تفجيرات مطار إسطنبول تصيب السياحة التركية بموسم أكثر قتامة

حالة من الخوف والرهبة في «غراند بازار»

جامع السلطان أحمد أو المسجد الأزرق، تاج العمارة العثمانية، يتصدر المشهد السياحي في إسطنبول
جامع السلطان أحمد أو المسجد الأزرق، تاج العمارة العثمانية، يتصدر المشهد السياحي في إسطنبول
TT

تفجيرات مطار إسطنبول تصيب السياحة التركية بموسم أكثر قتامة

جامع السلطان أحمد أو المسجد الأزرق، تاج العمارة العثمانية، يتصدر المشهد السياحي في إسطنبول
جامع السلطان أحمد أو المسجد الأزرق، تاج العمارة العثمانية، يتصدر المشهد السياحي في إسطنبول

غربت الشمس ومنذ فترة طويلة على أباطرة بيزنطة الذين حكموا البلاد من هذه المدينة القديمة، التي كانت معروفة في زمانهم باسم القسطنطينية.
ولقد أطاحت الحرب العالمية الأولى بسلاطين آل عثمان الذين بسطوا سلطانهم على الأراضي البعيدة من قصورهم المهيبة في هذه المدينة. ولكن مع صعود وأفول الإمبراطوريات في هذه المدينة، التي باتت تعرف الآن باسم إسطنبول، شكلت همزة الوصل التاريخية فيما بين الشرق والغرب - وما وراء ذلك. وفي السنوات الأخيرة، امتلأت المدينة بالسياح من مختلف أرجاء العالم. ولكنهم لم يعودوا يزورونها كما اعتادوا أن يفعلوا من قبل.
يشيع ذلك حالة من الخوف والرهبة في قلب سنان ياليز، الذي يبيع قطع الشطرنج وطاولات الزهر اليدوية الصنع في متجر صغير يملكه في سوق إسطنبول الكبير المعروف باسم «غراند بازار».
أسفر الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي في مطار إسطنبول الدولي من قبل ثلاثة أشخاص يشتبه في أنهم انتحاريون تابعون لتنظيم داعش الإرهابي عن مصرع 34 شخصا على الأقل وإصابة ما يقرب من 200 آخرين. ويخشى الكثير من الناس هنا أن يلقي هذا الحادث بطلال شديدة القتامة على موسم السياحة في المدينة.
وكان الحادث المروع هو الأخير في سلسلة من الهجمات والتفجيرات التي تعرضت لها تركيا خلال العام الماضي، ولقد سببت فزع وابتعاد الزبائن عن متجر ياليز الصغير في غراند بازار.
ولقد كان سوق إسطنبول الكبير خاويا تقريبا من المارة والسائحين يوم الخميس.
يقول سنان ياليز، البالغ من العمر 29 عاما، والذي يعمل في ذلك السوق المغطى الشهير منذ أكثر من 12 عاما: «إنه الإرهاب. لماذا يأتي السياح إلى هنا عندما يكون هناك إرهاب؟ هذا ما يفكر فيه السياح، لأنني لم أر هذا السوق خاويا بهذا الشكل من قبل».
وأثناء حديثه معنا، لم يكن هناك أثر لأي من السائحين الأوروبيين أو العرب الذين كانوا يتفاوضون مع تجار المجوهرات والمنسوجات في السوق، ولا صوت صياح للأطفال ولا صخب ولا ضجيج كالمعتاد. كان السوق هادئ تماما، وكانت تساور ياليز مشاعر القلق والخوف حيال الأمر برمته.
الكثيرون في هذه الدولة البالغ تعداد سكانها 75 مليون نسمة على حافة الخطر بسبب تلك الهجمات التي يشنها الانفصاليون الأكراد وتنظيم داعش الإرهابي، الذي يسيطر على مساحات من الأراضي في سوريا المجاورة.
والسياحة - وهي من مصادر الدخل الرئيسية في الاقتصاد التركي كذلك الاستثمارات - قد سقطت نحو الهاوية خلال الأشهر الأخيرة. وفي أبريل (نيسان)، بلغت السياحة التركية أدنى معدلاتها خلال 17 عاما كاملة، وفقا للبيانات الحكومية الصادرة. ولقد وصل البلاد ما يقدر بنحو 1.75 مليون سائح هذا الشهر، ولقد انخفضت معدلات الإشغال الفندقية بنسبة تبلغ أكثر من الثلثين.
