الألماني فوغر.. الأغنى في كل العصور

تعدت ثروته 400 مليار دولار بالمقاييس الحالية

الألماني فوغر.. الأغنى في كل العصور
TT

الألماني فوغر.. الأغنى في كل العصور

الألماني فوغر.. الأغنى في كل العصور

ياكوب فوغر الذي عاش في مدينة أوغسبورغ الألمانية أوائل عصر النهضة ما بين عامي 1459 و1525 كان أول اسم في أوروبا لم يدرج فقط في قائمة أغنى أغنياء عصره، بل وأغنى أغنياء عصرنا الحالي. فباعتراف مؤرخين ماليين غربيين، لم يصل حتى اليوم أحد إلى درجة ثرائه، فقد كان يملك وحده مئات المليارات من الدولارات، ويعتقدون أن ستيف جوبز، المليونير المتوفى، قد أخذ من أفكاره الكثير من أجل تكوين نجاحاته العظيمة وثروته الكبيرة؛ فهناك تشابه كبير في استراتيجية كلاهما.
حفيد أحد النساجين في أوغسبورغ كان مصرفيا عاديا، لكنه حمل في رأسه أفكارا غير عادية جعلته يصبح أغنى أغنياء عصره، ومكّنته ثروته الهائلة من بناء نفوذ واجه به الملوك والأمراء. ففي الوقت الذي كان أمراء أوروبا يرتعبون خوفا من سلطة القيصر كارل الخامس، وكان رئيس الكرسي الروماني المقدس للأمة الألمانية وملك إسبانيا وملك القدس ودوق بورغوند، إضافة إلى 76 لقبا، وكانت سلطته تمتد من أوروبا عبر الأطلسي إلى أميركا اللاتينية، أي أن الشمس لا تغيب عنها، قام فوغر بعمل لا يجرؤ أحد على القيام به، حيث وجه مطلع ربيع عام 1523 إلى الإمبراطور رسالة تهديد يطالبه فيها بتسديد ما عليه من ديون اقترضها منه، إضافة إلى الفوائد المترتبة عليها، وذلك من دون تأخير. وعمل كهذا لا يجرؤ عليه إنسان مهما كان وضعه، فقط صاحب سلطة أعلى من سلطة الإمبراطور، وهي سلطة المال. فثروته كانت لا تقدر بحجم وقيل إنها تعدت ما يعادل الـ400 مليار دولار، وهي ثروة لم يمتلكها حتى ملوك ذلك العصر.

