هادي يهدد الحوثي برفع العلم اليمني في صعدة.. ويؤكد: صامدون سياسيًا وعسكريًا

زار ونائبه «الأحمر» مأرب.. ولوح بدخول صنعاء قريبًا * بن دغر: لن نقبل بأي تسوية من شأنها إدامة الحرب وخلق ظروف للانقسام والتجزئة

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محاطا بعناصر القوات الخاصة لدى زيارته مأرب  أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محاطا بعناصر القوات الخاصة لدى زيارته مأرب أمس (رويترز)
TT

هادي يهدد الحوثي برفع العلم اليمني في صعدة.. ويؤكد: صامدون سياسيًا وعسكريًا

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محاطا بعناصر القوات الخاصة لدى زيارته مأرب  أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محاطا بعناصر القوات الخاصة لدى زيارته مأرب أمس (رويترز)

لوح الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أمس، بعدم عودة وفد الحكومة الشرعية إلى مشاورات الكويت، منتصف الشهر الجاري، كما هو مقرر، وقال هادي: «لن نعود إلى مشاورات الكويت إذا حاولت الأمم المتحدة فرض رؤيتها الأخيرة عبر مبعوثها الدولي إسماعيل ولد الشيخ»، وأكد أن «الحوثيين يسعون، عبر مشاورات الكويت، إلى شرعنة انقلابهم وليس تحقيق السلام الذي يحفظ دماء وكرامة اليمنيين».
وأردف الرئيس هادي، خلال زيارة مفاجئة قام بها إلى مأرب ومعه نائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر: «لن يجدوا منا إلا الصمود في ‏الميادين سياسيا وعسكريا»، و«لن نعطي الانقلابيين ما يريدون من شرعنة انقلابهم عبر مشاورات الكويت، ولن يلقوا منا إلا الصمود».
وكشف هادي عن تماهي الأمم المتحدة ورضوخها لمطالب الانقلابيين بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو ائتلافية، قبل إنهاء الانقلاب وتطبيق القرار الأممي 2216. وقال: «كنا بالأمس مع الأمم المتحدة وهي تحاول تشكيل حكومة ائتلافية، فقلنا لهم سنصدر بيانا بأننا لن نذهب إلى مشاورات الكويت، ولن يقبل اليمنيون أن تكون اليمن دولة فارسية، ونتذكر حينما سقطت صنعاء أن سياسيا إيرانيا قال إن صنعاء هي رابع عاصمة عربية أضحت بيد إيران».
وفي حين تعد زيارة هادي والأحمر إلى مأرب بمعية وزراء ومسؤولين وقادة عسكريين، رسالة واضحة للتأكيد على الخيار العسكري لإنهاء الانقلاب بالقوة المسلحة في حال فشلت المساعي الدولية، فقد جدد هادي التأكيد على وعده برفع علم الجمهورية اليمنية فوق جبال مران بمحافظة صعدة، معقل ميليشيات الحوثي.
وأشار الرئيس اليمني ضمنيا إلى قرب عملية تحرير العاصمة صنعاء بقوله: «نقف اليوم هنا في مأرب عاصمة إقليم سبأ، وأؤكد لكم أننا كما احتفلنا نهاية شهر رمضان بالذكرى الأولى لتحرير عدن سنحتفل قريبًا في صنعاء». وخاطب الرئيس هادي سكان العاصمة قائلا: «يا أهلنا في صنعاء، قريبا سنكون بين صفوفكم ونطهر عاصمتنا من الفئة الباغية، كما وعدتكم سابقًا ومن العاصمة المؤقتة عدن، أعدكم من هنا بأننا سنرفع علم الجمهورية اليمنية في مران».
وجدد هادي، مرة أخرى، التأكيد على مشروع اليمن الاتحادي، وقال: «لن نتراجع عن أحلام اليمنيين في يمن اتحادي تسوده العدالة والمواطنة، ولن أسمح للحوثيين بإقامة دولة فارسية في اليمن، كما لن نسمح للحوثي بالتطاول على 25 مليون يمني وتحويل اليمن إلى دولة تابعة لإيران»، مضيفا: «سبق وأن حذر العالم من مخطط إيران وهدفها من باب المندب»، مؤكدا أن إيران «تسعى لإخضاع العالم من خلال سيطرتها على ممري هرمز وباب المندب».