يقول إيمري ديليفيلي، المحلل الاقتصادي الذي يقطن إسطنبول التي تضم 14 مليون نسمة بين جنباتها: «إنها بالفعل من الأوقات العسيرة بالنسبة لنا، ولسوف تزداد الأمور قتامة يوما بعد يوم».
وبالإضافة إلى المزيد من الغرف الفندقية الخاوية، توقع أن يشهد النمو الاقتصادي التركي بطئا محققا في ظل التضخم - الذي يقترب من 8 نقاط مئوية هذا العام - مما يزيد من حالة الألم التي يعانيها المواطنون الأتراك.
وأعرب غيره من الخبراء عن مخاوفهم من تنظيم داعش، والذي يبدو أنه يسعى إلى معاقبة تركيا لمساندتها التحالف الدولي الذي يهاجم التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن حادث الثلاثاء الدامي، ولكن المسؤولين الأتراك قالوا إنهم يعتقدون أنه يحمل بصمات «داعش».
وبالنسبة إلى مراد (30 عاما)، فإن حالة عدم اليقين تعني القليل من السائحين الألمان، والإيطاليين، والبرازيليين، الذين اعتادوا إنفاق ألاف الدولارات في كل يوم لابتياع السجاد المزخرف من متجره في منطقة السلطان أحمد التاريخية في إسطنبول. والآن، يواجه مراد ما وصفه بأنه الأزمة التي لا سابق لها.
يقول مراد، والذي رفض ذكر اسمه الأخير بسبب خشيته الانتقام من السلطات: «لم أبع سجادة واحدة منذ شهر كامل».
وقال إنه يستورد السجاد اليدوي من إيران وأفغانستان. وأشار إلى إحدى البُسُط والتي ظلت في مكانها كما هي منذ شهور.
وأضاف مراد قائلا: «إن ثمنها نحو 5500 دولار، فهي مصنوعة من أجود أنواع الحرير في تركيا. ولن يتقدم أحد لشرائها. وقبل عام من الآن، كنت أبيع مثل هذه السجادة بمجرد ما أعرضها على حائط المتجر».
ومسجد السلطان أحمد، والمعروف شعبويا باسم المسجد الأزرق، يعلو مطلا على متجر مراد. وهو على مسافة قريبة من مسجد آيا صوفيا، الذي كان ذات مرة أحد أكبر كاتدرائيات العالم والذي تحول إلى مسجد ثم إلى متحف.
وفي يوم الخميس، بدت المنطقة برمتها خالية إلا من مجموعة سياحية صغيرة من الصين.
ولقد نسف المهاجم الانتحاري، الذي يشتبه في تبعيته لتنظيم داعش، نفسه في تلك المنطقة في يناير (كانون الثاني)، مما أسفر عن مصرع 10 أشخاص، ومن بينهم ثمانية من السياح الألمان.
ومنذ ذلك الحين، كان الأمر يزداد صعوبة على إسماعيل كاكيسي لجني المزيد من الأرباح. فهو يعمل في بيع الأرواب والصابون المعطر في متجر يملكه في المنطقة للزائرين الذين اعتادوا على الاستحمام في الحمامات التركية التاريخية الشهيرة.
يقول إسماعيل البالغ من العمر 19 عاما الذي يعيش برفقة شقيقه الأكبر في شقة صغيرة بأحد الأحياء المتواضعة في المدينة: «أمس، بعت رداء واحدا. وهذا كل شيء». ويعتاد الشقيقان على إرسال جزء من رواتبهما إلى والديهما الذين يعيشان في الإقليم ذي الأغلبية الكردية في جنوب شرقي البلاد.
ولقد أصبح من العسير للغاية القيام بذلك أيضا، كما يقول إسماعيل: «لم يدفع لي رئيسي في العمل راتبي عن الشهر الماضي. كيف يمكنه ذلك؟ ليست لديه أموال هو الآخر!»
ولكن هناك بعض التغييرات الإيجابية تلوح في الأفق، رغم كل شيء.
حيث يمكن لمئات الآلاف من السياح الروس العودة لزيارة تركيا من جديد في أعقاب التقارب الواضح خلال الأسبوع الماضي ما بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي العام الماضي، أمر الرئيس بوتين المواطنين الروس بالتوقف عن زيارة تركيا إثر الطائرة الحربية الروسية التي أسقطتها المقاتلات التركية على الحدود التركية مع سوريا، حيث تساند كل دولة منهما طرف مناوئا لطرف آخر في الصراع السوري المشتعل منذ سنوات.
* خدمة «واشنطن بوست»
ـ خاص بـ {الشرق الأوسط}



