روزينا: لا مانع لدي من تقديم الأدوار الجريئة

الفنانة السورية تعتبر الشللية ظاهرة طبيعية وغير سلبية

روزينا
روزينا
TT

روزينا: لا مانع لدي من تقديم الأدوار الجريئة

روزينا
روزينا

تصوّر الفنانة السورية روزينا لاذقاني حاليًا في العاصمة اللبنانية بيروت دورها في المسلسل العربي (على قلوب أقفالها) للمخرج المصري عادل أديب وإنتاج الـ«mbc» كما تصور دور البطولة في خماسية جديدة من المسلسل الاجتماعي المعاصر (أهل الغرام) الجزء الثالث مع المخرج الليث حجو، وكان المشاهد قد تابعها في الموسم الدرامي الرمضاني الحالي في المسلسلين الاجتماعيين المعاصرين: (أحمر، وأيام لا تنسى) وفي المسلسل البيئي الشامي (صدر الباز). وفي حوار معها تتحدث روزينا لاذقاني لـ«الشرق الأوسط» قائلة: اكتفيت في الموسم الحالي بمسلسل شامي واحد، وهذا ما أعمل عليه حيث أكتفي كل عام بالمشاركة في مسلسل شامي واحد لأنني لا أجد نفسي في مسلسلات البيئة الشامية حيث لا أستطيع أن أضيف أي شيء على الشخصية التي أجسدها فالممثل مقيّد بها ولا يمكنه أن يقدمها بشكل مختلف مثل المسلسلات المعاصرة والتي تمكّن الممثل من اللعب بالشخصيات بحيث لا تُقَدَّمْ متشابهة كل شخصية تشبه الأخرى كما هو الحال في البيئي المنمط.
وعن اختيارها للدور توضح روزينا: خطواتي مدروسة جدًا هنا.. فقبل أي شيء أسأل عن مخرج المسلسل فعندما يكون الممثل مع مخرج جيد فهو بأيدٍ أمينة ويعرف كيف يستفيد من طاقات الممثل ويقدّمه بالشكل الصحيح واللائق، وبعد ذلك أقرأ الدور إذا كنت قد قدمت الشخصية من قبل فأعتذر حتى لا أكرر نفسي في أكثر من مسلسل بموسم واحد فأنا أبحث عن الشخصية المختلفة والتي أحبها بحيث يمكن أن تضيف لتجربتي كما يمكن أن أقدّم لها جهدي لتخرج بالشكل المطلوب والتي ترضي المشاهد.
لا مانع لدي ـ تتابع روزينا ـ من تقديم الأدوار الجريئة في حال كانت في مكانها الصحيح ومع المخرج الصح، لأنه هناك منطق في الدور أي عندما تقربه من المنطق فلا يخرج بشكل فج، ففي الدراما التلفزيونية لا يمكننا طرح الأمور كما هي بل يجب تقريبها من الناس بينما في السينما لا يوجد حدود للدور ويبقى عملنا فنا!..
وحول مشاركاتها في المسلسلات الكوميدية تقول روزينا: الكوميديا فن صعب ولم أخض هذه التجربة بعد وأفضّل دائما الأعمال الاجتماعية المعاصرة حيث أجد نفسي بها.
وحول ظاهرة اقتحام مخرجي السينما عالم الإخراج التلفزيوني ترى روزينا أن المشاهد هو من يقرر نجاح هذه الظاهرة من خلال مدى تقبلهم لمسلسلاتهم التلفزيونية أو بالعكس للأفلام السينمائية التي يخرجها مخرجان قادمان من التلفزيون. وأنا مع الجميع أن يجربوا والنتائج هي من تحكم على نجاح أو فشل هذه الظاهرة.
وعن جمالها ومدى مساعدته لها في الانتشار تبتسم روزينا: لا أستطيع نكران ذلك فالجمال ساعدني وكان جواز سفر لي نحو الدراما التلفزيونية مع أنني درست التمثيل أكاديميًا فأنا خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية.. ولكن ليس الجمال لوحده يجعل المشاهد يُعْجب بالممثلة ويتابع أدوارها، ولكن ليس جمال الشكل هو الأساس في تطور الممثلة عام عن عام حتى تصل لأخذ دور البطولة في مسلسل ما، وأن تعطى مساحات أكبر.
وهل تشاهدين مسلسلاتك وتنتقدين نفسك؟ تتنهد روزينا: أكيد لا أنتقد نفسي فقط بل أُجْهِدْ نفسي في نقد أدواري عندما أشاهدها فأنا أخاطب نفسي أنه كان يجب أن أقدم هنا بشكل آخر وهناك كان يمكن أن أعطي مساحة أكبر للموقف وهكذا.
ما زال مبكرا لأحلم بتجسيد دور يجسد طموحي ومشروعي الفني ـ تقول روزينا ـ ولكن أحيانًا يأتي للممثل دور العمر ـ كما يقال ـ من دون أن يشعر به فالحظ يلعب دوره هنا. ولروزينا رأي في مسلسلات السيرة الذاتية، فهي لا تحبها.. (ليس لها لا طعم ولا ريحة) ـ تضحك روزينا ـ كونها لا تقدم الأمور بشكل صادق وصحيح ودقيق وهي تتضمن الكثير من التعديلات على الشخصية التاريخية التي تقدمها وتتمحور حولها هذه المسلسلات. وعن إمكانية تقديمها لبرنامج تلفزيوني تقول روزينا: لا أعتقد أنني سأنجح في ذلك فأنا ممثلة فقط وأنا لست ضد أي ممثل يخوض تجربة التقديم التلفزيوني إذا وجد لديه الهواية والاهتمام في ذلك، ويبقى الموضوع قناعات فالفكرة لا تقنعني مطلقًا؟!..
وحول ظاهرة الشللية في الدراما ترى روزينا أنها ظاهرة عادية وليست سلبية وموجودة في مختلف المجالات ومن الطبيعي أن يختار المخرج الممثلين الذين يرتاح للعمل معهم ولكن بشرط أن يكونوا في الموقع المناسب.
لم أشارك في الدراما المدبلجة ـ تقول روزينا ـ وقد أشارك بها مستقبلاً فهي فن ومجهود يقدمه الممثل كما باتت مصدر دخل مادي لبعض الفنانين والمنتجين.
وعن المسرح ومشاركاتها: أنا من عشّاق المسرح ـ تقول روزينا ـ وأتمنى أن أشارك في أي عرض مسرحي يعرض علي خاصة أن فرصة المسرح لا تأتي دائمًا وأتمنى أن لا أقع في خيار الوقت بين قبول دور تلفزيوني أو مشاركة في عرض مسرحي كما يحصل مع بعض الفنانين.
إذا تطلب الدور مني أن أغني وأرقص سأفعل ـ تبتسم روزينا ـ رغم أن صوتي ليس جميلاً ولكنه مقبول والممثل عليه أن يغني ويرقص ليعطي الدور حقّه وبرأيي هذا أمر جيد للممثل حيث يساعده على التنوع والتشكيل في حالاته وهو يغني تجربته الدرامية وتحقق له الاستمتاع بما يقدّمه.



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».