«طريق الحياة» بعد «الشريعة في بلجيكا».. أمام القضاء في ملف يتعلق بالإرهاب

اتهامات تتعلق بتجنيد الشباب وتسفيرهم للقتال في الخارج.. وأحكام بالسجن 15 عامًا في انتظارهم

فؤاد بلقاسمي مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا (وسط الصورة) داخل مقر محكمة أنتويرب قبل سجنه 12 عامًا («الشرق الأوسط»)
فؤاد بلقاسمي مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا (وسط الصورة) داخل مقر محكمة أنتويرب قبل سجنه 12 عامًا («الشرق الأوسط»)
TT

«طريق الحياة» بعد «الشريعة في بلجيكا».. أمام القضاء في ملف يتعلق بالإرهاب

فؤاد بلقاسمي مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا (وسط الصورة) داخل مقر محكمة أنتويرب قبل سجنه 12 عامًا («الشرق الأوسط»)
فؤاد بلقاسمي مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا (وسط الصورة) داخل مقر محكمة أنتويرب قبل سجنه 12 عامًا («الشرق الأوسط»)

قررت الغرفة الاستشارية في محكمة أنتويرب شمال بلجيكا، إحالة ثمانية أشخاص إلى المحكمة الجنائية في ملف يتعلق بالإرهاب. وقالت وسائل إعلام في المنطقة الفلامينية من البلاد، القريبة من الحدود مع هولندا، إن الأشخاص الذين تقررت إحالتهم إلى المحكمة الجنائية ينتمون إلى خلية راديكالية تعرف باسم «طريق الحياة»، التي ظهرت في المشهد، وبالتحديد في أنتويرب، عقب حظر «جماعة الشريعة» في بلجيكا قبل ما يزيد على عامين.
وجرى فتح باب التحقيق في هذا الملف عقب وصول معلومات تشير إلى أن هناك محاولات من جانب عناصر جماعة «طريق الحياة» لتجنيد شباب من أجل السفر إلى سوريا والمشاركة في العمليات القتالية هناك.
وقرر مكتب التحقيق الفيدرالي، فتح ملف يتعلق بأنشطة ذات صبغة إرهابية، وبدأت الشرطة في اعتقال المشتبه بهم واحدا بعد الآخر، وذلك قبل سفر البعض منهم إلى سوريا حيث خططوا لهذا الأمر، وفق ما قالت صحيفة «جازيت فان أنتويرب»، التي أضافت أن التحقيقات انتهت في هذا الملف وتقرر إحالة 8 أشخاص للمحكمة الجنائية، ومن المتوقع أن يتم الإعلان قريبا عن موعد انطلاق الجلسة الأولى.
ويواجه المتهمون أحكامًا بالسجن قد تصل إلى 15 عاما. وكانت أنتويرب قد عرفت قبل 18 شهرًا محاكمة عناصر خلية الشريعة في بلجيكا، التي واجهت اتهامات بتجنيد وتسفير الشباب للسفر والقتال في الخارج، خصوصًا سوريا والعراق وصدرت أحكام بالسجن وصلت إلى 12 عاما لعدد منهم.
وفي أواخر الشهر الماضي اعتقلت الشرطة البلجيكية، أحد قيادات «جماعة الشريعة» في بلجيكا المحظور نشاطها، وذلك عقب عودته من سوريا، وقالت مصادر إعلامية محلية، إن سعيد 38 عامًا، الذي صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 12 عامًا، العام الماضي، اعتقلته الشرطة في منزل عائلته بمدينة أنتويرب شمال البلاد صباح السبت الماضي، ولم يتم العثور على أسلحة معه ولم تحدث أي حوادث خلال عملية الاعتقال. وحسب موقع صحيفة «ستاندرد» اليومية، كان جهاز الاستخبارات الأمنية الداخلية يراقب تحركات سعيد أخيرًا، وعقب وصوله من سوريا. وكان سعيد في قائمة المتهمين في ملف تجنيد وتسفير الشباب للقتال في سوريا، الذي أصدرت محكمة أنتويرب أحكامًا فيه خلال شهر فبراير (شباط) من العام الماضي، وصدر ضده حكم بالسجن 15 عامًا، ولكن في يوليو (تموز) من العام نفسه قررت محكمة الاستئناف تخفيف العقوبة إلى 12 عامًا.
وكان سعيد قد سافر إلى سوريا من 2013، وظل هناك مع عدد من عناصر جماعة الشريعة في بلجيكا، والتي حظرت السلطات نشاطها منذ أكثر من عامين. وكانت معلومات توفرت منذ ما يقرب من عام بأن سعيد غادر سوريا ولكن لم تتضح الأمور حول مكان وجوده خلال هذه الفترة، وهل كان مختبئا في بلجيكا أو أي دولة أوروبية أخرى؟ وقالت الصحيفة إن سعيد أحد قيادات ومؤسسي «جماعة الشريعة»، وجرى اعتقاله منذ سنوات على خلفية التخطيط مع آخرين للسفر إلى الشيشان للقتال هناك، ولكن القاضي أطلق سراحه لعدم وجود أدلة تثبت ذلك، وبعد وقت قصير اختفى سعيد وسافر إلى سوريا.
ويسعى المحققون حاليا إلى الحصول على معلومات من سعيد حول الفترة التي قضاها أخيرا عقب عودته من سوريا، والطريقة التي عاد بها من هناك، ومعلومات أخرى.
وقالت الصحيفة إنه في حال تعاون سعيد مع المحققين، وأدلى باعترافاته حول هذه الأمور، فإنه يمكن أن يقدم معلومات مهمة حول عناصر أخرى من المقاتلين، الذين سافروا إلى سوريا للقتال هناك، وخصوصا أن سعيد أمضى عدة سنوات في سوريا. وكانت السلطات حظرت نشاط «جماعة الشريعة» في بلجيكا، التي كانت تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، واعتقلت السلطات فؤاد بلقاسم مسؤول الجماعة وعناصر أخرى ووجهت إليهم اتهامات تتعلق بالمشاركة في أنشطة ذات صبغة إرهابية، وهي أمور نفاها بلقاسم ومن معه أثناء المحاكمة.
وفي السابع من الشهر الماضي أدانت محكمة الاستئناف ببروكسل ثلاثة بلجيكيين، ينحدرون من بلدة فيلفورد التي تبعد عشرة كيلومترات عن العاصمة، كانوا قد غادروا إلى سوريا، بعقوبة السجن لمدة 4 و5 سنوات. وقد غادر اثنان منهم إلى سوريا في مارس (آذار) 2013، للانضمام إلى القتال المسلح، ولكن عاد أحدهما إلى بلجيكا بعد فترة وجيزة، بينما لم يغادر الثالث البلاد في نهاية المطاف، بسبب اعتقاله بتهم أخرى. وحسب الإعلام المحلي، كان المشتبه بهم الثلاثة وهم: محمد أكيشوح، وأنس كوندين وزهير ب. أفرادًا في مجموعة شباب فيلفورد الذين تطرفوا على يد فؤاد بلقاسم، الشخصية الأبرز في تنظيم «الشريعة في بلجيكا» وجرت محاكمة بلقاسم وآخرين في جرائم ذات صلة قبل عامين.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي أيدت محكمة الاستئناف في مدينة أنتويرب (شمال بلجيكا)، الأحكام التي صدرت بحق المغربي الأصل فؤاد بلقاسم مسؤول جماعة الشريعة في بلجيكا وثلاثة أشخاص آخرين. كانوا قد تقدموا بطلبات للاستئناف ضد الأحكام التي وصفوها بالمشددة، والتي صدرت في فبراير من العام الماضي. وهم مصطفى وحسين (كل منهما كان نصيبه 12 عامًا) والثالث محمد، وصدر ضده حكم بالسجن أربع سنوات، وتغيب الأشخاص الأربعة عن جلسة النطق بالحكم في الاستئناف، التي أيدت الحكم السابق ضد بلقاسم ويتضمن 12 سنة سجن وغرامة 30 ألف يورو، والأحكام التي صدرت ضد الأشخاص الثلاثة الآخرين، في قضية شغلت الرأي العام البلجيكي، منذ انطلاق المحاكمات في 29 سبتمبر (أيلول) 2014، وكانت تتعلق بملف تسفير الشباب إلى الخارج، وخصوصًا سوريا والعراق للمشاركة في القتال هناك، ضمن صفوف الجماعات المتشددة، وأيضًا للاشتباه في الاشتراك بأنشطة جماعة ذات صيغة إرهابية.
يُذكر أن الأوساط البلجيكية المتعددة، تتحدث عن وجود ما يزيد على 450 بلجيكيًا يقاتلون حاليًا في صفوف الجماعات المسلحة في سوريا والعراق. وفي فبراير من العام الماضي، وبعد تأجيل لأكثر من مرة، صدرت الأحكام في قضية «جماعة الشريعة لبلجيكا»، وهي القضية التي تعتبر الأكبر في محاكمات تتعلق بقضايا ذات صلة بالإرهاب من حيث عدد المتورطين في الملف.
والأحكام التي صدرت عن محكمة أنتويرب شمال البلاد، تراوحت بين ثلاثة وخمسة أعوام للناشطين و12 عامًا لقادتهم، وعلى رأسهم المغاربي فؤاد بلقاسمي. وأيضًا أحكام بالسجن مع وقف التنفيذ وغرامات مالية لا تقل عن خمسة آلاف يورو. وكانت البراءة لشخص واحد فقط، وهي سيدة واجهت اتهامات كانت تتعلق بتقديم دعم مادي لابنتها التي تعيش في سوريا. وشملت لائحة المتهمين 45 شخصا منهم 37 حوكموا غيابيا نظرا لوجود عدد منهم في سوريا حاليا ومن بين المتهمين سبعة أشخاص ممن اعتنقوا الإسلام.
وخلال جلسات المحاكمة تمسك الادعاء العام بموقفه من اعتبار «جماعة الشريعة»، منظمة إرهابية، وأنها أظهرت التزاما واضحا بإسقاط الديمقراطية وإقامة الشريعة، بينما طالب الدفاع بالبراءة للمتهمين. وقبل أسابيع نقلت تقارير في بروكسل عن النائب فيلي يوكسيل من الحزب الديمقراطي المسيحي، استنادًا إلى معلومات صادرة من مكتب وزير الداخلية جان جامبون، أن الهيئة التنسيقية لتحليل التهديد قامت بسحب بطاقة هوية ستة مقاتلين أجانب محتملين بسوريا. وتتوفر الأجهزة الأمنية منذ الخامس من يناير الماضي على فرصة سحب وثائق الهوية من أشخاص تشتبه في كونهم كانوا يرغبون في السفر إلى مناطق تعمل فيها الجماعات الإرهابية.
وفي وقت سابق قال الوزير جامبون إنه «في الأشهر الأخيرة تراجع أعداد الشباب الذين يرغبون في السفر إلى سوريا للقتال هناك، ويوجد حاليا 268 منهم من قتل أو لا يزال حيًا، وهناك أربعة أشخاص في الطريق إلى هناك، و69 شخصا حاولوا السفر، وأما الذين عادوا من سوريا فقد بلغ 117 شابا».
وتظهر الأرقام الأخيرة أن «إجمالي أعداد البلجيكيين من الشباب الذي سافروا أو حاولوا السفر إلى سوريا قد فاق رقم الـ500، وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان بلجيكا، الذي يصل إلى 11 مليون نسمة، بينما دول أخرى تشكل أكثر من خمسة أضعاف، أو ستة أضعاف عدد سكان بلجيكا مثل فرنسا وبريطانيا، وعلى الرغم من ذلك يزيد عدد من سافر منها إلى القتال في الخارج بنسب محدودة مقارنة ببلجيكا».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.