«الغارديان» تتوقف عن نشر محتواها على «إكس»: «منصة إعلامية مسمومة»

العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
TT

«الغارديان» تتوقف عن نشر محتواها على «إكس»: «منصة إعلامية مسمومة»

العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)

أعلنت صحيفة «الغارديان» البريطانية، اليوم (الأربعاء)، عن توقفها عن نشر مقالاتها على حسابها الرسمي في شبكة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، واصفة إيّاها بـ«منصّة إعلامية مسمومة»، حيث تنتشر محتويات «غالباً ما تكون مزعجة»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للصحيفة: «نعدّ أن مساوئ النشر على (إكس) باتت الآن تفوق منافعه».

وأردفت «الغارديان» أنه «من الممكن استخدام الموارد استخداماً أفضل مع الترويج لصحافتنا في موقع آخر».

وأوضحت الصحيفة اليسارية الميول التي يتابعها قرابة 11 مليون مستخدم على الشبكة: «هي مسألة كنّا نفكّر فيها منذ فترة نظراً للمحتويات التي غالباً ما تكون مزعجة، المروّج لها أو الموجودة على المنصّة، بما في ذلك نظريات مؤامرة وعنصرية لليمين المتطرّف».

وأشارت إلى أن «حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية أتت لتعزّز قناعة اتّخذناها منذ فترة طويلة ومفادها بأن (إكس) منصّة إعلامية مسمومة، وأن صاحبها إيلون ماسك نجح في استخدام نفوذه لصوغ ملامح الخطاب السياسي».

والأربعاء، كان وما زال من الممكن النفاذ إلى حساب الصحيفة على «إكس»، لكن رسالة أرفقت به للإشارة إلى «أرشفة الحساب» وإعادة توجيه الزوار إلى الموقع الإلكتروني لـ«الغارديان».

ولفتت الصحيفة إلى أنه سيزال في وسع مستخدمي «إكس» تشارك منشوراتها، وأنها ستضمّن مقالاتها «محتويات من (إكس) بين الحين والآخر» نظراً «لطبيعة تغطية المستجدّات مباشرة».

وأوضحت أنه سيزال أيضاً في مقدور مراسليها استخدام الشبكة وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي لا حسابات لها فيها.

في عام 2022، اشترى إيلون ماسك، وهو أثرى أثرياء العالم، «إكس» المعروفة سابقاً بـ«تويتر» مقابل 44 مليار دولار، وما أنفكّ مذاك يثير الجدل بالنهج المتّبع لإدارة محتوياتها والقائم على رؤية راديكالية لحرّية التعبير ترفض الرقابة بكلّ أشكالها.

وماسك من كبار داعمي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وقد استغلّ حسابه الشخصي على الشبكة الذي يتابعه قرابة 205 ملايين متابع لحشد الأصوات للمرشّح الجمهوري.

وأعلن ترمب، أمس، تعيين إيلون ماسك على رأس وزارة جديدة ستستحدث في عهده المقبل لتعزيز كفاءة الحكومة.