ابن النساج واجه نفوذ عائلة دي ميديتشي

تعاظم نفوذ وغنى ابن النساج الألماني لم يهدد فقط الملوك، بل وأغنى عائلة في أوروبا في زمنه، وهي عائلة دي ميديتشي في فلورنسا، وخرج منها ملكتان و3 بابوات بين القرنين الـ15 و16، واكتسبت ثروة طائلة وسلطة واسعة في أوروبا، وكان مصرف دي ميديتشي أحد أكثر المصارف شهرة في العالم، لكن أفكار ياكوب فوغر في تحريك المال وتزايد ثروته تخطت حتى دهاء البابا المشهور تاريخيا جيوليو دي ميديتشي، وكان أيضا رئيس أساقفة فلورنسا، ولو عاش في أيامنا هذه لنافس بأفكاره ليس فقط بيل غيتس، بل وأذكى الأذكياء الذين كونوا من لا شيء ثروة طائلة.
فهو افتتح عصر الرأسمالية ونمو الاحتكارات وسيطرة رجال الأعمال بأموالهم على الإقطاعيين أنفسهم الذين يملكون الأرض، لكنه لم يملك أراضي، بل أموالا طائلة كان أصحاب الأراضي في حاجة إليها. ومن الصفات التي سمحت له بخوض عالم المال أنه كان مقداما قاسيا مجدا، لكن أيضا عبقريا، فهو درب نفسه على دراسة كل مرحلة من مراحل العمل وكل تقدم في مسك الدفاتر والصناعة والمتاجرة والتمويل، كما لم يسمح لعلاقاته السياسية بالتأثير في قروضه عندما يمنحها لجهة ما.
وأول عمل له كان استثمار الثروة الصغيرة التي ورثها من والده بالاتفاق مع إخوته، وكانت لا تتعدى ما يعادل الـ75 ألف دولار مقابل الحصول على رخصة في استخراج المناجم في ألمانيا والنمسا والمجر. ولقد ساعدته ظروف ألمانيا التي كانت تخطو أولى الخطوات باتجاه عالم التجارة والصناعة والتعدين، بالأخص الذهب والفضة، فاستغل الظرف والوقت لأن صناعة التعدين قد بدأت في النهوض فجنى أرباحا كبيرة من استخراج الفضة والنحاس والذهب، فأصبحت سبيكة الذهب أو الفضة وسيلة للادخار أو اختزان الثروة. وبالتعاون مع بعض الأمراء تمكن فوغر من مواجهة سلطة البابا، بالأخص بعد أن بدأ يعتمد على صك النقود الفضية، رافق ذلك كثرة صناعة الأوعية من الفضة والذهب.
والخطوة المهمة التي قام بها أنه كون اتحادات مع مالكي مؤسسات إنتاجية للتحكم في سعر المنتجات المختلفة ومبيعاتها؛ ولذلك عقد في عام 1498 هو وإخوته اتفاقا مع تجار بلده أوغسبورغ يقضي بتضييق الخناق على سوق البندقية المنافسة في النحاس ورفع السعر. وكان قبلها، أي عام 1488، قد أقرض رئيس أساقفة النمسا سيجموند 15 ألف فلورين، وكان ضمان القرض كامل إنتاج مناجم الفضة في بلدة شفارتر. وفي عام 1492 اتفق مع عائلة تورزوس من كراكاو (حاليا في بولندا) على إنشاء اتحاد لاستغلال مناجم الفضة والنحاس في المجر.
وللحفاظ على أعلى سعر ممكن للمنتجات، وهذا سمح لياكوب فوغر وعائلته مع مطلع عام 1500 بالقيام بمشروعات تعدين واسعة في ألمانيا والنمسا والمجر وإسبانيا وبوهيميا. ومن أجل توسيع سلطته بدأ يستورد المنسوجات ويصنعها، كما تاجر في أقمشة الحرير والقطيفة والفراء والتوابل والذخائر والمجوهرات.
وكان فوغر أول من نظم خدمة البريد الخاص والنقل السريع؛ ما جعله يدخل أروقة الفاتيكان من أبوابها العريضة، فبعد وفاة البابا ألكسندر الرابع في أغسطس (آب) عام 1503 بنى فوغر علاقات عميقة مع روما، فأصبح كل البريد بين الفاتيكان والمدن الأوروبية بالأخص مع ملك السويد يشرف على نقله وتوزيعه. ومن الأمور التي لا يعرفها الكثيرون تمويله ما بين عامي 1505 و1506 تجنيد أول دفعة من الحرس السويسري الذي يقوم حتى اليوم بحراسة الحبر الأعظم.
ومن أجل تسديد ديونه لفوغر اضطر مكسيمليان الأول، ملك ألمانيا وقيصر إمبراطورية روما المقدسة، عام 1507 إلى بيع مقاطعة كيرشبيرغ الواقعة بالقرب من مدينة أولم وكل القرى المحيطة بها، وظل حتى عام 1514 يشتري أراضي وقرى مقابل قروضه، لكن في عام 1511 رفع الإمبراطور مكسيمليان إلى طبقة النبلاء. ولقد ظل فوغر مثابرا على العمل إلى أن توفي عام 1525.
ورغم حبه السلطة والمال أنشأ في مدينته أوغسبورغ عام 1516 تجمعا سكنيا شعبيا كي يسكنه الحرفيون المحتاجون وأصحاب الأجور المتدنية، وهو ما زال قائما ويعتبر أول التجمعات السكنية للمحتاجين في العالم وأقدمها، ويتألف اليوم من 67 مبنى صغيرا يسكن فيه 150 محتاجا، يدفع كل واحد منهم بدل إيجار لا يتعدى اليورو الواحد سنويا، وتشرف على إدارته الكنيسة الكاثوليكية.
مشاغله وأعماله لم تسمح له بالزواج في سن مبكرة، بل عندما أصبح في الأربعين من عمره، وعقد قرانه على فتاة من عائلة محترمة من مدينته كان عمرها 18 عاما، لكنه لم ينجب أطفالا وبعد وفاته عام 1525 عارضت أرملته الكنيسة الكاثوليكية، فبعد مرور سبعة أسابيع فقط على دفنه تزوجت أرملته أحد أصدقائه وهو رجل أعمال، وهذا ما يعارض الكنسية الكاثوليكية، واعتنقت مذهب زوجها وكان بروتستانتيا.
وعندما توفي ياكوب فوغر كان أغنى رجل في أوروبا، فحجم الأصول في الأعمال التجارية والمحاسبة التي كان يملكها وصلت إلى 3.000058 مليار غولدن مع فائض يتعدى الـ2.1 مليون غولدن، ولأنه ليس لديه أبناء ورثة فإن ثروته ذهبت بعد وفاته إلى ولدي أخيه رايموند وأنطون فوغر، حيث تمكن الأخير من مضاعفتها إلى حين وفاته عام 1560.
وحسب تقدير ماليين ألمان، فإن هذه الثورة الضخمة تجعل فوغر اليوم ليس فقط مليارديرا، بل سوبر ملياردير؛ فقياس على قيمة الغولدن في زمنه وقوة النقد ما بين الماضي واليوم، فإن ثروته اليوم تقدر بأكثر من 400 مليار دولار، بينما تصل ثروة بيل غيتس إلى 86 مليار دولار، والعائلة التي تتربع على مرتبة واحدة قبل فوغر هي عائلة روتشيلد وكانت في أوجه غناها في القرن الـ19 أغنى عائلة في العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».