رمضان.. شهر الاندماج في ألمانيا

الجالية المسلمة تكرسه لخدمة اللاجئين بمختلف مدن البلاد

مائدة إفطار يسودها التعايش في ألمانيا ({الشرق الأوسط}) - رئيس الجمهورية يواخيم غاوك وزوجته في إفطار أقامه اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية ببرلين (د.ب.أ)
مائدة إفطار يسودها التعايش في ألمانيا ({الشرق الأوسط}) - رئيس الجمهورية يواخيم غاوك وزوجته في إفطار أقامه اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية ببرلين (د.ب.أ)
TT

رمضان.. شهر الاندماج في ألمانيا

مائدة إفطار يسودها التعايش في ألمانيا ({الشرق الأوسط}) - رئيس الجمهورية يواخيم غاوك وزوجته في إفطار أقامه اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية ببرلين (د.ب.أ)
مائدة إفطار يسودها التعايش في ألمانيا ({الشرق الأوسط}) - رئيس الجمهورية يواخيم غاوك وزوجته في إفطار أقامه اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية ببرلين (د.ب.أ)

وفد إلى ألمانيا في الأشهر الماضية أكثر من مليون شخص، ويشكل المسلمون من سوريا والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها غالبيتهم. وفي حين تنهمك المنظمات الخيرية الكنسية بقوة في المساعدة في الترجمة وتوفير المساكن وجمع التبرعات، تكرس المنظمات الإسلامية شهر رمضان في ألمانيا لتعزيز العلاقات مع اللاجئين وتذليل صعوبات العيش، في القاعات المشتركة، وفي الملاعب المغلقة، وفي المخيمات.
وفتحت المساجد والجمعيات الإسلامية أبوابها طوال شهر الصوم أمام اللاجئين للتمتع بوجبات إفطار منوعة تلي يومًا طويلاً من الصيام ينتهي مع غروب الشمس في العاشرة مساء. وفي هذا العام، اتفقت كل المؤسسات والجمعيات الإسلامية الكبيرة، وخصوصًا اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية، والمجلس الأعلى للمسلمين، على أن يكون رمضان شهر التآخي بين الأديان، وشهرًا مباركًا لدمج اللاجئين. وهكذا يقيم اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية حفلات إفطار في المسجد الكبير في كولون يحضره أكثر من ألف مسلم ولاجئ مسلم يوميًا. ورفع المجلس الأعلى للمسلمين شعار «نرعى اللاجئين»، وفضلاً على دعواته لموائد الإفطار السنوية المشتركة مع ممثلي الديانات الأخرى، فتح أبوابه هذا العام أمام اللاجئين من كل الأديان والمعتقدات.

«رمضان شهر الاندماج»

ويقيم اتحاد الجمعيات الإسلامية الليبرالية، الذي تدعمه مؤسسات إسلامية مسيحية ويهودية، موائد الإفطار للاجئين في كنيسة لوثر في كولون. وهي حفلات اندماج يحضرها، إضافة إلى اللاجئين، ممثلون عن الديانات الأخرى في ألمانيا. وقالت ربيعة موللر إن الموائد تقام في الحوش الداخلي للكنيسة تحت شعار «لاجئ - أخ - صديق»، وتنتهي دائمًا بعلاقات وصداقات جديدة.
في شرق ألمانيا، وفي مسجد هالة، تقيم الجمعية الثقافية الإسلامية في المدينة، موائد إفطار جماعية للاجئين يحضرها من 150 إلى 250 شخصًا كل يوم. وقال جميل اميلال إن فروع الجمعية في 5 مدن ألمانية تحذو حذو الجمعية في هالة، ويحضرها لاجئون من سوريا إلى الصومال وأفغانستان. وأضاف أن موائد الإفطار أصبحت منبرًا للاندماج في ولاية سكسونيا أنهالت.

«شهر واحد.. مجتمع واحد»

وتحت شعار «شهر واحد.. مجتمع واحد» تقيم جمعية الشباب المسلم في ألمانيا (برلين) سلسلة من موائد الإفطار في كل ألمانيا. وهي مناسبات، وفق تعبير رئيس المنظمة بلال كياني، لتعلم اللغة ومعالجة مشكلات اللاجئين في النهار، وموائد إفطار جماعي في المساء. وأضاف كياني أن المهم بالنسبة لهم أن يفهم الشباب المسلمون الجدد أنهم يعيشون في مجتمع متعدد الثقافات، وأن عليهم الاندماج في هذا المجتمع. وفضلاً على موائد الإفطار الحافلة، التي تبدأ بالتمر وشوربة العدس وتنتهي بالبقلاوة، والتي تقيمها الجمعيات الإسلامية الكبيرة بعنوان «مساعدة اللاجئين»، تجلب النظر محاولات فردية للمساعدة في شهر رمضان. منها بادرة السيدة البوسنية الأصل نادرة ميكيتش التي تعمل متطوعة في مجال الترجمة للاجئين في ميونيخ. إذ تقيم ميكيتش، بدعم من متطوعين آخرين، موائد إفطار لعشرات اللاجئين يوميًا بدعم من متبرعين. وتقول ميكيتش إنها اتصلت بكثير من المطاعم التركية الذين وفروا موائد إفطار عظيمة. تبرعت منظمة إسلامية بتوفير قاعة للإفطار في مبناها، وتبرع تركي بمطبخ مطعمه للمساعدة في تحضير الإفطار.

اتحاد كرة القدم الألماني
يلعب بفتوى من الأزهر
ولا بد من مكان لكرة القدم، وألعاب القوى الأخرى، في رمضان بحكم كثرة الرياضيين المسلمين الذين يلعبون باسم ألمانيا. وهناك 4 لاعبين دوليين يلعبون ضمن «المانشافت» الذي يقوده يوغي لوف، وهم: ايمره شان ومسعود أوزيل (من أصول تركية) وشكوردان مصطافي (من أصل ألباني) وسامي خضيرة (من أصل تونسي). وبعد تعدد الفتاوى في السنوات الأخيرة حول جواز الإفطار من عدمه بالنسبة للاعبين، استحصل اتحاد كرة القدم الألماني على فتوى من جامع الأزهر في القاهرة بإمكانية إفطار اللاعبين خلال دورة كأس أوروبا لكرة القدم، بشرط تعويض ذلك لاحقًا، وبشرط تقديم المساعدات والتبرعات للفقراء. وهي فتوى يؤيدها المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الذي يرى في لعب مباراة كرة القدم جهدًا لا يقل عن الجهد المسلط على عامل يعمل قرب فرن صهر الحديد.
ومعروف أن اللاعبين الأربعة يتبعون هذه الفتوى التي أيدها اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية أيضًا، إلا أن الألباني ميرغم مافراي، الذي يمثل منتخب بلاده في مونديال باريس، ويلعب في صفوف نادي ف. س. كولون الألماني، يرى غير ذلك. ويقول مافراي إن رمضان بالنسبة إليه أهم من مونديال كرة القدم رغم أن بعض زملائه يختلف معه في هذه النظرة.
ومعروف، حتى الآن، أن مدافع الوسط مافراي لعب بكفاءة عالية ضد سويسرا ورومانيا رغم صيامه، وجلبت قدراته الرياضية أنظار نوادي أوروبا الكبيرة.
وعلى أي حال، أصبح شهر رمضان في ألمانيا هذا العام انعكاسًا للمشكلات الأساسية التي تواجه المجتمع، وخصوصًا قضية الاندماج، ومواجهة ارتفاع المد اليمني، وتداعيات «زعل» الجالية التركية من قرار البرلمان الألماني بإدانة جرائم العثمانيين ضد الأرمن. وهكذا في حين تفتح المساجد أبوابها طوال الشهر لإقامة وجبات الإفطار المشتركة مع الألمان (المسيحيين)، ألغى اتحاد الجمعيات الإسلامية التركي وجبة إفطار يحضرها رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت احتجاجًا على قرار البرلمان.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.