البيت الأبيض: أوباما وبوتين لم يتوصلا إلى اتفاق تعاون في سوريا

مسؤول أميركي قال إنه جرى الاتفاق على تعاون عسكري مقابل وقف ضرب المعارضة المعتدلة

رجل من سكان داعل بريف درعا جنوب سوريا يجتاز بدراجته النارية الابنية المدمرة بفعل الغارات الجوية التي تستهدف البلدة الواقعة تحت سيطرة المعارضة (رويترز)
رجل من سكان داعل بريف درعا جنوب سوريا يجتاز بدراجته النارية الابنية المدمرة بفعل الغارات الجوية التي تستهدف البلدة الواقعة تحت سيطرة المعارضة (رويترز)
TT

البيت الأبيض: أوباما وبوتين لم يتوصلا إلى اتفاق تعاون في سوريا

رجل من سكان داعل بريف درعا جنوب سوريا يجتاز بدراجته النارية الابنية المدمرة بفعل الغارات الجوية التي تستهدف البلدة الواقعة تحت سيطرة المعارضة (رويترز)
رجل من سكان داعل بريف درعا جنوب سوريا يجتاز بدراجته النارية الابنية المدمرة بفعل الغارات الجوية التي تستهدف البلدة الواقعة تحت سيطرة المعارضة (رويترز)

