650 ضابطًا و25 ألف فرد لتأمين الرياض طيلة إجازة عيد الفطر المبارك

تنظيم أكثر من 160 فعالية لاحتفالات العيد في أكثر من 43 موقعًا

طفل في طريقه لمصلى العيد (تصوير: سعد الدوسري) - جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين أدوا الصلاة (تصوير: سعد الدوسري)
طفل في طريقه لمصلى العيد (تصوير: سعد الدوسري) - جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين أدوا الصلاة (تصوير: سعد الدوسري)
TT

650 ضابطًا و25 ألف فرد لتأمين الرياض طيلة إجازة عيد الفطر المبارك

طفل في طريقه لمصلى العيد (تصوير: سعد الدوسري) - جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين أدوا الصلاة (تصوير: سعد الدوسري)
طفل في طريقه لمصلى العيد (تصوير: سعد الدوسري) - جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين أدوا الصلاة (تصوير: سعد الدوسري)

كشفت قيادة شرطة منطقة الرياض لـ«الشرق الأوسط»، عن خطة محكمة لتأمين العاصمة السعودية ومختلف أجزاء المنطقة، ينفذها 650 ضابطا و25 ألف فرد، يتناوبون العمل فيما بينهم بغية تحقيق أمن وسلامة المواطن والمقيم، طيلة أيام وليالي عيد الفطر المبارك، مشيرة إلى أن المنطقة كافة ومساجدها ومواقع احتفالاتها بمناسبة عيد الفطر المبارك، في أيدٍ أمينة، على مستوى العمل الأمني والمروري طيلة إجازة أيام العيد.
وقال العقيد فواز جميل الميمان الناطق الإعلامي لشرطة منطقة الرياض لـ«الشرق الأوسط»: «بإشراف مباشر من اللواء سعود بن عبد العزيز الهلال مدير شرطة المنطقة، تباشر منطقة الرياض وأفرع الأجهزة الأمنية المرتبطة بها خطة أمن المساجد صبيحة عيد الفطر المبارك، وكذلك تأمين مقار الاحتفالات التي تنظمها وترعاها الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض، وكذلك العمل على تأمين الأسواق العامة والشوارع العامة والميادين الرئيسية في خطة أمنية ومرورية محكمة».
ووفق الناطق الإعلامي لشرطة منطقة الرياض، فإن أعداد المشاركين في خطة العيد تتجاوز 650 ضابطا و25 ألف فرد يتناولون العمل فيما بينهم، بغية تحقيق أمن وسلامة المواطن والمقيم طيلة أيام وليالي عيد الفطر المبارك، داعيا المواطنين والمقيمين إلى المحافظة على مدينتهم، والالتزام بالآداب العامة واحترام حريات وحقوق الآخرين.
يذكر أن أمانة منطقة الرياض، أعدت مليون نسخة من برنامج احتفالاتها بعيد الفطر المبارك، للتعريف بفعاليات العيد ومواقع إقامتها ومواعيد بدئها وانتهائها، وعرض محتويات الفعاليات المتنوعة وفق الفئات المستهدفة، فمنها ما هو للعائلات ومنها فعاليات شبابية، وفعاليات مخصصة للنساء والأطفال، حيث تتواءم الاحتفالات مع الخطط الاستراتيجية للترفيه التي تعمل عليها الدولة، وتركز على استثمار الجوانب الترفيهية في التوعية، وتعزيز الهوية الوطنية، والمحافظة على الممتلكات العامة.
وتنظم أمانة منطقة الرياض أكثر من 160 فعالية خاصة باحتفالات عيد الفطر المبارك في أكثر من 43 موقعا بالرياض، تهتم بتعزيز الأبعاد الإنسانية للعاصمة التي يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة، من خلال تخصيص نسبة عالية من الفعاليات للأسر والعائلات، والأطفال، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث خصصت الأمانة هذا العام 4 أعمال مسرحية لمعايدة ذوي الإعاقة السمعية والبصرية.
ومن اللافت أنه بإمكان زوار احتفالات الرياض بعيد الفطر المبارك المشاركة والاستمتاع بالفعاليات المتنقلة داخل الأحياء، حيث تجوب عربات مجهزة بأشكال كرنفالية تحمل كثيرا من الشخصيات الكرتونية والمهرجين والشخصيات المبهجة، مع توزيع الهدايا والحلوى على الأطفال من سكان الأحياء ممن لا يستطيعون الوصول إلى مواقع الاحتفالات، مع تقديم بعض العروض في الأحياء، حيث تم تركيب أشكال الزينة ثلاثية الأبعاد، لتزيين أعمدة الإنارة في الطرق العامة بـ500 من الأشكال المبهجة والمبتكرة التي تجمع بين الجوانب التراثية والعصرية.
وجهزت الأمانة أكثر من 1100 علم في الميادين والجسور بجميع أحياء العاصمة، إضافة إلى الطرق المؤدية لمواقع احتفالات الأمانة بالعيد، والتي يبلغ عددها 43 موقعًا، وذلك كأحد المظاهر الرئيسية لفعاليات عيد الرياض في الميادين والساحات والطرق الرئيسية والجسور، مع تركيب إنارات تفاعلية مخفية في الجزر الوسطية والميادين، وبخاصة في المسارات الحيوية بعدد 1850 إنارة تفاعلية، إضافة إلى تركيب 550 من البنرات المضيئة على أعمدة الكهرباء.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)