راشد الماجد يكسر الرقم القياسي بالحضور الجماهيري في حفله بدبي

قدم 28 أغنية بقيادة المايسترو وليد فايد

راشد الماجد  -   حضور نجوم الفن والإعلام في حفل راشد الماجد ({الشرق الأوسط})
راشد الماجد - حضور نجوم الفن والإعلام في حفل راشد الماجد ({الشرق الأوسط})
TT

راشد الماجد يكسر الرقم القياسي بالحضور الجماهيري في حفله بدبي

راشد الماجد  -   حضور نجوم الفن والإعلام في حفل راشد الماجد ({الشرق الأوسط})
راشد الماجد - حضور نجوم الفن والإعلام في حفل راشد الماجد ({الشرق الأوسط})

بحضور تجاوز أربعة آلاف ونصف الألف متفرج، حضروا متشوقين للفنان راشد الماجد الذي غاب عن إحياء الحفلات 7 أعوام. وفي مركز دبي التجاري في أكبر صالة جماهيريه كسر الحضور الرقم القياسي بهذا العدد الجماهيري الكبير، وهو الأكبر خليجيا، فيما وجدت أعداد كبيرة خارج المسرح لم يتمكنوا من الدخول بسبب نفاد تذاكر.
وفي الأمر ذاته، رغم حرارة الطقس الشديدة في دبي، فإن هناك جمهورا قدموا إلى دبي لحضور تلك الحفلة سواء عبر منافذ البر أو الجو، قادمين من جميع دول الخليج وخاصة السعودية.
«الشرق الأوسط» كانت برفقة راشد الماجد منذ الساعات الأولى من نهار ذلك اليوم، استيقظ راشد الماجد في الصباح الباكر، ويبدو أنه لم ينم كثيرا، مثل ما أعلن ذلك للجمهور لحظة دخوله المسرح. كان يقضي يوما طبيعيا في منزله لم يكن مرتبكا أو عقله شاردا في ما يفعله، هذا اليوم كان في غاية الهدوء، وكان مزاجه عاليا جدا، كان يكثر من المشروبات الساخنة خاصة «القهوة العربي» يتابع التلفزيون ونشرات الأخبار بعيدا عن الأجواء الفنية، رغم بعده الطويل عن خشبة المسرح، فإن خبرته وتاريخه الفني الطويل كافيان بأن يكون بمثل تلك الأجواء رغم أنه من الفنانين الذي يعطي اهتماما كبيرا للجمهور من حيث اختياراته الفنية. قبل بداية الحفل بأكثر من ساعة اتجهنا بسيارته إلى مقر الحفل بحضور الملحن أحمد الهرمي الذي كان يتحدث مع راشد عن ترتيب الأغاني في الحفل. كان دخول راشد الماجد من الباب الخلفي لقاعة المسرح، حيث كان في استقباله سالم الهندي، مدير عام شركة «روتانا»، ودخلنا معا إلى غرفته الخاصة، ولم ينتظر راشد كثيرا حتى اتجه إلى خلف المسرح استعدادا لدخول المسرح بعد أن قدمه المذيع اللبناني نيشان، صعد راشد الماجد بكل ثقة وسط صيحات الحضور، وبدأ بأغنية «يا ناسينا»، ثم «دبي دانة الدنيا»، وهي أغنية قديمة قدمها سابقا لدبي، وأغنية «المسافر» و«عشيري» و«خذ راحتك» و«يا غالي الناس» و«أحلى عذاب» و«كثر كل شي واحشنا» و«ولا عليا»، وقدم عملا جديدا عنوانه «الليل والناس والضيوف» و«لربما» و«قربي» و«الأولاني» و«شرطان الذهب» و«بكره» و«تذكرين» و«تحسب أنك» و«أجيبه» و«عذاب العاشقينا» و«تحدوه البشر» و«إلا هذا» و«القمرة» و«أغلى حبيبة» و«أبشر من عيوني» و«أنا الأبيض» و«تفنن» و«سارق القلب»، واختتم الحفل بـ«مشكلني», حيث قدم راشد الماجد 28 أغنية بقيادة المايسترو وليد فايد.
وكان راشد في غاية سعادته، وهو يلتقي بجمهوره بعد طول غياب، حيث قال لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله سعيد بهذا الوجود الكبير، وبإذن الله أعد جمهوري بتقديم حفلات أخرى قريبا، وأطمح أن تكون تلك الحفلات في قاعة كبيرة ومنظمة تحمل هذا العدد الجماهيري». ورفض راشد الماجد أن يطلق على هذا الجمهور بجمهوره فقط، حيث قال: «أرفض كلمة جمهوري، هؤلاء حضروا ويحضرون لكل فنان يقدم فنا راقيا وله تاريخ، هؤلاء جمهور كل الزملاء الفنانين الذين لهم تاريخ مشرف، ويقدمون فنا راقيا». ونجح منظمو الحفل في تنظيم الحفل بشكل رائع؛ حيث حضر الحفل نخبة من نجوم الفن والإعلام العربي، حيث قاد سالم الهندي وحسن طالب وقائع الحفل بصورة جميله ومنظمة، وكان راشد الماجد قد أجرى بروفات يومية ومكثفة قبل الحفل بأسبوعين.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».