افتتاح مسجد «تشاميلجا» فوق تلة العرائس الإسطنبولية

أكبر مجمع إسلامي في تاريخ الجمهورية التركية

«تشاميلجا» يضم 6 مآذن وأكثر من 70 قبة بعضها مطلي بورق الذهب ومزخرف بدقة
«تشاميلجا» يضم 6 مآذن وأكثر من 70 قبة بعضها مطلي بورق الذهب ومزخرف بدقة
TT

افتتاح مسجد «تشاميلجا» فوق تلة العرائس الإسطنبولية

«تشاميلجا» يضم 6 مآذن وأكثر من 70 قبة بعضها مطلي بورق الذهب ومزخرف بدقة
«تشاميلجا» يضم 6 مآذن وأكثر من 70 قبة بعضها مطلي بورق الذهب ومزخرف بدقة

بعد مشروع بناء استغرق نحو 3 سنوات، افتتح أخيرا في مدينة إسطنبول أكبر مسجد أنشئ في تاريخ الجمهورية التركية. ويقع «تشاملجا» في حي أوسكدار، أحد أشهر الأحياء التاريخية في الشطر الآسيوي من مدينة إسطنبول.
ولتدشين المسجد المميز، أحيا 12 ألفا من الأتراك والعرب المقيمين في تركيا ليلة القدر في ساحتة. كما نظمت بلدية أوسكدار إفطارا جماعيا، ثم أقيمت صلاة المغرب والعشاء والتراويح، وتم الاحتفال بليلة القدر بالقرآن الكريم والدعاء. وشارك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مراسم افتتاح الجامع في إسطنبول.
يذكر أنه تم الانتهاء في سبتمبر (أيلول) الماضي من الأعمال الخرسانيّة لخمس مآذن من جملة ست مآذن تعلو جامع «تشامليجا». وجرى طلاء المخروط الفولاذي الذي يزن 14 طنًا لأول مئذنة تم الانتهاء من تشييدها بالكامل، ويبلغ طولها 90 مترًا بالرصاص، بينما الهلال الموجود أعلى المئذنة تم طلاؤه بأوراق الذهب. أما القبة الضخمة التي ستغطي الجزء العلوي للجزء المغطي من الجامع، فتم البدء في تشييدها.
إلى ذلك، قال أرجين كولونك، رئيس جمعية البناء والإعاشة التابعة لوحدات الجوامع والخدمات الثقافية بإسطنبول: «افتتحنا الجامع في ليلة القدر من عام 2016، كما وعدنا».
وتم الانتهاء من الأعمال الخرسانيّة في أعمال بناء الجامع الذي يعمل فيه نحو 500 شخص ليل نهار، فتم بناء فناء الجامع الموجود به ست مآذن، شُيدت خمس منها حتى الآن، وأقسام المتحف، والمعارض الفنية، والمكتبة، وقاعة الاجتماعات والندوات، وموقف السيارات.
وأوضح أرجين كولونك أنه تم البدء في تشييد القبّة الضخمة التي ستغطي الجزء العلوي للجزء المغطي من الجامع التي تُعد خطوة مهمّة في تشييده. حيث تم وضع السقالات في المكان الذي ستشيد فيه القبة حسب مخطط البناء، وأن أعمال البناء تجري على قدم وساق بعناية فائقة للغاية.
وإلى جانب القبة الضخمة في الجزء المغلق من الجامع، سيتم تشييد 39 قبة أخرى بأحجام مختلفة. كما يوجد 21 قبة في فناء الجامع، و9 قباب في مدخل الجامع، ويضم مجمع الجامع 70 قبة.
وأضاف كولونك أنه مع الاقتراب من نهاية الأعمال الخرسانية في هذا الصرح المصمم ليكون أكبر مجمع إسلامي في تاريخ الجمهورية التركية، تم تشكيل فرق من أجل وضع اللمسات الأخيرة التي تتطلب مهارة حرفية دقيقة.
وأوضح أن الفرق المشكلة كل على حدة من أجل الخطوط التي ستزين الجامع وزخارف الجامع والرخام تواصل أعمالها في 10 ورش منفصلة في مدن مختلفة في تركيا.
وشعرت الحكومة التركية بأهمية وقيمة تلة «تشامليجا (Çamlıca)»، التي تسمى باللغة العربية تلة العرائس، الواقعة في الشطر الآسيوي، بالنسبة للسياحة عام 1980، لا سيما أنها تطل على معظم أنحاء إسطنبول، كما أنها مليئة بأشجار الصنوبر، فاشترتها الحكومة، وأقامت بها مقهى ومطعما واستراحة لاستقبال الزوار والسياح، فأصبحت معلما ومزارا مهما بالنسبة لهم، وملاذا شعبيا معروفا بالنسبة لسكان إسطنبول، وقد سميت تلة العرائس بهذا الاسم لأن معظم زوارها من العشاق، وكذلك العرائس الذين يحضرون بملابس الزفاف لالتقاط الصور التذكارية في هذه المناسبة.
وتنقسم «تشامليجا» إلى تلتين، إحداهما ترتفع عن الأخرى بنحو 38 مترا، وتُسمى «بويوك تشامليجا»، أي «تشامليجا الكبيرة»، ويبلغ ارتفاعها 267 مترا فوق سطح البحر، والأخرى «كوتشوك تشامليجا»، وهي الأصغر، ويبلغ ارتفاعها 229 مترا فوق سطح البحر. والتلة الكبيرة توفر إطلالات رائعة كونها الأعلى، حيث يمكن مشاهدة الممرات المائية الرئيسية في إسطنبول، مثل جسر البوسفور على البحر الأسود، وجزر الأميرات على بحر مرمرة، وشبه جزيرة «امينونو» التاريخية، إضافة إلى جبل «أولوداغ»، المكسو بالثلج والواقع قرب مدينة بورصة، و«تشامليجا الصغيرة» ليست بأقل من «تشامليجا الكبيرة»، فهي مليئة بالحدائق الرائعة والغابات الخلابة ومسارات المشي.
ويقصد الكثيرون تلة العرائس هربا من ضغوطات الحياة اليومية، ولاستنشاق الهواء النقي، والمنظر الجميل لأزهار «التوليب» الملونة التي ينتشر عبيرها في أجواء التلتين. وهناك كثير من المطاعم والمقاهي والأكشاك والأماكن المخصصة للشواء، التي تكتظ بالأسر في عطلة نهاية الأسبوع.



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.