نفى المتحدث باسم البيت الأبيض التوصل إلى اتفاق بين موسكو وواشنطن لتعاون عسكري في سوريا، وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحافيين على متن طائرة الرئاسة، أمس، أن الرئيس باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لم يتوصلا إلى أي اتفاق لتعاون جديد بشأن سوريا خلال مكالمة هاتفية أول من أمس.
وقال البيت الأبيض أن أوباما سيتحدث مع الزعماء الأوروبيين - خلال قمة حلف شمال الأطلسي بالعاصمة البولندية وارسو اليوم الجمعة - حول أزمة اللاجئين السورية، وروسيا وأوكرانيا، وتداعيات قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ويأتي نفي البيت الأبيض بعد تأكيدات أصدرها الكرملين، أمس، أشار فيها إلى أن الرئيسين الأميركي والروسي أكدا اعتزامهما «تكثيف التنسيق العسكري بين البلدين في سوريا، وقال الكرملين، إن بوتين حث أوباما على المساعدة في إبعاد المعارضة المعتدلة عن المتطرفة.
وأعلن البيت الأبيض، مساء الأربعاء، تفاصيل الاتصال الهاتفي بين الرئيس أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أعرب الرئيس الأميركي عن استعداده لتكثيف الجهود مع روسيا وفرنسا وهما الدولتان الرئيسيتان في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتحقيق تسوية شاملة في أوكرانيا وتنفيذ اتفاقية مينسك. وأعرب أوباما عن قلقه إزاء فشل النظام السوري في الامتثال لوقف القتال في سوريا، وأكد أهمية أن تقوم روسيا بالضغط على النظام السوري لوقف الهجمات ضد المدنيين، والالتزام بالهدنة، ووقف إطلاق النار.
وأكد أوباما وبوتين التزامهما بهزيمة «داعش» وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، وشدد أوباما على ضرورة إحراز تقدم في عملية انتقال سياسي حقيقي لإنهاء الصراع في سوريا، وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية، وأعرب عن دعمه لجهود مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا. أما في أوكرانيا فقد حث أوباما الرئيس بوتين على اتخاذ خطوات لتهدئة القتال في شرق أوكرانيا وأهمية المضي قدما في التنفيذ.
ويأتي تضارب الأنباء عن استعداد للتعاون والتنسيق العسكري بين البلدين بعد شهور من الانتقادات للتدخل الروسي في سوريا ومساندة النظام ومطالب متكررة لممارسة الضغط على نظام بشار الأسد، ويتزامن مع انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي اليوم الجمعة في العاصمة البولندية وارسو، التي تركز بالأساس على التحركات العدوانية العسكرية لروسيا في أوكرانيا، وقيامها بضم شبه جزيرة القرم، والصراع في جورجيا التي تحتل روسيا 20 في المائة من أراضي جورجيا، إضافة إلى التصرفات العدوانية لروسيا في بحر البلطيق والبحر الأسود، ومخاوف دول أوروبا الشرقية من أي توغل روسي، ومحاولات لزعزعة الاستقرار في دول مثل بولندا وإستونيا وليتوانيا ولاتفيا.
ووصف كثير من الخبراء الأميركيين القمة، بأنها أهم تجمع لحلف شمال الأطلسي منذ الحرب الباردة، لأنها سترسم نهجا أكثر حذرا لروسيا، وتبحث نشر أكثر من أربعة آلاف جندي في بحر البلطيق لردع موسكو عن طموحاتها في دول أوروبا الشرقية، إضافة إلى الصراعات في سوريا والعراق، وتصاعد نفوذ «داعش». وتجري صفقة واسعة النطاق مع حلف شمال الأطلسي تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية لأوروبا، خاصة مع تزايد التوترات والتهديدات الأمنية التي أثارتها أزمة المهاجرين واللاجئين السوريين والإرهاب.
وقال دوغ لوت، سفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي، في تصريحات للصحافيين مساء الأربعاء: «الرئيس أوباما حريص على الحفاظ على العقوبات ضد روسيا عقب تحركاتها العدوانية في أوكرانيا، حتى في الوقت الذي يسعى فيه إلى التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إراقة الدماء في سوريا».
ومن المحتمل أن تكون قمة حلف الناتو في العاصمة البولندية هي آخر رحلة رئاسية يقوم بها أوباما إلى أوروبا خلال الشهور الأخيرة لولايته، وتأتي القمة في وقت تواجه فيها القارة الأوروبية العجوز تحديات ضخمة ولحظة من عدم اليقين التاريخي قد يكون لها بصمة غائرة على إرث أوباما وولايته.
من جانب آخر فإن تضارب الأخبار حول التعاون العسكري الأميركي الروسي في سوريا كان بمثابة المفاجئة، بعد أسابيع من تلويح وزير الخارجية الأميركي جون كيري من نفاد صبر واشنطن، واتهامه لروسيا بدعم جيش بشار الأسد في القيام بعمليات هجومية على حلب، وفي انتهاك وقف إطلاق النار، على خلفية شائعات تطفو وتختفي تارة أخرى حول الخطة «ب» التي ألح بعض المسؤولين بأنها تنص على تعزيز تسليح المعارضة السورية، بما يؤدي إلى التدخل العسكري المباشر.
وأشار مسؤول أميركي سابق إلى أن الاستراتيجية الأميركية الحالية في سوريا، وخطة إدارة أوباما البديلة «الخطة ب»، هي دعوة روسيا لتعزيز وتوثيق التعاون العسكري. وقال لـ«لشرق الأوسط» إن موسكو عرضت عدة مرات تنسيق الجهود والأهداف العسكرية في سوريا مع واشنطن، إلا أن الأخيرة لم تكن مستعدة لقبول العرض الروسي، خاصة بعد استهداف الضربات الجوية الروسية لمواقع المعارضة السورية التي تساندها واشنطن.
ويشير المسؤول الأميركي إلى أن الإدارة الأميركية ترغب في دفع روسيا للضغط على الأسد لوقف ضرب المعارضة المعتدلة، مقابل الموافقة على تعميق التعاون العسكري بين واشنطن وموسكو.
ويستهدف التنسيق بين البلدين على تبادل المعلومات الاستخباراتية حول الجماعات الإرهابية، وتبادل المعلومات حول العمليات العسكرية، والأهداف المحتملة، وتكثيف الضربات التي تستهدف جبهة النصرة وتنظيم داعش، مقابل أن تقوم روسيا بالضغط على نظام بشار الأسد لاحترام هدنة وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وخلق بيئة تساعد على استئناف محادثات عملية الانتقال السياسي في سوريا.
من جانبه شدد المتحدث باسم الخارجية الأميركي جون كيربي على أهمية أن تمارس السلطات الروسية نفوذها على النظام السوري، وقال: «لقد كنا واضحين بشأن التزامات روسيا لضمان امتثال النظام لاتفاق وقف الأعمال العدائية والخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة في سوريا لأمننا القومي».
ويقول محللون إن تعميق التعاون العسكري بين واشنطن وموسكو يعني أن الرئيس الأميركي قد تخلى عن أطروحته عن عزلة روسيا ،بعد فرض عقوبات اقتصادية عليها في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم. ويشير محللون آخرون إلى أن الإدارة الأميركية ترى أن أولويات الأمن القومي الأميركي تتطلب إضعاف جبهة النصرة على المدى القصير، ولا ترغب في الضغط على روسيا، أو القيام بتحركات عسكرية ضد الأسد.
وقد أشار بريت ماكجوريك، مبعوث الرئيس أوباما للتحالف الدولي لمكافحة «داعش»، في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في 28 يونيو (حزيران) إلى قلق الإدارة الأميركية المتزايد من التهديدات التي يشكلها تنظيم القاعدة في سوريا، وجبهة النصرة التابعة للقاعدة، وقال: «علينا إيجاد آلية لتهدئة وإنهاء الحرب الأهلية السورية، والسماح للمعارضة المعتدلة بتولي المسؤولية دون خطر مواجهة قنابل الأسد».
ويشير المحلل السياسي تشارلز ليستر، الخبير في الشؤون السورية بمعهد الشرق الأوسط، إلى أن المستفيد الرئيسي من بقاء الأسد في السلطة هو تنظيم القاعدة وليس الأسد أو روسيا أو إيران أو (داعش)، مشيرًا إلى أن جبهة النصرة التابعة للقاعدة تجني ثمار فشل المجتمع الدولي في حل الأزمة السورية».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.