ابتهالات وأناشيد دينية تنعش الروح في أزقة القيروان

سهرات وعروض تراثية ضمن فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى الصوفية

مدينة القيروان ذات الصيت الإسلامي الرفيع  يقصدها كبار الشيوخ من المشرق - أغان تراثية تعود إلى منطقة المهدية حضرت فيها موسيقى الناي وإيقاع الطبل  -  جانب من عرض «فاح السر» ضمن فعاليات المهرجان في مدينة القيروان - جميع العروض مجانية تشجيعًا للسياحة في المدينة العريقة
مدينة القيروان ذات الصيت الإسلامي الرفيع يقصدها كبار الشيوخ من المشرق - أغان تراثية تعود إلى منطقة المهدية حضرت فيها موسيقى الناي وإيقاع الطبل - جانب من عرض «فاح السر» ضمن فعاليات المهرجان في مدينة القيروان - جميع العروض مجانية تشجيعًا للسياحة في المدينة العريقة
TT

ابتهالات وأناشيد دينية تنعش الروح في أزقة القيروان

مدينة القيروان ذات الصيت الإسلامي الرفيع  يقصدها كبار الشيوخ من المشرق - أغان تراثية تعود إلى منطقة المهدية حضرت فيها موسيقى الناي وإيقاع الطبل  -  جانب من عرض «فاح السر» ضمن فعاليات المهرجان في مدينة القيروان - جميع العروض مجانية تشجيعًا للسياحة في المدينة العريقة
مدينة القيروان ذات الصيت الإسلامي الرفيع يقصدها كبار الشيوخ من المشرق - أغان تراثية تعود إلى منطقة المهدية حضرت فيها موسيقى الناي وإيقاع الطبل - جانب من عرض «فاح السر» ضمن فعاليات المهرجان في مدينة القيروان - جميع العروض مجانية تشجيعًا للسياحة في المدينة العريقة

حولت الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للموسيقى الصوفية بالقيروان بطحاء سيدي الدهماني القريبة من وسط المدينة، إلى ساحة فرح وسمر يؤلف بين القلوب ويجمع محبي الصفاء الروحي حول أناشيد وابتهالات رددتها الأجيال وحان وقت استحضارها لتضفي صفاء روحيا لا يضاهى.
الدورة الجديدة التي تتنافس مع عدة مهرجانات في تونس تعتمد على المنهج الصوفي، انطلقت رسميا يوم الأحد الماضي وتتواصل حتى الثاني من شهر يوليو (تموز) المقبل.
وبدأت فعاليات المهرجان من خلال سهرة أحيتها عيساوية المهدية (وسط شرق تونس) وقد تغنت بالحبيب المصطفى ورددت أغاني تراثية تعود إلى منطقة المهدية، ولكنها كانت تصب كلها في النهج نفسه، وتأخذ من المعين الصوفي نفسه المحب لله ورسوله وللخير أينما وجد. وحضر الناي والطبل والملابس البيضاء رمز الصفاء والإخاء.
وتتوالى البرمجة التي أعدتها هيئة المهرجان، من خلال عدة عروض موسيقية صوفية، إذ قدم الهادي عينينو عرض «فاح السر»، وعرض «الروحانيون» بمقام سيدي عبيد الغرياني، وعرض «زبرجد» الذي يقدمه عبد الكريم الباسطي على أن يكون الاختتام عرضا صوفيا جماعيا بمشاركة زياد غرسة ببطحاء سيدي الدهماني.
وبالتوازي مع هذه البرمجة الموسيقية، يقدم المصور الفوتوغرافي البرتغالي فالتر فيناغري معرضا يحمل عنوان «أزرق...أخضر... بنفسجي» «بمركز الفنون الدرامية بالقيروان»، من خلال لوحاته جمال مدينة القيروان وتفاصيل حياتها اليومية بألوان زاهية مختلفة الدرجات والأحجام.
وبشأن هذه المظاهرة، قال عبد اللطيف الرمضاني رئيس هيئة المهرجان إن جميع العروض مجانية، وذلك من خلال عودة جميع العروض للفضاءات العامة والساحات العتيقة من خلال تشجيع العروض القيروانية المحلية.
وأكد الرمضاني أن الهدف الأساسي من وراء هذه العروض هو أن يعيد المهرجان إلى أذهان أبناء القيروان العروض الموسيقية المميزة، على حد تعبيره.
وأشار الرمضاني، وهو أستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بالقيروان، إلى أن هذا المهرجان الذي اختار التوجه الصوفي جاء لتلبية رغبة أبناء القيروان في رؤية جدران المدينة وأزقتها تصدع بصدى الموسيقى الروحية والصوفية.
ومثلت مدينة القيروان ذات الصيت الإسلامي الرفيع أرضا يقصدها كبار الشيوخ من المشرق ليقضوا فيها حولين من أجل الاستماع لعوالم الروح والتعلم والتكون في مجال الفقه والعلم والأدب، وهي اليوم ساعية لاسترجاع مجدها التليد.
وتعيش مدينة القيروان خلال شهر رمضان من كل سنة ذروة موسم السياحة الدينية والروحية المعتمدة على التراث والثقافة الروحية، ومن يزور مدينة القيروان في هذه الفترة خاصة، يشعر بوجود مهرجان غير رسمي من خلال الأجواء الدينية المسيطرة على المكان، وذلك من خلال الأناشيد الصوفية التي يطلقها شيوخ المدينة ذائعو الصيت في تونس على غرار علي البراق وعبد المجيد بن سعد ومحمد بن سعد وغيرهم كثير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».