مسؤولون عراقيون يصفون تصريحات العبادي حول انتهاكات الفلوجة بالاستخفاف

ميليشيات الحشد الشعبي أحرقت المساجد وارتكبت انتهاكات واسعة

عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد  ({الشرق الأوسط})
عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد ({الشرق الأوسط})
TT

مسؤولون عراقيون يصفون تصريحات العبادي حول انتهاكات الفلوجة بالاستخفاف

عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد  ({الشرق الأوسط})
عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد ({الشرق الأوسط})

اعتبر مسؤولون حكوميون وأعضاء في مجلس محافظة الأنبار التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية، حول مجريات الأحداث والانتهاكات التي شهدتها مدينة الفلوجة بعد تحريرها من قبضة «داعش»، استخفافًا بكل التقارير الدولية والمحلية وروايات شهود العيان، وانصياعًا للضغوطات التي تمارس عليه من قبل ميليشيا الحشد، ولعدم إظهار نفسه بموقف الضعيف والفاقد للسيطرة على مجريات الأحداث، عندما هاجم العبادي المنتقدين لتلك الانتهاكات، قائلا إن الذين يتحدثون عن هذه الانتهاكات هم الآن في خانة الأعداء لأنهم سكتوا طوال عامين عن انتهاكات «داعش» في الفلوجة. وقال عضو المجلس راجح بركات في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتخذ إجراءات صارمة من شأنها إيقاف ما شهدته مدينة الفلوجة بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، من انتهاكات تمثلت في قتل العشرات من أبناء المدينة وخطف المئات وتعرض المساجد ودور المواطنين لعمليات الحرق والتدمير وأعمال السلب والنهب التي اطلع عليها القاصي والداني، واكتفى العبادي باتخاذ إجراءات ضعيفة لا ترتقي أصلاً لحجم الخروقات والانتهاكات الحاصلة، وأعتقد أنه كان غير جاد في حسم موضوع الانتهاكات ولم يكن بمستوى المسؤولية، خصوصا أن هناك المئات من أبناء مدينة الفلوجة وباقي مدن الأنبار تم اختطافهم من قبل الميليشيات المسلحة التي تعمل بعلم الحكومة وتحت غطائها، وعلى رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة تحمل كافة مسؤولياته تجاههم، فهو المسؤول عن الملف الأمني بالكامل».
وأضاف بركات: «على الأمم المتحدة التدخل الفوري في حسم هذه القضية وإيقاف الانتهاكات بحق مدينة الفلوجة وأبنائها، لأننا أصبحنا لا نعول على إيجاد حل من قبل الحكومة بسبب ضعفها في محاسبة العناصر التي قامت بانتهاك حقوق المدنيين رغم معرفة الحكومة بهؤلاء الأشخاص وظهورهم بالصوت والصورة وهم يقومون باعتداءاتهم بشتى وسائل التعذيب وإطلاق العبارات الطائفية على المواطنين العزّل إضافة إلى مشاهد وصور تؤكد باليقين عمليات حرق وتدمير المساجد ومنازل المواطنين ومحالهم التجارية مما جعل نسبة وإحصائية الدمار الذي تعرضت له مدينة الفلوجة نتيجة العمليات العسكرية تتصاعد أرقامه بشكل يومي بعد أن انتهت العمليات العسكرية لتحرير المدينة».
وأشار بركات إلى أن «هناك أسبابا أخرى جعلت رئيس الحكومة حيدر العبادي غير جاد في إدانة هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة مرتكبيها، ومن هذه الأسباب وجود صراع بين أعضاء مجلس محافظة الأنبار للحصول على مكاسب سياسية ومصالح شخصية، لذلك دور مجلس المحافظة كان مخجلا جدًا ولم يقدم أي شيء تجاه معاناة أهلنا من النازحين، بالإضافة إلى تردد أغلب الأعضاء في الحديث لوسائل الإعلام عن هذه القضية لتخوفهم من التهديدات التي تصلهم إذا كشفوا عن الخروقات والانتهاكات الحاصلة، كما أن الارتباك الحاصل في مجلس المحافظة وإقالة المحافظ صهيب الراوي ألقى بظلاله على وضع النازحين وعدم تقديم الخدمات والحاجات الضرورية لهم بسبب اشتغال أعضاء المجلس بمصالحهم دون الالتفات لوضع النازحين».
وأكد بركات: «ظهور الكثير من المقاطع المرئية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تثبت تعرض العشرات من المعتقلين في الفلوجة والكرمة إلى عمليات تعذيب ممنهجة من قبل ميليشيا الحشد الشعبي، وهو ما أعلنته وأكدته أيضا لجنة التحقيق التي شكلها محافظ الأنبار صهيب الراوي حيث أثبتت صحة هذه المزاعم وبالأدلة، لكن الحشد الشعبي والمتحدث باسمه كريم النوري دائمًا ما ينفي حصول هذه الانتهاكات أو يُقر بها لكن يبررها بأنها أعمال فردية، وهو ما دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى فتح تحقيق حول تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان خلال عمليات تحرير مدينة الفلوجة، لكن هذه التحقيقات لم تسفر عن أي نتائج حقيقية».
إلى ذلك، قالت عضوة مجلس النواب العراقي عن محافظة الأنبار، لقاء وردي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتهاكات والجرائم التي قام بها عناصر تابعة للحشد الشعبي يعملون إلى الآن تحت غطاء بعض الأجهزة الأمنية مثل الشرطة الاتحادية، وتصلنا أخبار من مسؤولي الدوائر بأن هناك عمليات حرق وتدمير لبعض الجوامع ودور المواطنين خاصة في منطقة الرسالة».
وأضافت وردي: «إن هذه الممارسات تعطي رسالة سلبية للمواطنين الذين يطمحون بالعودة حيث إن هناك الكثير من النازحين المترددين في العودة نتيجة هذه الأفعال، وفي حال بقاء هذه العناصر فلا أعتقد ستكون هناك عودة إلى هذه المدينة إلا بوجود قرار بات وقابل للتطبيق بقيام السيد العبادي بمتابعة هذا الموضوع وخروج العناصر المسيئة من الحشد الشعبي من المدينة حتى يتم تفعيل ملف العودة، بقرار من العبادي بسحب الحشد نتيجة بعض الإساءات التي تمت ممارستها في المدينة، كما أن ملف تحرير مدينة الفلوجة قد انتهى، كما انتهى دور القوات المقاتلة، ويأتي دور الشرطة المحلية وعشائر المدينة الآن في الحفاظ على الأمن ومسك الأرض وإعادة الإعمار وتهيئة المدينة لاستقبال النازحين، ويجب محاسبة مرتكبي التجاوزات والانتهاكات سواء تجاه أبناء المدينة أو الأملاك العامة، وبالتأكيد نحن ندفع باتجاه أن يمسك الشرطة المحلية وأبناء المدينة الأرض، حتى يكون هناك حافز قوي لعودة النازحين لمدينة الفلوجة».
وبشأن موضوع إقالة محافظة الأنبار، صهيب الراوي من قبل مجلس المحافظة، وتكليفه في الوقت ذاته من قبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي برئاسة لجنة تحقيقية، كشفت وردي أن «هناك إشكالية قانونية في عملية الإقالة استند إليها المحافظ الذي قدم طلبا للمحكمة الاتحادية بأنه كان غائبًا عن عملية الاستجواب ولم يمنح مهلة أسبوع التي طلبها من المجلس قبل عملية الاستجواب، وبالتالي هو لا يزال ممارسًا لعمله، لحين أن يكون هناك استجواب آخر من قبل مجلس محافظة الأنبار».
ميدانيًا، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن نجاح القطعات العسكرية العراقية في تحرير منطقتي البوريشة والطوي الواقعتين شمال مدينة الرمادي. وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القطعات العسكرية التابعة لقوات الفرقة السادسة عشرة بالجيش العراقي وطوارئ شرطة الأنبار وجهاز مكافحة الإرهاب ومقاتلي عشائر الأنبار من تقوم بتطهير منطقتي طوي والبوريشة شمال الرمادي من جيوب تنظيم داعش الإرهابي بعد الاشتباك مع مسلحي التنظيم».
وأضاف المحلاوي: «لقد تمكنت قواتنا التي شاركت معها قوات عشائر الأنبار بواقع 2000 مقاتل، من إيقاع خسائر جسيمة في صفوف التنظيم الإرهابي حيث وصل عدد قتلى المسلحين التابعين للتنظيم الإرهابي لأكثر من 600 قتيل فيما تم تدمير العشرات من العجلات والآليات وهرب المتبقي منهم إلى عمق جزيرة الرمادي عبر نهر الفرات».
وأشار المحلاوي إلى أن «القطعات العسكرية شكلت لجانا وشرعت بعمليات تطهير المنازل والطرق من المواد المتفجرة التي زرعها عناصر تنظيم داعش، ونصب العشرات من النقاط الأمنية لمنع دخول وصد أي هجوم لـ(داعش) لعدم سقوطها مرة أخرى، بعد أن حررتها القطعات العسكرية في وقت سابق عند تحرير مدينة الرمادي مطلع العام الحالي».
من جانب آخر، أفاد مصدر أمني في محافظة الأنبار، بأن تنظيم داعش قام بإعدام ثمانية مدنيين من أهالي منطقة أبو طيبان غرب الرمادي بينهم امرأتان، لافتا إلى أن القوات الأمنية سيطرت على المنطقة بشكل كامل. وقال المصدر: «إن عناصر لتنظيم داعش قاموا بشن هجوم على منطقة أبو طيبان غرب الرمادي، واشتبكوا مع القوات الأمنية الموجودة في المنطقة، ما أدى إلى وقوع خسائر بين الطرفين».
وتابع المصدر أن «القوات الأمنية الموجودة في المنطقة تصدت للهجوم وتمكنت من قتل عدد من عناصر التنظيم، وأجبرت بقية المهاجمين على الهروب»، مشيرا إلى أن «المنطقة تحت سيطرة القوات الأمنية بالكامل».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).