الأمم المتحدة تطالب بإجلاء المدنيين من حلب.. والمعارضة تعتبره تشريعًا لاحتلالها إيرانيًا

رئيس الائتلاف السوري نصح العالم بأن لا يمتحن صبر السوريين أكثر من ذلك

رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أنس العبدة يتحدث خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس مطالبًا بردة فعل قوية حيال قصف النظام لمناطق المعارضة في حلب وداريا (أ.ف.ب) - شريط فيديو على يوتيوب للفصيل المعارض (فاستقم كما أمرت) يظهر إطلاق مقاتل من المعارضة صاروخ تاو أميركي الصنع باتجاه مبنى البلدية في حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أنس العبدة يتحدث خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس مطالبًا بردة فعل قوية حيال قصف النظام لمناطق المعارضة في حلب وداريا (أ.ف.ب) - شريط فيديو على يوتيوب للفصيل المعارض (فاستقم كما أمرت) يظهر إطلاق مقاتل من المعارضة صاروخ تاو أميركي الصنع باتجاه مبنى البلدية في حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإجلاء المدنيين من حلب.. والمعارضة تعتبره تشريعًا لاحتلالها إيرانيًا

رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أنس العبدة يتحدث خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس مطالبًا بردة فعل قوية حيال قصف النظام لمناطق المعارضة في حلب وداريا (أ.ف.ب) - شريط فيديو على يوتيوب للفصيل المعارض (فاستقم كما أمرت) يظهر إطلاق مقاتل من المعارضة صاروخ تاو أميركي الصنع باتجاه مبنى البلدية في حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أنس العبدة يتحدث خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس مطالبًا بردة فعل قوية حيال قصف النظام لمناطق المعارضة في حلب وداريا (أ.ف.ب) - شريط فيديو على يوتيوب للفصيل المعارض (فاستقم كما أمرت) يظهر إطلاق مقاتل من المعارضة صاروخ تاو أميركي الصنع باتجاه مبنى البلدية في حلب أول من أمس (أ.ف.ب)

