تونس: نجوم الغناء العربي يشاركون في مهرجان قرطاج

كاظم الساهر والشاب خالد ونجوى كرم وسميرة سعيد ولطفي بوشناق ضمن القائمة

سميرة سعيد - لطفي بوشناق
سميرة سعيد - لطفي بوشناق
TT

تونس: نجوم الغناء العربي يشاركون في مهرجان قرطاج

سميرة سعيد - لطفي بوشناق
سميرة سعيد - لطفي بوشناق

سيكون النجم العراقي كاظم الساهر واللبنانية نجوى كرم واللبناني ملحم بركات والمغربية سميرة سعيد والمغربي سعد المجرد والتونسي لطفي بوشناق والجزائري الشاب خالد والنجم التونسي صابر الرباعي ونجم غناء المألوف التونسي زياد غرسة والفنانة التونسية يسرى المحنوش، ضمن قائمة ألمع المشاركين في الدورة 52 التي تنطلق يوم 13 يوليو (تموز) المقبل بالمسرح الأثري بقرطاج وتتواصل حتى يوم 25 أغسطس (آب) المقبل.
ويسهر جمهور المسرح الأثري بقرطاج يوم 15 يوليو المقبل مع الفنانة سميرة سعيد، صاحبة أفضل ألبوم لهذا العام الحاصل على جائزة الموركس الذهبي. وتقدم الفنانة اللبنانية، نجوى كرم، يوم 23 يوليو من الشهر نفسه عرضا بعنوان «روائع نجوى» يتضمن الألبوم الذي صدر خلال هذه السنة إضافة إلى مختارات من إنتاجاتها الناجحة السابقة.
كما تخصص سهرة الأربعاء 27 يوليو لفن الراي مع الشاب خالد الملقب بـ«ملك الراي» وصاحب ما يزيد على 15 ألبوما غنائيا. أما سهرة الجمعة 29 يوليو فيؤثثها الفنان العراقي كاظم الساهر بأغانيه الشاعرية ذات الحساسية الفائقة. ولعشاق الطرب الأصيل موعد في الثاني من أغسطس مع ملحم بركات أحد رموز الزمن الجميل.
وفي قراءة أولى لمختلف المواعيد الفنية اتفق المختصون في النقد الفني ومتابعو الساحة الغنائية التونسية والعربية على أن مهرجان قرطاج الدولي يعود إلى سالف إشعاعه من خلال الاعتماد على مجموعة من نجوم الفن والطرب العربي خلال هذه الدورة الجديدة.
وتفتتح الدورة 52 لمهرجان قرطاج الدولي، يوم 13 يوليو المقبل بالمسرح الأثري بقرطاج من خلال عرض بعنوان «نشيد السعادة» للأوركسترا السنفوني والمجموعة الأوكرانية والمجموعة الأركسترالية لتونس و«أصوات أوبرا تونس» وبمشاركة الفنان لطفي بوشناق، ويشارك في هذا العرض 72 عازفا و52 مردد صوت.
وسيحتفي المهرجان في دورته هذا العام بالفنانة التونسية الراحلة ذكرى في حفل بعنوان «ذكرى» تحييه فرقة الوطن العربي للموسيقى بقيادة الموسيقار التونسي عبد الرحمن العيادي ومشاركة الفنانة الليبية أسماء سليم وغسان إبراهيم وصهيب الحلبي ومنيرة حمدي وأميمة طالب وبحضور الفنان المصري محمد الحلو.
واللافت للانتباه وفق ردود الفعل الأولى على هذه البرمجة، هو تواصل غياب الفنانة التونسية لطيفة العرفاوي على الرغم من صيتها الكبير في تونس والوطن العربي، وفي هذا الشأن أشارت مصادر من وزارة الثقافة التونسية والمحافظة على التراث أن «فيتو» ما زال مرفوعا في وجهها منذ سنوات بسبب تصريحات سلبية نسبت إليها.
وقال مدير مهرجان قرطاج إن «التحدي الأكبر لهذه الدورة التي تأسست بفكرة (كلنا توانسة)، يكمن في تشجيع الفنانين الشبان من خلال توفير الإمكانيات التي تلبي طموحاتهم» وأعلن عن مشاركة 23 إنتاجا تونسيا في فضاء بازليك «سان سيبيريان» الذي تم تهيئته خصيصا للغرض. وأضاف: «سنعمل بداية من الدورة الحالية على تشجيع الفنانين الشبان الذين يحملون مشاريع موسيقية ورؤى جديدة».
ومع التوجه الواضح نحو استقدام أفضل الأصوات الغنائية على المستوى العربي، فإن مهرجان قرطاج لم يبتعد عن توجهه السابق في مشاركة أصوات عالمية وتأثيث أجمل السهرات، إذ برمج العرض الموسيقي «ماديبا» يوم 10 (أغسطس) وهو عبارة عن كوميديا موسيقية تحتفي بـ«نيلسون مانديلا» زعيم جنوب أفريقيا، وتروي من خلال الإيقاعات والأغاني والرقصات الأفريقية قصة نضاله الطويل ضد العنصرية وصولا إلى لحظة الحرية.
كما يواكب عشاق الموسيقى الأفريقية يوم 16 أغسطس، حفلا يؤمنه صوت الفنان تيكن جاه فاكولي من كوت ديفوار.
ولن يقتصر مهرجان قرطاج على العروض الفنية بل سيتم في إطار الدورة 52 تنظيم 9 لقاءات مع مفكرين وفنانين تحمل عنوان «صباحات قرطاج» وهي لقاءات تتخذ شكل حلقات للتفكير والنقاش بخصوص أهم القضايا الثقافية والفنية، وستطرح تساؤلات عدة من بينها «ما الفن الذي نريده للجمهورية الثانية في تونس؟» و«النساء في تونس: الثقافة والواقع» و«كيف نعيد التفكير فيما يتعلق بالكوريغرافيا؟» و«المسألة الأدبية في العروض الفنية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».