مسلمو العالم يبكون المدينة.. ويستنكرون همجية الإرهاب والتطرف

هزّ الاعتداء الإرهابي الشنيع على المسجد النبوي الشريف ثاني الحرمين مشاعر المسلمين في جميع أرجاء العالم. وأغرقت رسائل الاستنكار والغضب والحزن مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» بمختلف اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، للتعبير عن صدمتهم واستهجانهم من تلويث المسجد النبوي الشريف بمشاهد العنف في أواخر أيام شهر رمضان الكريم واستهداف رواده من المصلين. وكتب طالب محاماة التونسي في جامعة «هارفارد» الأميركية على حسابه في «فيسبوك» متوجّها إلى من يخلط بين دين الإسلام الحنيف والإرهاب: «هل أنتم بحاجة إلى برهان آخر؟ الإرهاب الذي يمارسه (داعش) وغيره من التنظيمات لا يمتّ للدين بصلة، بل هو مرض عقلي وداء». وتابع باللغة الفرنسية قائلا: «إنهم انتهكوا حرمة قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام في أواخر أيام الشهر المبارك، ربما علينا أن نتّجه إلى الطب النفسي لنفهم دوافعهم التي عجزت السياسة والدين عن تفسيرها».
أما الفنان المسلم ماهر زين، فعبّر عن غضبه العارم على «تويتر» معلقا على صورة للدخان المتصاعد من موقع الانفجار في الحرم النبوي: «هل ما زلتم في حاجة إلى دليل؟ (داعش) عدو الإسلام اللدود». فيما نشر الآلاف «تغريدات» مشابهة، تتساءل عن مغزى الإرهابيين من إراقة الدماء، بينما دعا آخرون إلى معاقبة منتهكي حرمة أكثر الأماكن قدسية وأقربها إلى قلوب المسلمين، وقتلة الأبرياء في أرض المسلمين وغير المسلمين.
ولم يقتصر الاستنكار والصدمة على العوالم الافتراضية، فقد حلّ الحديث المؤلم عن تفجير المدينة محلّ استعدادات العيد في موائد إفطار العالم العربي من غربه إلى شرقه. واجتمع المسلمون من كل صوب وحدب في الدعاء لحفظ المقدسات والبلاد جميعا، وفي التعبير عن تضامنهم مع جميع ضحايا الإرهاب الدموي في بلاد الحرمين والعراق وسوريا وتركيا وبنغلاديش وغيرها من الدول التي ذاقت مرارة التطرف والعنف.
وفي مقهى صغير بشارع في المدينة العتيقة بفاس المغربية، اجتمع عدد من المواطنين بعد صلاة التراويح لتحليل دوافع هؤلاء المجرمين الذين لا يتجاوز عمرهم العشرينات بالعادة. وعجز هؤلاء المجتمعون عن الوصول إلى تفسير مقنع، واكتفوا في نهاية الجلسة بالتذكير بضرورة تعزيز الجهود لتحصين الشباب من ويلات التطرف، بدءا من أبنائهم. أما الجدة ميمونة الجزائرية فأدمعت عيناها وهي تشاهد نشرة الأخبار المسائية في بيتها برفقة الأهل الذين اجتمعوا قبل حلول العيد، وعبّرت عن يأسها «وقلّة حيلها» تجاه هذه الجرائم التي «لم تحترم أقدس الأماكن»، قبل أن تغيّر الحديث لتعيد سرد تفاصيل عمرتها وزيارتها لبلاد الحرمين لأحفادها المجتمعين حولها.
وفي العواصم الغربية، أدان المسلمون وغير المسلمين الاعتداء البشع الذي اهتمت به الصحافة العالمية كحدث نادر استهدف المسلمين في كل مكان. وقال محمد جونسون، بريطاني اعتنق الإسلام مؤخرا، إن قلبه يبكي على الدمار الذي يحدثه إرهابيون همجيون في كل أنحاء البلاد: «فهم لا يفرقون بين الطفل والعجوز، بين الجندي والمدني.. لا يحتاج المرء إلى أن يكون مسلما ليستنكر مثل هذه الأفعال، بل يحتاج أن يكون إنسانا». أما رشيد زهروني، الفرنسي من أصول مغربية فتساءل: «يطلبون منا في كل حادث إرهابي أن نقول إن ذلك (ليس باسمنا).. أنحتاج أن نؤكّد لهم أن اعتداء المدينة كذلك ليس باسمنا؟ الإرهاب لا دين له، ولا يجوز تحميل مسلم أو غير مسلم مسؤوليته».
ولفتت صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية إلى مواصلة آلاف المصلين صلاتهم رغم صوت الانفجار القوي، كما نقلت شهادة قاري زياد باتيل (36 عاما) من جوهانسبورغ الذي قال: «اعتقدنا في البدء أنه صوت المدفع مشيرا إلى حلول وقت المغرب والإفطار، إلى أن أحسسنا بارتجاج الأرض». أما صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فربطت بين سلسلة التفجيرات الأخيرة وتفجير المدينة، لافتة إلى أن آخر أسبوع في الشهر الفضيل كان الأكثر دموية. وأسقط الإرهاب في شهر رمضان وحده 290 قتيلا، 222 منهم قضوا في التفجير الدموي الذي استهدف شارعا تجاريا مزدحما في بغداد.
بدوره، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، التفجير الانتحاري بالمدينة المنورة بأنه هجوم على الإسلام نفسه. وأضاف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عبر متحدث في جنيف: «هذا واحد من أقدس الأماكن في الإسلام، ويمكن اعتبار مثل هذا الهجوم الذي وقع هناك خلال رمضان هجوما مباشرا على المسلمين في كل العالم.. هو هجوم على الدين نفسه».