لبنان: معارضو باسيل يتوعدون بحركة تصحيحية داخل تيار عون

بعد تعليق عضوية قياديين عشية الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين للنيابة

لبنان: معارضو باسيل يتوعدون بحركة تصحيحية داخل تيار عون
TT

لبنان: معارضو باسيل يتوعدون بحركة تصحيحية داخل تيار عون

لبنان: معارضو باسيل يتوعدون بحركة تصحيحية داخل تيار عون

يتجه «المعارضون العونيون» لسياسة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، إلى تصعيد تحركاتهم بعد إصدار قرار حزبي بتعليق عضوية القيادي في التيار زياد عبس، والمسؤول عن دائرة بيروت الأولى جورج طاشجيان، عشية الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين للنيابة. وهو ما يعني قطع الطريق على الأول الذي كان يتأهب لخوض الانتخابات بوجه نائب رئيس التيار الوزير السابق نقولا صحناوي في منطقة الأشرفية في بيروت.
وفي حين ترد القيادة العونية تعليق عضوية الناشطَيْن السابق ذكرهما «لمخالفة القرار الحزبي» في الانتخابات البلدية الأخيرة في لبنان، وبالتحديد في دائرة بيروت، ودعم مرشحين لا يؤيدهم التيار، يدافع عبس وطاشجيان عن نفسيهما بالتأكيد أن ما قاما به من صلاحياتهما طالما أنهما لم يستشارا بالقرارات التي اتخذت، وأدت إلى دعم لائحة ترفضها معظم «القاعدة العونية» في المنطقة.
هذا، وأعد عشرات المعارضين العونيين «خطة مواجهة» تقتصر حاليا على الدفع باتجاه «حركة تصحيحية» من داخل التيار، على أن تتطور في حال لم تنجح لتشكيل تيار أو حزب جديد يضم المنشقين، بحسب ما تؤكد مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط».
وتلفت هذه المجموعة إلى أن التوجه الحالي هو لـ«قلب الطاولة على من يجلسون عليها في الداخل، باعتبار أن السياسة التي انتهجناها خلال العام الماضي، أي منذ تعيين باسيل رئيسا في الصيف الماضي، ولّت إلى غير رجعة».
وتضيف مصادر المجموعة «انتظرنا كثيرا وصبرنا أكثر، لكن بعد التطورات الدراماتيكية الأخيرة لم يعد يمكن أن نسكت، وقد اتخذنا قرارا بألا جمود بالتعاطي مع المسألة بعد اليوم، ولا عودة للوراء، بل خطوات تسير بالتيار إلى الأمام»، مشددة على أن «الحركة لن تتوقف قبل إنهاء الوضع الشاذ الحالي».
ترتكز هذه الخطة بشكل أساسي على إطلالات إعلامية مكثفة للمعارضين، بعدما كانوا يعملون طوال المرحلة الماضية بالظل، إضافة إلى حملة كبيرة بدأت فعليا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا إلى حركة تصحيحية على المستوى الحزبي الداخلي.
وللعلم، كان رئيس الحزب باسيل، كان قد هدد في وقت سابق بإحالة «أي شخص يُسرّب إلى الإعلام أمورا داخلية» إلى المجلس التأديبي، مؤكدا أّنه ليس هناك من معارضة وموالاة في تياره.
وارتأت «المعارضة العونية» التي يقودها بشكل أساسي نعيم عون، ابن شقيق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، والقياديون السابقون في التيار أنطوان مخيبر، طوني نصر الله، رمزي كنج وزياد عبس، أن يكون الأول من يطلق أولى الرصاصات في الهواء معلنا اندلاع المعركة الداخلية، عبر إطلالة تلفزيونية له أمس لم يتردد فيها بالإقرار بأن «كل ما قاومه المناضلون في التيار في الماضي يعيشه الحزب اليوم».
وتحدث نعيم عون أيضا عن «قمع ممنهج للأصوات المعترضة على أداء القيادة». بينما لفت نعيم عون إلى أن الفريق المعترض على هذا الأداء «يتعاطى مع المشكلات التي تعصف بالتيار وكأنه أم الصبي ولا يبحث عن مشكلة مع القيادة التيار»، مشددا على أن «الظهور الإعلامي بات ضروريا لتصويب المسار داخل الحزب».
وإذ حمّل مسؤولية ما وصل إليه التيار في جزء منه للعماد عون، والجزء الآخر لصهره وزير الخارجية ورئيس التيار جبران باسيل، استهجن «الارتجال في تفسير النظام الداخلي وسوء النية في تطبيقه»، وأكد أنه «على الرغم من هذا الواقع السيئ، فلن نترك نحن بصفتنا مناضلين الحزب وسنقاتل لاسترداده».
كانت الأزمة داخل «التيار الوطني الحر» قد بدأت في الصيف الماضي جراء الضغوط التي مورست على الراغبين في الترشح لمنصب رئيس التيار وأبرزهم آلان عون وزياد أسود (وهما من نواب البرلمان) لتخلو الساحة لباسيل الذي اعتبر معارضوه أنه عيّن تعيينا ولم يُنتخب ديمقراطيا.
ويسعى الأخير منذ تسلّم رئاسة التيار في أغسطس (آب) الماضي لإقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يعرفون بـ«القدامى والمؤسسين» الذين يعترضون على السياسة التي يتبعها عون وصهره بإعطاء الدور الأبرز لـ«المتمولين»، خصوصا حين يتعلق الأمر بالتوزير، باعتبار أن قسما كبيرا من الوزراء الذين سمّاهم عون في الحكومات المتعاقبة، كان حتى وقت ليس ببعيد لا ينتمي للتيار، بل إلى تيارات وأحزاب أخرى.
ومن المرجح أن تتسع دائرة الخلاف داخل تيار عون عشية الانتخابات التمهيدية الداخلية لاختيار المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وهي عملية غير مسبوقة في تاريخ الأحزاب اللبنانية، وكانت لتشكل خطوة ديمقراطية متقدمة جدا، لولا ترك القرار النهائي بشأن المرشحين الذين سيجري اعتمادهم لرئيس التيار.
وحسب التعميم الذي أصدره باسيل أخيرا، والذي دعا خلاله لهذه الانتخابات نهاية الشهر الحالي، فإنه يفوز في هذه المرحلة حدّ أقصى من المرشحين المحتملين بنسبة 1.5 من عدد المقاعد المخصصة لكل مذهب، يتم بعدها إجراء استطلاع رأي، ويكون محصورا بمرشحي التيار ضمن الدائرة الانتخابية من أجل تصنيفهم تراتبيا، وبالتالي حذف العدد الذي يتخطى عدد النواب المحدّدين لكل دائرة انتخابية وفق توزيعهم على المذاهب.
ومن ثم يجرى استطلاع رأي آخر بقرار من الرئيس بعد إقرار القانون الانتخابي، وبعد إعلان المرشحين وقبل إجراء الانتخابات بفترة تسمح بتصنيف مرشحي التيار مقابل المرشحين الآخرين لكي يجري اختيار المرشحين النهائيين وفق التحالفات الانتخابية، وذلك بقرار سياسي من التيار ورئيسه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.