التعلم في الهواء الطلق يطور مهارات الأطفال

مشاهدتهم للتلفزيون بكثرة يعرضهم لهشاشة العظام

التعلّم في الفضاء  يزيد ذكاء الطفل ({الشرق الأوسط})
التعلّم في الفضاء يزيد ذكاء الطفل ({الشرق الأوسط})
TT

التعلم في الهواء الطلق يطور مهارات الأطفال

التعلّم في الفضاء  يزيد ذكاء الطفل ({الشرق الأوسط})
التعلّم في الفضاء يزيد ذكاء الطفل ({الشرق الأوسط})

مع تناقص فرص الأطفال في قضاء بعض الوقت في الهواء الطلق، لاحظ الباحثون أن ملامح الطفولة تتغير بشكل كبير، وحذروا من أن الحرمان من التعرض للبيئة الطبيعية قد يكون له عواقب سلبية طويلة الأجل. وأفادت دراسة حديثة بأن التعلم في الهواء الطلق له تأثير إيجابي على تطوير مهارات الأطفال، لكنه يحتاج إلى أن يتبناه صناع القرار.
ويقول الباحثون إن تأسيس «مركز للتعلم في الهواء الطلق» من شأنه أن يساعد المعلمين، كما سيساعد على وضع سياسات واستراتيجيات للتعامل مع المشكلة.
وأبرز التقرير دراسات سابقة أظهرت أنه مع زيادة شواغل الآباء، إضافة إلى تناقص الشعور بالأمن في المجتمعات، تضاءلت فرص الأطفال في استكشاف البيئة الطبيعية المحيطة بهم، مضيفا أن ذلك قد يعيق المهارات الاجتماعية للأطفال، ويعرقل نموهم العاطفي والحركي وصحتهم العامة على المدى البعيد. وبالتالي، فإنه من المهم ألا تغفل المدارس ضرورة توفير فرص للتعلم في الهواء الطلق لسد هذه الفجوة.
تقول سو ويت، إحدى المشاركات في إعداد التقرير بجامعة بليموث، بالمملكة المتحدة: «التعلم في الهواء الطلق جزء من المنهج المدرسي في إنجلترا في الوقت الراهن، ويعود ذلك بشكل كبير لدراية المعلمين بقيمة هذا النوع من التعلم»، متابعة: «التركيز المتزايد على التحصيل العلمي قد يولد ضغطًا على المعلمين للبقاء في الفصول الدراسية، مما يعني فقدان الأطفال كثيرا من الخبرات التي كانت ستفيدهم خلال حياتهم العملية».
وبحسب الدراسة، فإن الفوائد الرئيسية التي ستعود على الأطفال من اعتماد تلك الطريقة في التعليم تتمثل في جسد صحي وعقل سليم، وخلق شخصية اجتماعية واثقة من نفسها، وقدرة على الابتكار والمشاركة في المجتمع.
وأشارت ويت إلى أن التقرير أظهر أنه على الرغم من وجود مجموعة كبيرة من البحوث التي تدعم التعلم في الهواء الطلق في السياقات الرسمية وغير الرسمية، فإنه من المرجح أن يظل الأمر على هامش العملية التعليمية حتى يتم التعرف على فوائده من قبل صانعي القرار، مع ما يترتب على ذلك من انعكاس في السياسات. ودعا التقرير إلى اعتماد التعلم في الهواء الطلق في المناهج الدراسية في البلاد المختلفة.
وأضافت البروفسورة كارين مالون، المشاركة في الدراسة من جامعة ويسترن سيدني، أن «التقرير يحث الباحثين وصناع القرار على العمل على تبني نتائج الدراسة من أجل مستقبل أفضل للأطفال».
إلى ذلك، أظهرت دراسة جديدة أن عظام الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون كثيرا قد تنمو بكثافة أقل، في أثناء تلك السنوات المهمة، وأنهم يصبحون أكثر عرضة لهشاشة العظام وكسرها خلال حياتهم، نتيجة لذلك.
وذكر باحثون في دورية العظام والأبحاث المعدنية أن كثافة العظام لدى الأطفال والمراهقين الذين تم تتبع حالاتهم حتى سن 20 عاما، عندما تصل كثافة العظام إلى أقصى حد لها، كانت أقل في هذه السن كلما زاد عدد ساعات جلوسهم أمام التلفزيون في الطفولة.
وقالت ناتالي بيرسون، من كلية الرياضة والتمرينات وعلوم الصحة بجامعة لوفبورو، في بريطانيا: «ما نود توضيحه هو أن الأمر لا يتعلق بمشاهدة التلفزيون على وجه التحديد، مما يشير إلى صلة بين التلفزيون والتبعات الصحية، وإنما الجلوس لفترات طويلة».
وأضافت بيرسون، التي لم تشارك في الدراسة، لـ«رويترز هيلث»، عبر البريد الإلكتروني: «تم الحصول على أول مجموعة من البيانات بشأن مشاهدة التلفزيون، في إطار الدراسة الحالية قبل 15 عاما»، ومنذ ذلك الحين يزيد عدد الصغار الذين يجلسون أمام الشاشات بمختلف أشكالها، مثل أجهزة الآيباد والهواتف الذكية والتطبيقات.
وأفادت الدراسة، التي قادتها جوان إيه. مكفاي من جامعة كيرتن في بيرث بأستراليا، بأن آباء وأمهات أكثر من ألف طفل أسترالي سجلوا عدد الساعات التي يشاهد فيها كل طفل التلفزيون أسبوعيا، عند سن 5 و8 و10 و14 و17 و20 عاما. وفي سن العشرين، خضع المشاركون لفحوص بأشعة إكس لقياس المحتوى المعدني في عظامهم.
وقام الباحثون بقياس الطول وكثافة العظام والنشاط الجسدي وكمية الكالسيوم التي تدخل إلى الجسم، ووجدوا أن كمية المعادن في عظام الأطفال الذين كانوا يشاهدون التلفزيون لفترات طويلة في سن صغير كانت أقل من غيرهم عند البلوغ.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».