من ناحيته، قال رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن دغر، إن بلاده لن تقبل بأي تسوية من شأنها إدامة الحرب وخلق ظروف للانقسام والتجزئة.. وهناك طريق واحد للسلام، يتمثل في التزام صادق وحقيقي بتطبيق قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. ومن يريد السلام خارج هذه المرجعيات إنما يسعى لعبودية جديدة في اليمن، لا يمكن أن يقبلها شعبنا. وجاء حديث بن دغر في اجتماع عقدته اللجنة الأمنية في عدن أمس.
في سياق متصل، كشفت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة هادي إلى المحافظة تزامنت مع وصول تعزيزات عسكرية ضخمة لقوات التحالف إلى مأرب، وذلك في إشارة واضحة إلى الاستعدادات التي تجري لتحرير العاصمة صنعاء، وأكدت المصادر أن «هناك حالة من التفاؤل الشعبي بوصول الرئيس هادي ونائبه الفريق الأحمر إلى مأرب، على طريق تحرير صنعاء وباقي المناطق اليمنية، من ميليشيات الحوثي والمخلوع، وكسر الانقلاب والقضاء على الهيمنة الإيرانية، واستعادة اليمن إلى محيطه العربي والإسلامي الكبير».
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة عن تحركات ميدانية كبيرة تهدد التسوية السياسية في اليمن، تقوم بها ميليشيات الحوثي – صالح في الجنوب. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنها علمت أن الميليشيات تعمل على تشكيل لواء عسكري يضم ضباطا من مختلف الوحدات العسكرية، ينتمون للمحافظات الجنوبية والذين جرى استقطابهم إلى صنعاء، عبر الضغط عليهم بقطع مرتباتهم، في ظل سياسة قطع المرتبات التي تنتهجها الميليشيات المسيطرة على العاصمة صنعاء، والبنك المركزي، وتخضع بها المواطنين، وتجبرهم على العودة إلى العاصمة.
وقالت المصادر إن المخطط الحوثي يستهدف عدة مناطق رئيسية في الجنوب، أبرزها قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية، ومنطقة مضيق باب المندب الذي يشهد تصعيدا من قبل الميليشيات، إلى جانب العند، إضافة إلى منطقة مكيراس في محافظة أبين – البيضاء. وأشارت المصادر إلى أن الهجوم الكبير الذي نفذه مسلحون صبيحة يوم العيد، كان جزءا من المخطط ويهدف إلى نشر الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار في عدن، العاصمة المؤقتة.
وبالعودة إلى اجتماع رئيس الحكومة مع اللجنة الأمنية في عدن، أكد رئيس الوزراء اليمني أن الحكومة مع السلام الذي يقوم على التزام صادق وحقيقي بتطبيق المرجعيات الثلاث، مشيرا إلى أن الحكومة ومنذ عودتها إلى عدن وهي تبذل كل الجهود لجعل الحياة أفضل أمنيًا، وفي جانبي الاستقرار والخدمات، وأن الحكومة سوف تتغلب تدريجيًا على أزمة الكهرباء، وستضع لبنات متينة لحل إشكاليات المستقبل، والتي تبدأ بالأمن وتنتهي بتوفير الخدمات.
وقال رئيس الحكومة اليمنية: «غدًا إن شاء الله نستقبل أولى بشائر الانفراج، وإننا لننتظر البشائر الكبرى بعدها في الأيام المقبلة، حتى لا يكون هناك صيف حار في عدن والمحافظات المجاورة وكل اليمن». وأشاد رئيس الوزراء بجهود القيادة العسكرية والأمنية التي تُبذل في خدمة اليمن والمواطن، وخص بالذكر عناصر الأمن الذين ألقوا القبض على إحدى سفن تهريب الأسلحة التي تحمل في جوفها آلافًا من قطع الموت العسكرية والمعدات الخطرة والفتاكة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم