«أسرار العشق» رحلة بحث عن الذات بعيدًا عن المسرح التجاري

مراوحة للنص الشفوي والمرئي في مسرحية للمخرج التونسي حافظ خليفة

المسرحية تشمل مجموعة من ممثلين آمنوا بتجربة حافظ خليفة ورؤيته الفكرية ({الشرق الأوسط})
المسرحية تشمل مجموعة من ممثلين آمنوا بتجربة حافظ خليفة ورؤيته الفكرية ({الشرق الأوسط})
TT

«أسرار العشق» رحلة بحث عن الذات بعيدًا عن المسرح التجاري

المسرحية تشمل مجموعة من ممثلين آمنوا بتجربة حافظ خليفة ورؤيته الفكرية ({الشرق الأوسط})
المسرحية تشمل مجموعة من ممثلين آمنوا بتجربة حافظ خليفة ورؤيته الفكرية ({الشرق الأوسط})

كشف المخرج التونسي حافظ خليفة في مسرحيته الجديدة التي تحمل عنوان «أسرار العشق» المنحى الصوفي الذي اتخذه الأديب والفيلسوف فريد الدين العطار في كتابه «منطق الطير»، الذي حظي بعظيم التقدير والمنزلة الرفيعة بفضل ما قدمه للمكتبة الشرقية من مؤلفات، ومن خلال فكره المتصوف المختلف عن بقية المريدين.
ويشارك في هذا العمل المسرحي الذي انطلقت عروضه يوم 23 يونيو (حزيران) الحالي، مجموعة من ممثلين آمنوا بتجربة حافظ خليفة ورؤيته الفكرية بعيدًا عن المسرح التجاري، ومن بينهم عبد الرحمان محمود والمنجي بن إبراهيم وكمال العلاوي ومحمد توفيق الخلفاوي وخبيب العياري وشيماء توجان وكمال زهيو ومحمد وسام كريدان وحسن المي. أما النص فهو للمسرحي إبراهيم بن عمر، والدراماتورجيا وإعادة الصياغة لمحفوظ غزال، والسينوغرافيا والإخراج لحافظ خليفة ويساعده في الإخراج أيمن السعيداني، أما تصميم الإنارة وتنفيذها فهو لرشاد باللحم، وفي تصميم وحياكة ملابس آمال الصغير وفي القيافة مفيدة المرواني.
وتقود مسرحية «أسرار العشق» المتفرج ضمن رحلة في عوالم العشق الإلهي وأسراره، والبحث عن الذات القادرة على تحديد كنه الوجود الإنساني، وولوج إلى دنيا الصوفية للبحث عن الذات الإلهية انطلاقًا من الذات الإنسانية بنفس مسرحي تجريبي معاصر. واعتمد حافظ خليفة الذي يبحث عن رؤية مختلفة في عالم المسرح في عملية الإخراج على منحى تجريبي، وذلك من خلال المراوحة بين النص الملفوظ الشفوي والنص المرئي المشاهد، من خلال الاعتماد على مشاهد كوريغرافية.
وفي هذا الشأن، قال الناقد الفني حافظ الشتيوي إن مسرحية «أسرار العشق» تعبر عن تمازج بين اللعبة الجسدية واللعب على التقنيات المشهدية المعاصرة، باعتماد كلي على الإنارة المشهدية الثابتة والمتحركة وخيال الظل الثابت والمتحرك.
وقد وافق خليفة، فريد الدين العطار، في اعتباره الطريق الصوفي وسيلة لضبط النفس وطريقًا للمجاهدة، وغاية لإدراك ما خفي من أسرار، وهذا الأمر لن يدرك إلا من خلال المناجاة والمدح وذم التعصب.
ويوظف خليفة نطق الطيور بأفكار البشر للتعبير عن اختلاف البشر فيما بينهم، وجعل الطيور تسعى جاهدة حتى تدرك الاتصال بالله، من خلال رحلة بحث عن الطير الخرافي أو الطير المنشود في رؤية مجازية، حيث تقود الرحلة طائر الهدهد الذي قاد سليمان الحكيم إلى ملكة سبأ، فتطول الرحلة ويتراجع عدد كبير من الطيور تحت أعذار مختلفة، بحيث لا يبقى في نهاية المطاف سوى 30 طائرًا، تقرر الاستمرار في رحلة البحث وهؤلاء يمثلون من الناحية الرمزية، الصوفيين الثلاثين الذين يصرون على مواصلة الرحلة، تابعين الهدهد، قاطعين الفيافي والتضاريس. أما الوديان السبعة التي ترمز هنا إلى مراتب الوصول الصوفي السبع، فهي: وادي الطلب ووادي العشق ووادي المعرفة ووادي الاستغناء ووادي التوحيد ووادي الحيرة، وأخيرًا وادي الفقر والغناء، الذي هو أصعب الوديان وآخرها، فإذا ما تمكنت الطير من اجتيازه، وصلت إلى مبتغاها ونالت رضاها.
ووفق متابعين لمسيرة حافظ خليفة الإبداعية، فقد واصل من خلال مسرحية «أسرار العشق» غوصه في التراث العربي، كاشفًا عن كنوز أدبية ومنارات فكرية وإبداعات لامست الفكر الإنساني، وهو بذلك يدغدغ الفكر ويرحل بالمتفرج إلى عوالم مختلفة تدعوه للمشاركة في التفكير، عوضًا عن الاستهلاك السلبي للأعمال الإبداعية.
وعرف خليفة نجاحات سابقة في مسرحيات حملت عناوين بمثابة الرسائل على غرار «طواسين» و«مراحيل» و«زنازين النور» و«برزخ» و«السقيفة» ليصل إلى «أسرار العشق».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».