيفة، تمكنت قوات الشرعية من صد هجوم للميليشيات الانقلابية في حي الزهراء شرق المدينة ومدرات ومحيط السجن المركزي والمبها بالضباب، غربها. ورافق ذلك استمرار قصف الميليشيات الانقلابية المتمركزة في محيط المدينة، أحياء المدينة ومواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني، شرق وشمال وغرب المدينة وجنوبها، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
واشتد القصف على مواقع المقاومة الشعبية في الضباب والعنين بجبل حبشي، والشقب شرق صبر، والأقروض في مديرية المسراخ وحيفان والأعمور، جنوب تعز، وحمير والوازعية غرب المدينة.
وعلى الجانب الإنساني، قامت مؤسسة «سحائب للمعرفة والتنمية» بتوزيع 100 سلة غذائية على الأسر المحتاجة والمتضررة من الحرب في مديرية المظفر في تعز، حيث تعد هذه هي الحملة الثالثة للمؤسسة. وتم توزيع السلال بالتعاون مع منظمة «بادر: بوابة الإغاثة والدعوة والرحلة الإسلامية»، وذلك في إطار سعي المؤسسة لتنفيذ مشاريع إغاثية عاجلة تسهم في تخفيف معاناة الأسر المحتاجة والمتضررة من الحرب.
ويأتي توزيع السلال الغذائية ضمن مشروع الإغاثات العاجلة الذي تنفذه المؤسسة، وتلبية للمتطلبات الضرورية للأسر، حيث اشتملت على القوت الضروري من دقيق وأرز وسكر وتمر وزيت وفاصوليا وتونة.
وفي السياق ذاته، تمكنت قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهة صرواح في محافظة مأرب، من التقدم وتحرير مواقع عدة، وتكبيد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وقال مصدر في المركز الإعلامي للمقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية كبدوا الميليشيات خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بعد تمكنهم من تحرير مواقع عدة واغتنام أسلحة وأجهزة اتصالات لاسلكية».
وأضاف أن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أصبحت تطل على مركز مديرية صرواح، بعدما تمكنت قواتهم من تحرير أهم المواقع والتباب في جبال أتياس وتأمين تبة الزبير الاستراتيجية بالكامل، بعدما كانت تحت قبضة الميليشيات الانقلابية، وشوهدت جثث عناصر الميليشيات متناثرة على تباب وشعاب جبهة صرواح».
وأكد أن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يعد عدته الكاملة خلال الأيام القادمة لتحرير مركز المديرية، والتقدم نحو منطقة حباب التابعة لمحافظة صنعاء، وخصوصا أن مديرية صرواح تُعد البوابة الغربية لمأرب، والتي دخلت منها ميليشيات الحوثي وصالح لتفتح جبهة نار بعدما نهبت كل أسلحة الدولة الثقيلة والخفيفة».
ويأتي ذلك بعدما شهدت الجبهة اشتباكات عنيفة وقصفا مدفعيا عنيفا من قبل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، على ما تبقى من مواقع للميليشيات الانقلابية في صرواح، الأمر الذي جعل الميليشيات تتخبط في مواقعها، ومنها من فر هاربا من المواجهات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم