التفكير المشوش.. «حالات كامنة» قد تؤدي إليه

خمسة أسباب رئيسية يجري تجاهلها

التفكير المشوش.. «حالات كامنة» قد تؤدي إليه
TT

التفكير المشوش.. «حالات كامنة» قد تؤدي إليه

التفكير المشوش.. «حالات كامنة» قد تؤدي إليه

تعرفون ذلك الشعور: صعوبة العثور على كلمة بعينها، أو تذكر اسم شخص ما، أو التركيز بالطريقة نفسها التي اعتدت عليها. هل يتعلق هذا الأمر بالتقدم في العمر، أو أن هناك سببا آخر لا نعرفه؟ تقول الدكتورة شريا راج، طبيبة النفس والأعصاب في مركز طب الدماغ والعقل التابع لمستشفى بريغهام والنساء الملحقة بجامعة هارفارد: «من السهل التقليل من شأن الحالات الكامنة التي تؤثر في الذاكرة والتفكير، إذ غالبا ما يتم إغفالها».
* الأسباب الشائعة
تشير الدكتورة راج إلى خمس حالات كامنة شائعة يمكن علاجها، تلك التي يمكن أن تضعف من مهارات التفكير.
1. الآثار الجانبية للأدوية. تناول العقاقير المضادة للكولين anticholinergics، التي تمنع تأثيرات الناقل العصبي المسؤول عن التحفيز والنشاط في المخ، قد يؤدي إلى حدوث الارتباك. ومن بين العقاقير المضادة للكولين الكثيرة هناك العقاقير التجارية، مثل «أوكسيبوتينين oxybutynin» (ديتروبان Ditropan) لعلاج سلس البول، و«ديفينهيدرامين diphenhydramine» (بينادريل Benadryl) لعلاج الحساسية، وعقاقير الوصفات الطبية مثل «أميتريبتيلين amitriptyline» (إيلافيل Elavil) لعلاج الاكتئاب، و«سيكلوبنزابرين cyclobenzaprine» (فليكسيريل Flexeril) لعلاج تشنج العضلات. وتقول الدكتورة راج: «بالإضافة إلى ذلك، فإن أي عقار له تأثير مهدئ قد يجعل من الصعب على الشخص التركيز، مثل العقاقير المسكنة أو عقاقير النوم».
2. انخفاض مستوى فيتامين بي12، يعد هذا الفيتامين ضروريا لصحة الدم ووظائف الأعصاب. ونحصل عليه عن طريق تناول اللحوم، والبيض، واللبن، وغير ذلك من منتجات الألبان. ولكن مع التقدم في العمر، يكون من الصعب امتصاص فيتامين ب 12 (B12). ويمكن لذلك أن يسبب انخفاضا غير عادي في مستويات الفيتامين في الدم، ويؤدي إلى التفكير المشوش وغير ذلك من الأعراض، مثل ضعف العضلات. ولدى بعض الناس نوع نادر من فقر الدم؛ مما يجعل الأمر عسيرا للغاية لامتصاص فيتامين ب 12.
* القلق والكآبة
3. القلق المفرط أو الاكتئاب، وكلاهما من علامات اضطراب القلق العام (عندما يكون القلق مفرطا) والاكتئاب (الإحساس بالحزن الشديد أو اليأس الذي يستمر لأكثر من أسبوعين) يمكن أن يسببا التشويش في التفكير. تقول الدكتورة راج: «تتداخل هذه الظروف مع المقدرة على التفاعل مع ما يجري حولك، حين تشعر بالإرهاق العقلي. يمكن لذلك أن يضعف من قدرتك على التفكير بوضوح أو اتخاذ القرارات».
4. قصور الغدة الدرقية. عندما لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمونات - هرمون الثيروكسين thyroxine (t4) وثلاثي يودوثيرونين triiodothyronine (t3) - فإن كثيرا من وظائف الجسم تتباطأ، بما في ذلك وظائف المخ، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التفكير المشوش والنسيان.
5. انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم Obstructive sleep apnea. يسبب توقف التنفس لدى الناس بصورة دورية أثناء النوم، والأعراض الكلاسيكية هي النعاس أثناء النهار. ومن الأعراض الأخرى الشائعة هي الشخير بصوت مرتفع، الذي يصاحبه في أغلب الأحيان اللهاث من أجل التنفس. ويعرضك انقطاع النفس النومي لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب، كما أنه يسبب التفكير المشوش.
* استشارة الطبيب
إذا ما تعارضت مشكلات التركيز أو الذاكرة مع نشاطات يومك العادي، ربما يكون الوقت قد حان للحديث مع الطبيب. أبلغ الطبيب عن أي أعراض إضافية قد تشعر بها، مثل التعب، وضعف العضلات، والحزن، والنوم أثناء النهار، أو التوتر. وقد تحتاج إلى إجراء بعض اختبارات الدم للتأكد من مستويات هرمونات الثيروكسين وفيتامين ب 12 في الدم (ولا تجرى هذه الاختبارات عادة بصورة روتينية)، أو اختبار النوم إن كنت تعاني أعراض انقطاع النفس أثناء النوم.
في كثير من الأحيان، يكون علاج الحالات الكامنة سببا في استعادة وضوح التفكير لديك. تقول الدكتورة راج: «عندما نعالج الاكتئاب أو انقطاع النفس أثناء النوم، على سبيل المثال، فإننا نشاهد تحسنا مفاجئا في الذاكرة والتركيز. وإذا كانت المشكلة نابعة من الأعراض الجانبية لأحد العقاقير الدوائية، ينبغي تغيير الجرعة أو نوع الدواء من أجل حل المشكلة».
وإذا لم يقد علاج الحالات الكامنة إلى تحسين مهارات التفكير، فقد يحيلك طبيبك الخاص إلى طبيب الأعصاب لإجراء الاختبارات الرسمية على قدرات التفكير، ولا سيما علامات الخرف. وفي أغلب الأوقات، برغم ذلك، فإن المصابين بالتشويش في التفكير ليس لديهم خرف.
* تغيير نمط الحياة
إذا كنت تعاني التفكير المشوش، فإن تغيير نمط الحياة قد يؤدي إلى المزيد من الوضوح.
- احصل على المزيد من النوم، حاول النوم لمدة 7 أو 8 ساعات كل ليلة. تقول الدكتورة راج: «يميل كبار السن إلى النوم عدد ساعات أقل، ولكن إن كنت تنام ساعات قليلة كل يوم، فلن يكون تفكيرك واضحا بقدر المستطاع». عزز قدرات التفكير لديك عن طريق النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم، وتجنب الكافيين تماما، ولا سيما بعد الظهيرة.
- مارس المزيد من التمارين الرياضية. وحاول الحصول على 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل في كل أسبوع، مثل المشي السريع. وسوف تنام أكثر ويتحسن لديك تدفق الدم إلى المخ. ولقد أظهرت كثير من الدراسات أن التمارين الرياضية على وجه الخصوص تحسن من مهارات التفكير.
- غيِّر نظامك الغذائي. تقول الدكتورة راج: «عدم تناول الطعام بشكل صحي يجعلك أكثر بطئا، حتى في التفكير. ولقد أظهرت الدراسات أن النظام الغذائي المتوسطي يمكن أن يحسن من الوظائف الإدراكية». ويحتوي هذا النظام الغذائي على الخضراوات والفواكه، والقمح، وزيت الزيتون، والمكسرات، والبقوليات، والأسماك، وكميات معتدلة من الدجاج، والبيض، والألبان، وكميات معتدلة من اللحم الأحمر على فترات متباعدة.

- رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال