بلجيكا: تمديد حبس المعتقلين للاشتباه في علاقتهم بهجمات إرهابية

استمرار الثغرات الأمنية في مطار بروكسل.. ومطالب بإعادة النظر في الإجراءات المتبعة

تأهب أمني في شوارع بروكسل بعد تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط})
تأهب أمني في شوارع بروكسل بعد تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط})
TT

بلجيكا: تمديد حبس المعتقلين للاشتباه في علاقتهم بهجمات إرهابية

تأهب أمني في شوارع بروكسل بعد تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط})
تأهب أمني في شوارع بروكسل بعد تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط})

أظهرت عمليات تفتيش ومراقبة للعمل في مطار بروكسل، جرت بعد أسابيع من تفجيرات مارس (آذار) الماضي، أن هناك ثغرات أمنية في عملية تأمين المطار. وطالب أعضاء اللجنة التابعة لإدارة الطيران المدني، في تقرير حول نتائج المراقبة والتفتيش، بضرورة إعادة النظر في الإجراءات المتبعة لتأمين مطار عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي.
وقالت صحيفة «لاليبر» البلجيكية اليومية أمس، التي استطاعت الاطلاع على رسالة بريد إلكتروني حول نتائج عمل اللجنة التي قامت طوال شهر أبريل (نيسان) الماضي بخمس عمليات تفتيش، للتحقق من إجراءات التأمين، إن التقرير تضمن الإشارة إلى إمكانية دخول المطار، والوصول إلى أماكن تفتيش الحقائب دون الكارت المخصص للعاملين، وأيضًا عدم استخدام الجهاز المخصص للكشف بالأشعة عن وجود متفجرات في الأحذية، هذا إلى جانب وجود تقصير في التفتيش على حقائب اليد.
من جهة أخرى، قررت الغرفة الاستشارية في محكمة بروكسل، تمديد حبس عدد من المقبوض عليهم على خلفية الاشتباه في تورطهم بعمليات إرهابية وقعت في كل من فرنسا وبلجيكا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي ومارس من العام الحالي. وقررت الغرفة تمديد الحبس لمدة شهرين لكل من محمد عبريني، الشخص الثالث الذي شارك في تفجيرات مطار بروكسل ولكن عدل عن تفجير نفسه في آخر لحظة، وشخص آخر يدعى بلال، وثالث بلجيكي يدعى هرفي، والرابع يدعى إبراهيم فارسي والخامس أسامة كريم، وذلك على خلفية تفجيرات بروكسل. كما تقرر تمديد الحبس لمدة شهر لشخص يدعى «علي» اعتقلته السلطات البلجيكية أخيرًا على خلفية ملف تفجيرات باريس، ومثل للمرة الأولى، أول من أمس، أمام قاضي الغرفة الاستشارية، كما تقرر تمديد حبس أسامة كريم في الملف نفسه لمدة شهرين. ويأتي ذلك بعد أن اعترف وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، بأن الإجراءات المتعلقة بعملية إدارة الأزمات، مثل إغلاق محطات القطارات الداخلية أو أي إجراء آخر، يجب أن تكون بشكل أسرع وأقل تعقيدًا، وجاء ذلك أمام لجة التحقيق البرلمانية، حول ملابسات تفجيرات بروكسل، التي وقعت في مارس الماضي، وأسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين، ووجد الخبراء من أعضاء اللجنة، أن مركز إدارة الأزمات وتحليل المخاطر يجب أن يتولى عملية التنسيق، وإبلاغ الإدارات المعنية بأي قرارات في حالة وقوع أي هجمات إرهابية.
وأشار الخبراء في تقرير نشرته وسائل الإعلام البلجيكية، أن عملية اتخاذ القرار في الوقت الحالي تمر بعدة مراحل، وتستغرق فترة من الوقت وربما لا يصل القرار إلى الجهات المعنية. وقال الإعلام البلجيكي إن الخبراء أعدوا تقريرا مرحليا حول عمل أجهزة المساعدات والإغاثة عقب وقوع تفجيرات مارس الماضي، وهو عبارة عن خمسين صفحة، وسيكون أيضًا ضمن التقرير النهائي.
وتضمن التقرير الإشارة إلى أن بعض القرارات التي اتخذت عقب التفجيرات، قد تعطلت في التنفيذ ولم تكن على الشكل المطلوب، ومنها عملية اتخاذ قرار بإغلاق محطة القطارات الداخلية في أعقاب تفجيرات مطار بروكسل.
وأشارت اللجنة البرلمانية في التقرير إلى أن إدارة الأزمات، اتخذت قرارًا في الثامنة و52 دقيقة بإغلاق محطات القطارات الداخلية وجرى إرساله إلى شرطة وسائل النقل، وتلقت إدارة القطارات الداخلية في الساعة التاسعة و23 دقيقة، بينما وقعت التفجيرات في التاسعة وعشر دقائق. وبعد دقيقتين من التفجير اتخذ مدير محطات القطارات الداخلية قرارًا بإجلاء هذه المحطات وتعطيل حركة المترو (القطارات الداخلية).
من جهة أخرى، وبعد أن قام تنظم داعش بنشر شريط فيديو يحمله فيه مسؤولية هجمات بروكسل، أعلن رئيس الوزراء شارل ميشال أنه لا ينوي الخضوع للخوف من التهديدات التي أطلقها التنظيم. وقال رئيس الوزراء: «لن نتراجع أمام (داعش)، ونحن عازمون مع شركائنا على مواصلة القتال ضد الإرهاب، ولن ترهبنا هذه التهديدات، لأن قتال (داعش) هو الدفاع عن ديمقراطيتنا وأمن مواطنينا». وتقوم أجهزة الأمن حاليًا بتحليل الشريط، وتعتبر هذه هي المرة الثانية التي ذكر فيها رئيس الوزراء شارل ميشال في رسالة دعائية لتنظيم داعش، حيث كان ميشال قد تلقى تهديدات من قبل، وكان موضوعًا لتدابير حماية خاصة. وكانت أغنية على نغمات الراب نشرها تنظيم داعش، قد توعدت شارل ميشال ملقية عليه اللوم، فيما أشار التنظيم للمدنيين العزل إلى أن الهجمات كانت متزامنة وأن المطار كان مستهدفا، وظهرت في شريط الفيديو صور تبين الفوضى التي أعقبت الهجمات، وكذلك شارل ميشال ورئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، كما أشاد شريط الفيديو بمرتكبي الهجمات وزملاء آخرين.
وفي الصدد نفسه، وفي تصريحات صحافية له، نشرتها صحيفة «دي تايد»، أكد المدعي العام في بروكسل جان مارك ميلور، أنه يتعين على بلجيكا أن تتوفر على جهاز في الشرطة يكون بإمكانه التركيز بشكل كامل على الإرهاب، قائلا: «إن القضايا الإرهابية الكبرى تقوض عمل أجهزة شرطة بروكسل».
وأكد ميلور أن «الشرطة الفيدرالية في بروكسل مسؤولة عن قضايا الإرهاب الكبرى، ومنذ سنوات، وخلال الشهر الأخيرة، يفسد ذلك عمل أجهزة شرطة بروكسل أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «يجب أن تقدم الأقسام الأخرى المختصة في الجريمة الكبرى والاتجار بالبشر والجريمة المالية المساعدة في قضايا الإرهاب، كما يتعين على هيئة الشرطة المحلية ببروكسل أيضًا أن تعود إلى العمل على هذه الملفات، ولذلك، فهي لن تكون قادرة على أداء مهامها الأساسية في الأحياء».
وتابع قائلاً: «تستطيع مديرية مركزية خاصة بجميع قضايا الإرهاب بالبلاد، مع عدد كافٍ من المحققين، أن تمنح ارتياحًا، وسيكون بمقدور محققي بروكسل إذن أداء مهامهم». وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي ينتظر فيه كل من وزير الداخلية جان جامبون ووزير العدل كوين جينس، توصيات لجنة التحقيق في هجمات 22 مارس. وفي سياق متصل أصدرت محكمة فرنسية، قبل يومين، حكمًا بالسجن لمدة 9 سنوات بحق كريم محمد عقاد، وهو شقيق فؤاد محمد عقاد، الذي تم التعرف عليه كأحد الانتحاريين، الذين هاجموا مسرح الباتكلان في نوفمبر الماضي، مما أسفر عن وقوع 90 قتيلا من إجمالي 130 لقوا مصرعهم في اعتداءات متزامنة وقعت في 13 نوفمبر 2015 في مناطق متفرقة من العاصمة الفرنسية باريس.
وكان القضاء الفرنسي قد أصدر أحكامًا بالسجن تتراوح ما بين 6 إلى 9 سنوات بحق عقاد، وستة متهمين آخرين لسفرهم إلى سوريا خلال الفترة ما بين ديسمبر (كانون الأول) 2013 وأبريل 2014، إلا أن عقاد حاز العقوبة الأشد بينهم. وكان المتهمون السبعة المنحدرون من شرق فرنسا، وتتراوح أعمارهم بين 24 و27 عاما، قد أكدوا، أثناء التحقيق معهم، أنهم عادوا إلى فرنسا بعد قضائهم من شهرين إلى ثلاثة في سوريا، ورفضهم المشاركة في المعارك بين المجموعات المسلحة. وحاولوا إقناع المحكمة أنهم سافروا إلى سوريا لمحاربة النظام السوري والانضمام إلى شخص يدعى مراد فارس، يجند المقاتلين، وهو معروف جيدا لدى الاستخبارات الفرنسية، مشيرين إلى أنهم قرروا العودة إلى فرنسا بسبب تناحر الجماعات المسلحة هناك، مؤكدين رفضهم الانضمام إلى تنظيم داعش على وجه الخصوص.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.