مشاورات الكويت.. حضور «الشرعية» مرهون بالضمانات

ولد الشيخ يفاجئ اليمنيين بلقاء صالح

إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالقرب من مقر اجتماعه مع وفد الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالقرب من مقر اجتماعه مع وفد الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مشاورات الكويت.. حضور «الشرعية» مرهون بالضمانات

إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالقرب من مقر اجتماعه مع وفد الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالقرب من مقر اجتماعه مع وفد الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

يكتنف الغموض قضية استئناف مشاورات السلام اليمنية – اليمنية، في الكويت، والتي كان مقررا أن تنطلق اليوم في جولتها الثانية، بعد نحو أسبوعين على توقفها بسبب إجازة عيد الفطر، حيث غادر المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، العاصمة اليمنية صنعاء، بعد يومين من المباحثات مع الانقلابيين (الحوثي – صالح)، بشأن استئناف المشاورات.
وقالت مصادر في صنعاء إن مغادرة ولد الشيخ تزامنت مع مغادرة وفد الانقلابيين إلى صلالة ثم مسقط في سلطنة عمان، في الطريق إلى الكويت.
الحكومة اليمنية، وحتى وقت متأخر من ليل أمس، رفضت تأكيد أو نفي مشاركتها في المشاورات. وقال عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية، عضو وفد الحكومة الشرعية إلى المشاورات، لـ«الشرق الأوسط»: «إن وفد الحكومة لم يتلق، حتى اللحظة (الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش)، أي أوامر أو توجيهات بالسفر إلى الكويت للمشاركة في المشاورات»، وذلك ردا على الأنباء التي تحدثت عن تأجيل الحكومة اليمنية البت في مسألة إرسال وفدها إلى المشاورات.
وأضاف جباري أن الحكومة اليمنية حريصة على أن تكون مشاورات الكويت إيجابية وأن «نخرج باتفاق سلام، ولذلك نريد الالتزام بالضوابط والمرجعيات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه»، لكنه أكد أن الذهاب مجددا إلى مشاورات الكويت وبنفس الآلية وطريقة سير الأمور، سوف يؤدي إلى نتائج مماثلة لنتائج الجولة الأولى. وأشار جباري إلى أن المسألة «ليست الحوار من أجل الحوار، وهذا لا يجدي»، مشددا بالقول: «إننا نريد مشاورات من أجل أن نصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف النزيف اليمني ووقف الحرب، ولا يمكن أن نصل إلى هذا إلا إذا التزمنا بالمرجعيات، والقرار 2216 واضح وضوح الشمس، حيث ينص على الانسحاب من المحافظات وتسليم الأسلحة والخروج من المؤسسات»، وأكد المسؤول اليمني أن «هذه أمور أساسية بالنسبة لنا، ولا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال»، وأن «أي اتفاق لا يفضي إلى تطبيق تلك النصوص، يعني استمرار الصراع والحرب، وأن يظل اليمن في حال حروب، وأن يظل الاقتتال، وهذا ما لا نريده».
وقال نائب رئيس الوزراء اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «حتى ولو ذهبنا إلى الكويت ولم يتم الالتزام بالمرجعيات، فإن مصير المشاورات المقبلة هو الفشل، ونحن لا نريد أن نفشل، نحن نريد المشاورات المقبلة أن تكون ناجحة».
وتعليقا على مغادرة وفد الانقلابيين والمبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، صنعاء باتجاه مسقط ثم الكويت، وما إذا كانت سوف تحسب نقطة لصالح الانقلابيين، قال جباري إن «القضية ليست قضية تسجيل نقاط، وإنما أمر مصيري، فحاضر ومستقبل اليمن مرهون بما سيتمخض عن مشاورات الكويت»، مردفا أنه «لا يمكن أن نفرط في مكتسبات أبناء شعبنا وحقهم في استعادة الدولة، والقضية ليست من يذهب أولاً».
في هذه الأثناء، فوجئت الأوساط اليمنية باللقاء الذي جمع ولد الشيخ بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، على الرغم من أن الأخير ضمن المدرجين في العقوبات الدولية، واعتبر مصدر يمني مسؤول اللقاء خطوة «استفزازية ورد فعل من المبعوث على موقف الحكومة الرافض للعودة إلى مشاورات الكويت، قبل الحصول على ضمانات خطية وواضحة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216»، وتساءل المصدر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عما «إذا كانت الأمم المتحدة، من خلال ولد الشيخ وأمينها العام، تعمل للالتفاف على القرارات الأممية ومنها القرار الذي يفرض عقوبات على عدد من المتورطين في الانقلاب وإعاقة التسوية السياسية، وبينهم علي عبد الله صالح»، وأضاف: «هذا يعني أن هناك رد فعل يقود المبعوث ليصبح طرفا في الصراع نتيجة تجاوزه كل الخطوط الحمراء التي تمنع المبعوث من التواصل المباشر مع من شملتهم القرارات الأممية بالعقوبات، وبخاصة القرار 2216».
وردا على سؤال حول كيفية مواجهة هذه الإشكالية في أداء المبعوث الأممي، قال المصدر إن ذلك سيتم بمزيد من خلال «تماسك الشرعية وتمسكها بالقرارات الدولية، بل الإصرار عليها، واستمرار قوة التنسيق مع دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والجهد الدبلوماسي المواكب، واستخدام الضغط الاقتصادي من خلال إلغاء الهدنة الاقتصادية، وأيضا ورقة إصدار قرار رئاسي بتسمية عدن عاصمة للبلاد».
وكشف لقاء ولد الشيخ عن سعي الانقلابيين إلى إلغاء القرار الأممي، وأشارت مصادر يمنية إلى أن المخلوع علي عبد الله صالح وضع عددا من الشروط أمام مبعوث الأمم المتحدة، ومن أبرزها وقف الضربات الجوية لقوات التحالف، ورفع الرقابة التي تفرضها على السواحل اليمنية، وفقا للقرارات الأممية، وكذا مطالبته بإنهاء وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما طالب صالح بإلغاء العقوبات التي فرضها مجلس الأمن عليه وعلى نجله، وعلى عبد الملك الحوثي وشقيقه والقائد العسكري والميداني للميليشيات، أبو علي الحاكم، وآخرين.
وكان من المقرر أن تنطلق الجولة الثانية من مشاورات السلام اليمنية اليوم في دولة الكويت، بعد انتهاء فترة الأسبوعين التي خصصت لعطلة عيد الفطر، ولمشاورات داخلية بين الأطراف اليمنية، وتقول مصادر يمنية سياسية إن مهمة المبعوث الأممي انحرفت عن مسارها الطبيعي، وهو بحث آلية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، واتجهت نحو البحث عن تسوية سياسية تضمن «شرعنة» انقلاب الحوثي – صالح على الشرعية وسيطرتهم على الدولة اليمنية، بحسب تعبير المصادر، التي أكدت أن «أسلوب ولد الشيخ في التعاطي مع الانقلابيين، باعتبارهم جزءا من الحل لا المشكلة، والتغاضي عن القرارات الأممية والاستماع إلى مطالبهم، دفع الانقلابيين إلى مزيد من التشدد والرفض في تطبيق القرارات الأممية والتعاطي معها باستخفاف»، وفقا للمصدر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».