لبنان: حراك رئاسي داخلي يلاقي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت

مصادر: الاتفاق النفطي يمهّد لصفقة قد تأتي بعون رئيسًا

لبنان: حراك رئاسي داخلي يلاقي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت
TT

لبنان: حراك رئاسي داخلي يلاقي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت

لبنان: حراك رئاسي داخلي يلاقي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت

تشهد البلاد ومنذ أقل من أسبوع حركة لافتة على صعيد ملف رئاسة الجمهورية لم تعرفها من قبل، تلاقي الجهود المتواصلة المبذولة في باريس لوضع حد للشغور الرئاسي المتمادي منذ مايو (أيار) 2014، والتي من المنتظر أن تتضح نتائجها خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إلى بيروت في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر الحالي.
ويبدو أن الاتفاق الذي تم بين رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على ملف التنقيب عن النفط والغاز «ليس إلا تمهيدًا للإعلان عن صفقة لم تنضج بعد لحل الأزمة الرئاسية»، وهو ما كشفت عنه مصادر في قوى 8، لافتة إلى أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط جزء لا يتجزأ من هذه الصفقة التي لم تتضح معالمها النهائية ويُشارك فيها أيضا وبشكل أساسي رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي يحاول تسويقها في عدد من الدول. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن رئيس حزب القوات سمير جعجع ليس بعيدًا عمّا يتم طبخه، والذي من الأرجح أن ينتهي لانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية خاصة وأنّه قدّم بالملف النفطي تنازلات لبري فاقت الـ80 في المائة». وإذ شدّدت المصادر على أن ما يجري «أول محاولة جدية لحل الأزمة الرئاسية منذ عامين»، لفتت إلى أنّها «لا تزال تندرج بإطار المحاولات، ولا تتخطى حظوظ نجاحها الـ35 في المائة».
ويترقب الفرقاء في الداخل ما سيحمل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت بجعبته مع اقتناعهم بأن ظروف ومضمون هذه الزيارة تختلف كليا عن تلك التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في أبريل (نيسان) الماضي، خاصة وأنّها تأتي بعد حراك لافت شهدته وزارة الخارجية الفرنسية وقصر الإليزيه.
وبحسب مصادر لبنانية مطلعة على الأجواء الفرنسية فإن أيرولت «سيأتي ليعطي دفعا للمساعي التي يبذلها بري، وبالتحديد لطرح السلة المتكاملة التي تضم إلى رئاسة الجمهورية، اتفاقا على الرئيس المقبل للحكومة وبيانها الوزاري، كما على قانون الانتخاب الذي ستجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة بعد أقل من عام»، لافتة إلى أنّه «لا يمكن الحديث عن خرق حقيقي تم باتجاه انتخاب عون رئيسا قبل عقد لقاء بينه وبين الحريري، وفي حال لم يتم هذا اللقاء فذلك يعني التوجه لانتخاب رئيس توافقي يسميه عون أو يوافق عليه».
إلا أن المحسوم، وبحسب المصادر، هو إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية المزمع عقدها في ربيع 2017، لافتة إلى أن «الطرح الذي كان قد تقدم به بري لجهة إعطاء أولوية للاستحقاق النيابي على أن يُنتخب رئيس بعد ذلك، سقط تماما».
ويكشف النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» سليم سلهب عن «حراك داخلي على أكثر من مستوى حصل في الأيام الماضية حين كان معظم اللبنانيين منهمكين بالتطورات الأمنية من بوابة القاع»، في إشارة إلى التفجيرات الانتحارية التي هزّت البلدة الحدودية مطلع الأسبوع الماضي، لافتًا إلى أن «الانشغال الأمني سمح للفرقاء السياسيين بالاجتماع والعمل من دون لفت الأنظار». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن اللقاء الأهم هو ذلك الذي جمع الرئيس بري بالوزير باسيل، وانتهى بتفاهم معلن على الملف النفطي، إلا أنه لا شك سيستكمل بتفاهمات أخرى سياسية – تنموية – اقتصادية تماشي طرح السلة الذي تقدم به بوقت سابق الرئيس بري».
وأشار سلهب إلى «لقاء عُقد كذلك بين الوزير باسيل ومدير مكتب رئيس تيار «المستقبل» نادر الحريري، بالإضافة إلى الزيارة ذات التوقيت المهم التي قام بها النائب سعد الحريري إلى المملكة العربية السعودية ولقائه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز». وأضاف: «كل هذه الحركة إضافة للحراك الحاصل في باريس والذي سيبلغ ذروته خلال الزيارة المرتقبة للوزير أيرولت إلى بيروت، توحي بأن العماد عون قد يكون رئيسا للبنان ما بين شهري آب وأيلول»، مرجحًا أن تتضح الأمور نهائيا خلال فترة أسبوعين بعد الحصول على أجوبة من الفرقاء المعنيين.
ولا يبدو تيار «المستقبل» بعيدا أبدا عن الأجواء المستجدة على صعيد الحلحلة التي تطرق بقوة أبواب الأزمة السياسية، وفي هذا السياق قال النائب في التيار سمير الجسر لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهود المبذولة لوضع حد لجمود القائم على المستوى السياسي لم تتوقف ولا مرة أو تنقطع إلا أنها على ما يبدو تكثفت أخيرا من منطلق أن البلد لا يمكن أن يبقى مستمرا من دون رأس، ولاقتناعنا بأن الشغور في سدة الرئاسة سبب كل الأزمات الأخرى العاصفة بنا»، وأضاف: «من هذا المنطلق أكدنا مرارا ونؤكد جهوزيتنا لتأمين نصاب أي جلسة مقبلة لانتخاب رئيس وليفز أيا كان المرشح الذي تتوافق عليه أكثرية النواب، أما ربط الرئاسة بسلة من التفاهمات الأخرى فبرأينا يؤدي لتفكك النظام ويضرب الدستور بعرض الحائط».
وتنظر البطريركية المارونية بكثير من الاهتمام للزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي، وهو ما عبّر عنه رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «حرص فرنسي لمساعدة لبنان على انتخاب رئيس من دون التدخل بالتفاصيل المملة، من خلال السعي للتوصل لقواسم مشتركة بين الفرقاء اللبنانيين، وتبني اقتراح الرئيس بري المتعلق بالسلة المتكاملة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.