عاشت مدينة حلب أمس، يومًا جديدًا من التصعيد العسكري والقصف الجوي من الطيران الروسي وطائرات النظام على مناطق سيطرة المعارضة شرقي المدينة، وهو ما انسحب على مدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق، رغم إعلان النظام السوري تمديد نظام الهدنة على كامل الأراضي السورية لمدة 72 ساعة إضافية. وعبّرت الأمم المتحدة أمس عن قلقها الشديد من تصاعد القتال داخل حلب وحولها، ودعت إلى «إدخال المساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين بسرعة وأمان من المدينة». في وقت سارعت المعارضة إلى رفض هذا الطلب، واعتبرت أن «إفراغ المدينة من سكانها هو تشريع لتدميرها وتمكين الإيرانيين من احتلالها»، فيما أكد الائتلاف الوطني «أن الصمت لم يعد مقبولا في وقت تباد فيه حلب.. وداريا تجوّع».
وقالت إليساندرا فيلوتشي المتحدثة باسم الأمم المتحدة من مقر المنظمة في جنيف إن «كثافة الأعمال القتالية بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة، أدى إلى قطع الإمدادات الإنسانية والبضائع التجارية عن 300 ألف شخص في شرق حلب في حين ارتفعت الأسعار بشدة في المدينة».
في هذا الوقت، اعتبر مصدر عسكري في المعارضة السورية، أن «دعوة الأمم المتحدة إلى إفراغ حلب من سكانها، هو تشريع لقصف المدينة وتدميرها». وإذ سخر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من هذا الإعلان غير المبرر. قال: «بدل أن يقولوا إن قصف المدينة يعدّ جريمة حرب، يريدون إفراغها من المدنيين وربما من المسلحين، من أجل تمكين الإيرانيين من دخولها واحتلالها». ودعا الأمم المتحدة إلى مطالبة الروس بـ«وقف قصفهم لحلب بالطائرات واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا وإدخال صواريخ (سميرج) المتطورة جدًا إلى المعركة، واستخدامها في قصف المدينة»، لكن المصدر العسكري استطرد قائلاً: «لم يعد لدينا ثقة بالأمم المتحدة ومؤسساتها، وهي التي تقف متفرجة على إبادة الشعب السوري في حلب، كما تقف عاجزة عن إدخال المساعدات إلى مدن وبلدات داريا ومعضمية الشام ومضايا والزبداني، وتعاين موت مئات المدنيين بفعل حصار التجويع».
من جهته، نصح أنس العبدة رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، العالم أن «لا يمتحن صبر السوريين أكثر من ذلك». وقال في مؤتمر صحافي عقده في مقر الائتلاف في إسطنبول بمشاركة ممثلين عن الحراك في كل من داريا وحلب إن «السوريين يرغبون بالحل السياسي ولكن الحل العادل والمتفق مع مبادئ الثورة»، مطالبًا جامعة الدول العربية بـ«إدانة الاحتلال الإيراني لسوريا». ودعا إلى «عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث تطبيق قراراته بشأن سوريا»، مضيفًا: «العالم يدرك أن نظام الأسد راع للإرهاب وحامٍ له وأن الشعب السوري هو ضحية هذا الإرهاب». ورأى العبدة أن الشعب السوري «لا يتعجب من نظام الأسد الذي اعتاد القتل، لكنه مصدوم من صمت أصدقاء الشعب السوري». وختم قائلاً: «ما نشهده هو انقلاب بالمفاهيم لدى المجتمع الدولي تجاه المجازر بحق الشعب السوري».
وأضاف قائلا: «بوحشية قلَّ نظيرها، يواصل الاحتلال ومعه بقايا نظام مجرم، حملته على حلب وداريا ومدن وبلدات سورية، مستهدفا السوري الحرِّ الذي خرج ثائرًا سلميًا في 2011. وما زال يدافع عن قيمه وحريته كما هي بكل الوسائل المتاحة».
أما ميدانيًا، فتواصل أمس القصف الجوي والمدفعي على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، في وقت أخفق النظام في تحقيق تقدم للسيطرة ميدانيًا على طريق الكاستيلو، بحسب ما أعلن ورد فراتي مدير المكتب الإعلامي لتجمع «فاستقم كما أمرت» في حلب، حيث أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «لا يزال يحاول التقدم على جبهة الكاستيلو، لكن الثوار صدوا هجومين له، وكبدوه نحو 20 قتيلاً». وقال: «لا تزال الحملة التي بدأتها المعارضة على مناطق سيطرة النظام في حلب مستمرّة، وهي حققت أهدافها نسبيًا، وخففت الضغط على جبهة الكاستيلو».
ويبدو أن قطع طريق الكاستيلو بالنار زاد من صعوبة الوضع الإنساني، إذ أفاد فراتي، أن «المحلات التجارية بدأت تفقد جزءًا أساسيا من المواد الغذائية، مثل الخضراوات والخبز والمواد الاستهلاكية اليومية، بالإضافة إلى المحروقات». وأشار إلى أن «المشافي لديها كميات محدودة جدًا من الأدوية والإسعافات ما يهدد حياة نحو 350 ألف مدني محاصرين في مناطق سيطرة المعارضة».
ويربط طريق الكاستيلو الأحياء الشرقية لحلب بريفها الغربي ومحافظة إدلب وصولا إلى تركيا. وتحاول قوات النظام التقدم للسيطرة على الطريق بالكامل وبالتالي إطباق الحصار على أحياء المعارضة التي يقطنها أكثر من 300 ألف مدني يعانون أوضاعًا أمنية وإنسانية صعبة للغاية.وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن «قوات النظام تمكنت من التقدم في منطقة الليرمون الصناعية عند الأطراف الشمالية الغربية لمدينة حلب، تحت غطاء جوي روسي لمناطق الاشتباك». ولفت إلى أن «الفصائل المقاتلة تستخدم منطقتي بني زيد والليرمون لإطلاق القذائف على الأحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام، ولذلك تسعى الأخيرة، إلى إبعاد خطر القصف عن هذه الأحياء». في غضون ذلك، شهدت جبهات مدينة داريا لا سيما الجنوبية الغربية، اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات النظام وسط محاولات مستمرة للأخير للتقدم على عدة محاور وتضييق الخناق أكثر فأكثر على المدينة.
ونقلت «شبكة شام» عن ناشطين قولهم إن «اشتباكات عنيفة دارت أمس بين الطرفين على عدة محاور في الجبهة الجنوبية الغربية من المدينة، بعد تعنت قوات بشار في استمرار محاولاتها مدعومة بأعداد كبيرة من الآليات العسكرية والدبابات، حيث يقوم الثوار بالتصدي لجميع المحاولات بالإمكانيات المتاحة لديهم».
ووسط استمرار القصف ومحاولات اقتحام المدينة تتعالى الأصوات المطالبة بإنقاذ داريا والمساهمة بتخفيف الضغط عنها، محملين فصائل الجبهة الجنوبية المسؤولية الكاملة عن سقوط المدينة، وذلك بعد عشرات النداءات لفتح جبهات مثلث الموت والتخفيف عن الثوار في المدينة.
مع العلم أن المعارك والقصف على مدينة داريا لم يتوقف منذ أكثر من عام، وسط محاولات مستمرة لقوات النظام للتقدم وكسر لخطوط الدفاعية للثوار وتضييق الخناق أكثر على المدينة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم